المولد والنشأة[1]

العلامة المشارك الفقيه المفتي المربي حسن بن العرَبي بن السعيد بن عبد القادر بن عبد الوافي الهلالي، ولد عام 1351هـ / 1932م بدوار “المحروك” فخذة بني هلال، دائرة فم زگيط، عمالة إقليم طاطا حاليا. ولمّا بلغ سن التمييز أدخل الكتّاب على عادة أبناء جيله، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم على الفقيه سيدي محمد الشافعي، ثم أتم حفظه على سيدي المدني التزنيتي بزاوية ابن يعقوب، والشيخ الفقيه سيدي إبراهيم وكَاك الأوزديني بزاوية سيدي عبد الله أومحمد، والفقيه سيدي الحنفي التحدوتّي الأماسيني الذي استكمل عنده ضبط القرآن الكريم وبعض أمهات المتون في اللغة والفقه. فضلا عن والده الذي كان ملازما له في تنقلاته كلما شارط في دوّار من الدواوير.

الرحلة في طلب العلم

التحق مترجمنا بمراكش سنة 1948م ليبدأ مسارا علميا مباركا، فكان أول من أخذ عنهم العلامة محمد المختار السوسي حيث تلقى عنه دروسا في التاريخ بكلية ابن يوسف، وعلم أصول الفقه وصحيح البخاري بمسجد باب دكالة قبالة الزاوية الواقعة بحي الرميلة التي كانت مقر إيوائه وسكناه صحبة عدد من الطلبة الآفاقيين الذين كان الفقيه المختار يؤويهم وينفق عليهم. كما أخذ عن أخيه العلامة عبد الرحمان الدرقاوي فصولا من كتاب العاصمية، وعن الشيخ أحمد توفيق الوفقاوي علم النحو والعربية، وعن الشيخ سيدي أحمد عفيف الباعمراني علم النحو والصرف وإعراب القرآن الكريم وتحفة ابن عاصم، وعن الشيخ الفقيه الحسين وكاك التزنيتي مبادئ علم المنطق، وعن الشيخ محمد عصامي منظومة الزواوي، وعن الشيخ امحمد البرهومي لامية الأفعال، وعن الشيخ أحمد الوثيق الباعمراني ألفية ابن مالك.

الالتحاق بالدار البيضاء

هاجر مترجمنا إلى مدينة الدار البيضاء ليلحق بشيخه العلامة محمد المختار السوسي الذي غادر مراكش بعد أن ضيقت عليه سلطات الاستعمار الفرنسي سنة 1950م، فنزل عنده في بيته الذي خصص طابقه السفلي للطلبة، ثم واصل حضور دروسه التي كان يلقيها بمسجد ابن جلون بدرب ابن العالية قرب قيسارية الحفاري، وكان قد اختاره من بين الطلبة ليسرد عليه صحيح البخاري. وبعد اعتقال الفقيه المختار السوسي اضطر مترجمنا للبحث عن وظيفة، فاشتغل بالمعاهد الحرة التي أسسها رجالات الحركة الوطنية، فالتحق بمدرسة التهذيب بدرب الشرفاء، ثم التحق بالتعليم الحكومي ليعمل بالسلك الابتدائي، وفي 26 نونبر سنة 1963م التحق بثانوية مولاي عبد الله منتدبا بالتعليم الثانوي وقضى فيها سنتين، ليتفرغ بعدها للعمل برابطة علماء المغرب التي كان يرأسها حينذاك العلامة عبد الله كنون مع العمل أستاذا بالمعهد الإسلامي لتكوين الأطر بالدار البيضاء.

مشاركاته العلمية والدعوية

لم يمنعه اشتغاله بالتدريس بالمعهد الإسلامي لتكوين الأطر الذي درّس فيه النحو والفقه وعلوم الحديث والإرث… عن مواصلة تحصيله العلمي، حيث التحق سنة 1966م بكلية الشريعة –جامعة القرويين– بفاس ليواصل تعليمه العالي ويأخذ هناك عن أساتذة كبار منهم السادة العلماء: علال الفاسي، وجواد الصقلي، ومحمد بن عبد السلام الطاهري، وعبد العزيز بن الخياط، ومحمد كسوس، ومحمد العابد الفاسي، والدكتورة المصرية عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ. وقد أمضى في رحاب هذه الكلية أربع سنوات حصل إثرها على شهادة الإجازة العليا سنة 1969م. وخلال الموسم 1970/ 1971 التحق بدار الحديث الحسنية بالرباط، حيث درس على يد مشايخ كبار أمثال: الرحالي الفاروق، وعباس لمراني، وعبد الرحمان لغريسي، وعلال الفاسي، وعبد العزيز بن عبد الله، وحماد الصقلي، والفقيه الكرسيفي، والمكي الناصري وغيرهم، ليحصل بعد سنتين على دبلوم الدراسات العليا. كما أبلى البلاء الحسن من خلال تواجده في عدد من المجالس العلمية منذ أن كان عضوا في المجلس العلمي الإقليمي للدار البيضاء إلى أن صار رئيسا للمجلس العلمي لعمالة مقاطعات عين الشق.

شيمه وأخلاقه

اشتهر مترجمنا عند زملائه وتلامذته بدماثة أخلاقه وتواضعه وتهيبه من الظهور في المحافل، فضلا عن جديته وانضباطه وتضحيته وتفانيه في أعماله العلمية والإدارية. ولا زال مترجمنا حفظه الله يؤدي دوره العلمي والتربوي والتوجيهي إلى يوم الناس هذا.

وقد جمع مترجمنا خطبه في كتاب من جزأين اختار له عنوان: “ديوان الخطب الميسرة في العبادات والمعاملات والمناسبات الدينية والوطنية”.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص 67-69.