المحتويات
المولد والنشأة[1]
الفقيه العلامة المشارك الأصولي النحوي الشريف القاضي سيدي محمد بن عبد الله بن الصادق العلوي الهاشمي، ولد بمدغرة سنة 1337هـ/ 1918م، ولما بلغ مبلغ التمييز أدخل الكتّاب، وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم. وبعد إتقانه القرآن الكريم لفظا ورسما، قرأ بعض الدروس الإبتدائية كالألفية بالمكودي ولامية الأفعال والمرشد المعين على بعض علماء المنطقة منهم الفقيه سيدي علال الزرهوني القصري والفقيه سيدي عبد السلام المكناسي.
الرحلة في طلب العلم
وعندما اشتد عوده ارتحل إلى فاس بقصد متابعة دراسته العلمية ودخل إليها سنة 1349هـ/ 1930م، وتربع بين أحضان شيوخ جامعة القرويين، وأخذ عن الفقيه سيدي العباس البناني التحفة بالشيخ التاودي بن سودة، وعن الفقيه سيدي الراضي السناني علم العروض والألفية بابن عقيل والخضري، وعن الفقيه سيدي العباس المسطاري المكناسي الألفية بالمكودي والموضح والتحفة بالشيخ التاودي السودي، وعن الشريف الفقيه سيدي الحسين العراقي الألفية بالماكودي والموضح والمختصر بالخرشي، وعن الشريف الفقيه سيدي مولاي عبدالله الفضيلي المختصر بالزرقاني وجمع الجوامع بالمحلى، وعن الفقيه القاضي سيدي عبد الرحمن الغريسي كتاب المفصل في النحو لجار الله الزمخشري ومغني اللبيب لإبن هشام الأنصاري، وعن الأستاذ الفقيه الزعيم سيدي علال الفاسي نور اليقين وإتمام الوفاء ومختصر صحيح البخاري للزبيدي المسمى التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. وعن الفقيه القاضي سيدي محمد السائح الرباطي الزقاقية بالشيخ التاودي ابن سودة بالقرويين كل صباح وسنن أبي داوود بين العشاءين، كما طرق باب منزل الشيخ سيدي عبد الواحد العلوي بمدرسة الصفارين ليتعلم فيها ألفية ابن مالك الطائي.
وخلال هذه الفترة كان ينتقل من منزل إلى منزل ومن مسجد إلى مسجد كلما سمع عن درس أو عن شيخ إلى أن تأسس أول نظام دراسي بمعهد القرويين الزاهر حيث انخرط في صفوف طلابه سنة 1350هـ/ 1931م، بالطبقة الأولى من المرحلة الثانوية، ودرس على الفقيه الميقاتي الفلكي فريد دهره سيدي امحمد العلمي رسالة المارديني وحل العقدة عن مقاصد العمدة، وأخذ عن الفقيه سيدي عمر بن سودة محاضرات الخضري في التاريخ، وعن الفقيهين سيدي ادريس المراكشي وسيدي محمد بن عثمان الشامي التحفة بالشيخ ميارة الفاسي، وأخذ عن سيدي عبد العزيز ابن الخياط الزكاري متن السنوسية في العقائد، وعن الفقيه الشريف سيدي محمد بن عبد الرحمن العراقي مقامات الحريري، وعن الفقيه سيدي محمد أشرقي التلخيص بمختصرالسعد في علوم البلاغة، وعن الفقيه مولاي العباس الأمراني التلخيص بمختصر السعد. وأخذ كذلك عن العلامة الفقيه سيدي محمد بن امحمد ابن ابراهيم مفتاح السنة ومختصر ابن أبي جمرة في الحديث ومنظومة البيقونية في اصطلاح الحديث، وعن الفقيه الصوفي سيدي محمد بن محمد بن عبد القادر السودي تفسير الجلالين، وعن الشريف سيدي عبد الواحد العلوي المعلقات السبع، وأخذ عن الفقيه مولاي أحمد بن محمد بن عبدالله الصقلي إتمام الوفاء للشيخ الخضري، كما تعلم دروس التاريخ الإسلامي عن الفقيه سيدي أحمد الشرادي.
إسهامه العلمي والدعوي والوطني
أسس المترجم رحمه الله باقتراح من قادة الحركة الوطنية مدرسة بمدينة العيون الشرقية سنة 1356هـ/ 1937م، وأدارها بحنكة واقتدار إلى أن أغلقتها سلطات الاستعمار الفرنسي، وألقي عليه القبض وسجن بسجن عين قادوس بفاس شهرا، ثم نقل إلى گلميمة نواحي مدينة الرشيدية وبقي هناك سجينا مدة سنة كاملة. ثم رجع رحمه الله بعد ذلك إلى فاس وهو لا يتجاوز العشرين من عمره، ليستأنف دراسته العلمية بنظام كلية القرويين، فدرس بالقسم النهائي الشرعي على الفقيه المحقق الدراك سيدي الطائع ابن الحاج السلمي المختصر بالزرقاني وتنقيح القرافي في الأصول ومقدمة جمع الجوامع بالمحلى، وعن أخيه الفقيه سيدي محمد ابن الحاج السلمي تفسير ابن كثير، وصحيح البخاري بالقسطلاني عن الفقيه سيدي الحسن مزور، وأخذ كذلك عن الفقيه الفهامة سيدي محمد الجواد الصقلي بداية المجتهد والمختصر بالزرقاني، وسار على هذا النهج في دراسته إلى أن أحرز على الشهادة العالمية سنة 1361هـ/ 1942م. كما أجازه العلامة الفقيه سيدي الرحالي الفاروق إجازة سند كتابة، لما له من براعة في الفقه والنحو والأصول والبلاغة والعلوم الشرعية.
الوظائف التي شغلها
بعد حصول مترجمنا على شهادة العالمية عين نائبا لقاضي وادي زم آنذاك الشريف الفقيه مولاي إدريس بن علي العلوي لمدة تسعة شهور، فقام إلى جانب مهامه القضائية، بتدريس رسالة ابن أبي زيد القيرواني بأحد مساجد المدينة كل يوم ثلاثة دروس: يلقي واحدا في الصباح الباكر، وآخر في الساعة الحادية عشر، وآخر بين العشائين. ليلتحق بعدها بمدينة الدار البيضاء في شعبان 1362هـ/ 1943م، ويشغل منصب مدير المدرسة العبدلاوية الحرة بالمدينة القديمة، إلى أن عيّن بسلك القضاء مرة أخرى بمدينة آزرو سنة 1376هـ/ 1956م، ثمّ قاضيا للتوثيق بمكناس سنة 1381هـ/ 1961م، ولم ينقطع عن أداء دوره التعليمي والدعوي، فكان خلال مقامه بمكناس خطيبا وواعظا ومدرّسا بكل من جامع إيران بحمرية المدينة، والجامع الكبير بالمدينة القديمة.
مقامه بالدار البيضاء
عاد مترجمنا إلى مدينة الدار البيضاء ليعمل قاضيا للتوثيق في 10 رجب عام 1391هـ/ 1971م، ثم مستشارا بمحكمة الإستناف، ثم مستشارا بالمجلس الأعلى بالرباط مع التكليف بقضاء التوثيق بالبيضاء، وخلال هذا المقام كان قائما بإملاء دروس قبل صلاة الجمعة بالجامع المحمدي واليوسفي ودار المخزن بوسمارة في المدينة القديمة، وفي جامع عين الشق العتيق، ثم عين أول رئيس للمجلس العلمي الإقليمي لولاية الدار البيضاء الكبرى بظهير شريف عدد322/81/1 بتاريخ 10 رمضان 1401هـ الموافق 12 يوليوز 1981م.
كفاحه الوطني
ومن الذكريات التي كان فقيهنا يحكيها، حضوره استشهاد العلامة الأديب محمد القري رحمه الله في سجن گلميمة بعدما ألقي عليه القبض بفاس عام 1356هـ/ 1937م، رفقة ععد من إخوانه الوطنيين من السجناء السياسيين الذين كانوا يعانون من سياط التعذيب والتنكيل ما لا يطاق، وقضوا في معتقل عين القادوس مدة شهر كامل، ونقلوا إلى گلميمة عمالة قصر السوق “الرشيدية” بالصحراء وبقوا بها مدة عام.
يحكي كيف تم نقله إلى قصر السوق (الرشيدية) بحراسة شخصين من الدرك، وقد بات معهما في مكناس وفي اليوم الموالي تابع سفره صحبتهما وكان مقيد اليدين، ولما أدخله الدركيان إلى رئيس الدائرة أرسله إلى الحداد فوضع قيدا على رجليه، وكان اليوم يوم السبت والحداد يهودي فلم يتمكن من إزالة القيد في يديه لأن اليهود لا يوقدون النار يوم السبت، فبقي الفقيه محمد القري تلك الليلة مقيد اليدين والرجلين، فلما التقى بالسجناء كانوا كلهم مقيدي الأرجل وصار يرقص ويقول لهم: “أنا عندي الدمالج والخلاخل وأنتم عندكم غير الخلاخل”.
الهيئات العلمية التي عملت تحت رئاسته:
الهيئة الأولى:
– سيدي محمد بن عبدالله العلوي الهاشمي رئيسا
– الفقيه الزبير التفراوتي الحسني عضوا
– الفقيه محمد مفضال السرغيني عضوا
– الفقيه أحمد التباع عضوا
– الفقيه حمزة الإدريسي الحسني عضوا
– الفقيه مولاي الطيب الطاهري عضوا
– الفقيه مولاي عبد الله صوصي علوي عضوا
– الفقيه حسن أمين الهلالي عضوا
وبعد وفاة جل السادة الأعضاء ، أصبحت الهيئة العلمية للمجلس العلمي كالتالي:
الهيئة الثانية:
- سيدي محمد بن عبدالله العلوي الهاشمي عضوا
- الفقيه مولاي عبدالله صوصي علوي عضوا
- الفقيه حسن أمين الهلالي عضوا
- القاضي الحاج مسعود الحريزي عضوا
- الأستاذ رضوان بن شقرون عضوا
- الأستاذ عمر محسن عضوا
- الدكتور عبداللطيف الشادلي عضوا
- الأستاذ محمد الشاتي عضوا
- الأستاذ حسن البناني عضوا
وفاته
انتقل العلامة العلوي إلى عفو الله تعالى صباح يوم الأربعاء 22 ربيع الأول عام 1412هـ/ 2 أكتوبر 1991، وأقبر بروضة الشهداء بعد صلاة العصر، وكانت جنازته جنازة مشهودة حضرها جمع غفير يتقدمهم حشد من العلماء والدعاة والسياسيين والمنتخبين.