المولد والنشأة[1]

الفقيه العلامة اللغوي المفسر الأديب الشاعر حمزة بن الطيب بن القاسم بن الطيب بن محمد بن الطيب، ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسن بن فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. ولد بمكة المكرمة يوم الأربعاء فاتح رجب 1339هـ / 1920م، وعاد إلى بلده المغرب رفقة أسرته سنة 1927م حيث استقر بهم المقام بمدينتي الرباط وسلا. حفظ القرآن الكريم على يد الفقيه سيدي محمد الصغير ثم استظهره كاملا على الفقيه سيدي الصديق الشدادي بالمدرسة المعطاوية.

تعليمه

التحق المترجم بالمدرسة المعطاوية (نسبة إلى الشيخ المعطي بن صالح الشرقي صاحب “ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج”) بالرباط ليدرس على يد الفقيه سيدي الصديق الشدادي علوما كثيرة، ومعارف مختلفة في النحو والبلاغة والتفسير والحديث والفقه والمنطق وغيرها من علوم العصر التي كانت تدرس حينذاك. وكُتب له أن ينهل من معين الفقيه الحاج محمد بن عبد الله فدرس عليه المرشد المعين وبلوغ المرام وتحفة الأحكام والشمائل المحمدية، كما درس على الفقيه العلامة شيخ الإسلام سيدي محمد بن العربي العلوي أجزاء من مختصر الشيخ خليل، والموطأ، وجمع الجوامع، ومقامات الحريري. وسمع من الفقيه سيدي محمد الروندة أوائل التلخيص، وشيئا من مختصر الشيخ خليل. ودرس على يد العلامة الفقيه سيدي المدني بن الحسني تفسير القرآن الكريم، وصحيح البخاري، وجمع الجوامع، والقوانين الفقهية لابن جزي، والتنقيح للقرافي، كل ذلك في عشر سنوات قضاها متنقلا بين مدينتي الرباط وسلا. فلما اشتد عوده، شد الرحال إلى مدينة فاس حيث التحق بجامع القرويين، فكتب له أن ينهل من معين علماء كبار أمثال: سيدي محمد بن عبد القادر ابن سودة، وسيدي محمد السايح الرباطي، وسيدي محمد بن عبد الرحمان العراقي، وسيدي الجواد الصقلي، وسيدي عبد العزيز الخياط، وسيدي عبد الله الفضيلي العلوي وغيرهم.

نشاطه العلمي والدعوي

يمكن تصنيف النشاط العلمي والدعوي لمترجمنا إلى ثلاث مراحل:

1 ـ مرحلة أبي الجعد (يجعد) التي حل بها سنة 1362هـ/1943م، حيث أسس بها معهدا لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس بعض العلوم الشرعية، واتخذ من أحد مساجدها مركزا لتقديم دروس التفسير، ثم ما لبث أن اعتقل رفقة عدد من الوطنيين ولقي صحبتهم أصنافا من الاضطهاد والتنكيل بلغت حد الأشغال الشاقة.

2 ـ مرحلة بلدة أرشيدة قرب مدينة كرسيف، حيث بنو عمه ومقر أجداده، فكان له فيها نشاط علمي وتربوي، فدرّس في مسجدها الجامع ووعظ، وكانت أكثر دروسه في تفسير القرآن الكريم حيث يذكر أنه فسر من سورة الأعلى إلى سورة الانشراح، فامتدت إليه يد الاستعمار من جديد فاعتقل وأودع سجن أمعريجة، ولم يغادره إلا بتدخل الشريف سيدي ابن الهادي أحد أعيان المنطقة.

3 ـ مرحلة الدار البيضاء، التي حل بها سنة 1366هـ/1946م بعد ثلاث سنوات قضاها بين أبي الجعد وأرشيدة، ويمكن اعتبار هذه المرحلة الأكثر عطاء، والأبلغ أثرا، فقد حلّ بها استجابة لدعوات كريمة من بعض أصدقائه ومعارفه، فسكن بزنقة آسفي بالمدينة القديمة، وعيّن خطيبا ومدرسا بمسجد السوق بباب الكبير. فكانت دروسه العامة أيام الجمعة والسبت والأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء قبل صلاة العصر وبين العشاءين. أما الدروس الخاصة فكان يلقيها بمدرسة توجد بدرب الدجايجية بالمدينة القديمة خارج سور باب مراكش. وقد درّس كتاب الموطأ، والرسالة، والمرشد المعين، وصحيحي البخاري ومسلم، والأربعين النووية، ورياض الصالحين، والشمائل المحمدية، ونور اليقين، والشفا بتعريف حقوق المصطفى، فضلا عن التفسير الذي شغل حيزا كبيرا في برنامجه العلمي.

إجازاته وآثاره

أجاز مترجمَنا عدد من الشيوخ نذكر منهم:

ـ الفقيه الحاج مجمد بن عبد الله القاضي بالرباط.

ـ الشيخ عبد القادر حواري المدني.

ـ المحدث عبد الرحمان بن أبي شعيب الدكالي.

ـ الشيخ سالم بن أحمد بن جندان الحسيني الأندونيسي..

وقد خلف المترجم كراريس دوّن فيها بعض الوقائع من حياته، لعلها ترى النور محققة من طرف بعض تلاميذه.

وفاته   

توفي رحمه الله تعالى بالدار البيضاء يوم الجمعة 10 من شهر أكتوبر سنة 1986، وصلى عليه صلاة الجنازة الفقيه العلامة سيدي محمد بن عبد الله العلوي الهاشمي بعد صلاة العصر بمسجد السوق بباب الكبير بالمدينة القديمة ودفن بمقبرة أهل فاس.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص: 96- 99.