المولد والنشأة[1]

الأستاذ محمد بن علي الحمداني الحياني العمراني، ولد بدوار عين القرع بقبيلة الحياينة في إقليم تاونات سنة 1954م، حفظ القرآن على شيوخ منطقته: أمثال الشيخ الحاج بن قاسم المرنيسي، والفقيه محمد الدّكّ البكلاني، والفقيه أحمد اللبار الفاسي، والفقيه إدريس الأزمي، وتلقى علوم اللغة والفقه على الشيخ عبد الله العلاوي، وأجازه في الإمامة والخطابة العلامة عبد الكريم الدودي، ثم اشتغل بمسقط رأسه يؤم الناس ويعلمهم مبادئ دينهم.

الرحلة إلى الدار البيضاء

هاجر محمد الحمداني إلى مدينة الدار البيضاء سنة 1988م، طلبا لكسب الرزق وبحثا عن لقمة العيش، فزاول التجارة مدة، يطوف بسلعه بين مدن المملكة لعرضها على الراغبين. لكن نفسه التواقة إلى الأعالي دفعته إلى أن يشتغل بأربعة أعمال، ويمتهن أربع وظائف، كل واحدة منها تحتاج إلى عمر مستقل، وقل أن يجمع بينها فرد واحد في وقت واحد.

– الأولى: التجارة، وقد زاولها بهمة عالية، ونشاط متواصل، وحذق نادر، فنافس كبارها، وزاحم المتفرغين لها، ولازال إلى اليوم مشتغلا بها.

– الثانية: الدراسة، وقد برع في الشعر وأوزانه، وتعلم أحكامه على يد الأستاذ الدكتور محمد علي عطفاي، حتى انساب له الشعر انسيابا، وصار ينظم فيه المنظومات العلمية، والقصائد في المناسبات الوطنية والدينية، فتكون لديه مجموع كبير من المنظومات العلمية، طبعت في مجلد ضخم، واكتمل له ديوان شعر أعدّه للطبع، ولازال إلى اليوم يتأبط حقيبته، ويطوي الركب بين يدي العلماء للتروي من مختلف العلوم، وزار عددا من العلماء في الشمال والجنوب فأجازوه، واستحسنوا بعض إنجازاته العلمية التي عرضها عليهم.

– الثالثة: التأليف والنظم، وقد أنتج إلى اليوم عدة مؤلفات نظما ونثرا، وآخر إنتاجه: منظومة جمع فيها تسعين فعلا من الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، أحصاها من كتاب الله تعالى، وهي من ابتكاراته غير المسبوقة. وقد لعب عدد من السادة الأساتذة والعلماء دورا بارزا في خوضه لهذا المسار، وخاصة الأستاذ العلامة إبراهيم التامري، والعلامة صالح الإلغي، والدكتور محمد علي عطفاي، والشيخ عبد الرحمان عليوي، والأستاذ الحسين مفراح، والفقيه المختار وعدي وغيرهم.

– الرابعة: التدريس، حيث جمع حوله مجموعة من طلبة العلم، ودرسهم بعض العلوم النحوية والصرفية، فاستفاد منه خلق كثير، وخاصة في المركز الديني بالقريعة –بالدار البيضاء.

أخلاقه وشمائله

إلى جانب هذا يتحلى الرجل بأخلاق عالية من أبرزها: الجود والكرم والتواضع وخفض الجناح، واحترام العلماء وتوقيرهم، واستغلال الوقت وعدم إهداره فيما لا يفيد، إلى جانب كونه تاجرا ناجحا، فهو فقيه متمكن، وخطيب مفوه يعتلي المنابر في المناسبات، وشاعر ينظم عويص المسائل المختلفة.

إجازاته

تحت يد مترجمنا إجازات شيوخ وأساتذة من مختلف وطننا الجبيب نذكر كنهم: العلامة  ابراهيم إد ابراهيم التامري، والعلامة المختار أوعدي، والعلامة الدكتور محمد علي عطفاي، والعلامة الحاج أحمد بن الحاج المدني بونو، والعلامة سيدي صالح بن عبد الله الإلغي الذي اخترنا من نص إجازته ما يلي: “…وقد أجزت لك أيها الأخ الصفي، الخدن الوفي، أن تروي عني جميع ما أخذته عن أشياخي، من فنون العلم المتيسرة، من توحيد وصرف ونحو وفقه بمتونها الجارية في بلادنا، أصول ومنطق وتوقيت وتفسير وتجويد، وحديث بصحيحي البخاري ومسلم، وسيرة ومعان وبيان وبديع، وغير ذلك مما حصلته والحمد لله بالمطالعة والمذاكرة، كما أجزت لك أن تروي عني ما كتبته مما تعلق بالفرائض والمناسك والتجويد، والتوقيت والعروض والإعراب والبناء وغير ذلك. فالله يعيننا على الإخلاص في العمل وحسن الظن بالعباد…”.

آثاره العلمية

  • “الفتوحات السنية بشرح المواهب الإلهية في المسائل النحوية بمحاذاة الألفية”.
  • “المقتطف الداني؛ شرح منظومة نيل الأماني في حروف المعاني، ويليه: القول البين في إعراب كم وكذا وكأيّن”.
  • “ديوان محمد الحمداني: قصائد وطنية ومرثية لبعض علماء المغرب”.
  • “مجموع المنظومات الحمدانية في العقيدة الأشعرية والمسائل الفقهية والأصولية والنحوية والبلاغية”
  • “مجموعة منظومات الفوائد الفقهية والنحوية والبلاغية والعقائد”. وهي من 2369 بيتا، ضمت عددا من المنظومات منها: “منظومة العقائد الأشعرية في أسماء وصفات رب البرية” ومنظومة “النظم المستطاب في تفسير فاتحة الكتاب” ومنظومة “النمير الفائض في تيسير علم الفرائض” ومنظومة “تحفة المنان في نساء حرمن بالقرآن”. إلى غيرها من المنظومات في علوم وفنون مختلفة.

ولمترجمنا مرثية في الشيخ محمد زحل رحمه الله من خمسين بيتا نسوق منها ما يلي:

فُجاءةً شاعَ فِي البيضاءِ: “وَازُحلُ” *** واحْلَوْلكَ الْجوُّ واكْتظَّتْ بِها السُّبُلُ

الدَّارُ دارُ رحِيلٍ لا تَهِيمُ بِها *** دارٌ أمَامَك فيها مُورِقٌ خَضِلُ

إلَى مَتَى الْمَرْءُ في الدنْيا يُغَرُّ بِها *** ويَصْطفِيها وفِيها الزَّيْغُ الزَّلَلُ

مَا لِلْمَنايا أتَتْ ونَحنُ فِي وَسَنٍ *** وشُرْبُ كأْسِ الْحِمامِ أمْرُهُ جَلَلُ

وليسَ شَيْءٌ وإنْ طالَ الزَّمانُ بِهِ *** إلاَّ سيَفْنَى وتَخْتلِي بِهِ العِلَلُ

اضْرِب بِّطَرْفِك فِي الدُّنيا فَإنَّ بِها*** ما شِئْتَ مِنْ مُثُلٍ تَعقُبُها مُثُلُ

كُلٌّ يَمُوتُ ولكِن نَّحْنُ فِي لَعِبٍ *** فَكمْ مَضَتْ دُوَلٌ تَخْلُفُها دُوَلُ

يا مَنْ رَمَتْهُ الْمَنايا غَيْرَ عابِئةٍ  *** أيْنَ الْجِهادُ وأيْنَ الْجاهُ والْحُلَلُ

نَرثِيكَ يا “زُحَلٌ” والقَلْبُ فِي وَجَلٍ *** جَنازَةٌ عَظُمَتْ وسالَتِ الْمُقَلُ

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص 207-210.