المولد والنشأة[1]

الفقيه المشارك الفلكي المؤقت المدرس الناجح الحسين مفراح الدرعي التامنوگالتي، ولد حوالي سنة 1951م، بقصر تالوين درعة الواقعة بدائرة أگدز إقليم زاكورة، وهي قبيلة تقع ضمن تراب مزگيطة أكبر الأقسام المشكلة لوادي درعة.

ولما بلغ المترجم سن الخامسة ألحقه والده بالكتّاب، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم أولا على يد الشيخ الحسن بن الهاشمي بن الحاج منصور.

وفي سنة 1956م انتقل رفقة أسرته إلى مدينة الدار البيضاء، حيث ألحقه والده بكتاب يوجد بكريان “علي قالّا”، وكان شيخه هذه المرة هو الفقيه سيدي محمد الخلوفي الذي خرّج عليه سلكتين، ثم بعده الفقيه سيدي محمد قابيل الشيظمي بدرب المعيزي الذي أتم على يده السلكة الخامسة. ثم شرع في تحصيل القراءات السبع بالحي المحمدي بالدار البيضاء وأتم فيها سلكة واحدة.

التحصيل العلمي

وفي عام 1971م، قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إنشاء المعهد الديني لتكوين الخطباء والوعاظ، فاقترح عليه الأستاذ محمد الشاتي –رحمه الله- أول مدرائه الالتحاق بهذا المعهد، فكان ضمن فوجه الأول الذي لم يتجاوز خمسة وعشرين طالبا، ودرس فيه مدة ثلاث سنوات على يد علماء أفاضل منهم الفقيه العلامة محمد گنوني المذكوري، والشيخ عبد البر، والفقيه العلامة محمد التاويل، والفقيه سحنون وغيرهم كثير.

اشتهر مترجمنا برغبته الكبيرة في التحصيل، وحرصه المتواصل على طلب العلم، فكان منتظما في الحضور للدروس التي كان يقدمها علماء كبار بمدرسة الفلاح، فأخذ فيها عن العلامة رشيد الدرقاوي، والعلامة محمد گنوني المذكوري، والفقيه القاضي مسعود الحريزي، والشيخ مفتي زادة، والفقيه عبد اللطيف بناني، والفقيه محمد التفلي وآخرين.

فطن العلامة الحسين مفراح لأهمية للتعليم الرسمي، فتقدم للحصول على شهادة البكالوريا فكان له ذلك سنة 1975م، ثم التحق بالمركز التربوي الجهوي بمدينة الجديدة حيث تخرج منه أستاذا للتعليم الثانوي الإعدادي، ولم يتوان خلال سنة التكوين حضور مجالس الفقيه عبد الرحمان أبو الفتح الشتوكي ليدرس عليه علم الفلك والألفية. وبعد تخرجه تم تعيينه بمدينة سطات، ليزاوج بين التدريس ومواصلة التعليم العالي، حيث انتسب إلى كلية اللغة العربية بمراكش فحصل منها على الإجازة بعد ثلاث سنوات، ثم التحق بدار الحديث الحسنية بالرباط ليحصل بعد سنتين على دبلوم الدراسات العليا سنة 1983م.

المسار المهني والدعوي

اشتغل مترجمنا أستاذا بالتعليم الثانوي الإعدادي ثلاث سنوات، ثم أستاذا للتعليم الثانوي التأهيلي إثنتي عشرة سنة، ثم مرشدا تربويا، ثم مكلفا بالتفتيش، فمفتشا بالتعليم الثانوي سنة 1989م. وخلال هذه الفترة كان مدرسا بالمعهد العالي لتكوين الأطر الدينية بالدار البيضاء، كما عيّن ضمن ثمانية أساتذة كلفوا بالكراسي العلمية بمسجد الحسن الثاني وكان حظ مترجمنا كرسي النحو، كما درس وإلى اليوم مادة النحو بالمدرسة القرآنية التابعة للمسجد عينه.

وعظ مترجمنا وخطب بمساجد عديدة في الدار البيضاء والمحمدية، وعين واعظا تابعا للمجلس العلمي الإقليمي للدار البيضاء، ثم عضوا فيه، ثم رئيسا للمجلس العلمي للمحمدية، وعضوا في لجنة الإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى، ثم عضوا بالمجلس العلمي الأعلى للمملكة.

نشاطه الجمعوي

لم يفت الأستاذ الحسين مفراح الانخراط المبكر في العمل الجمعوي، حيث أسس سنة 1973م جمعية تعنى بتجويد القرآن الكريم، ثم نشط ضمن أعضاء جمعية الوعظ والإرشاد بالدار البيضاء فضلا عن نشاطه في رابطة علماء المغرب التي كان يرأسها العلامة عبد الله گنون. يذكر عنه أستاذه وزميله العلامة حسن أمين الهلالي أن الحسين مفراح “له اهتمام خاص بالحديث وأسانيده، وهو الآن يتوفر على أسانيد عالية أجازه بها عدد من شيوخه، وعنده سند في الحديث خاص بأهل درعة”.

آثاره

عرف عن المترجم ولعه بالكتب، فمكتبته عامرة بالأمهات في مختلف العلوم والفنون، زاخرة بالمخطوطات، وله مقالات عديدة منشورة في “نشرة الأئمة” و”الإرشاد” و”الميثاق”. ومن أهم مشاريعه العلمية اليوم اشتغاله على تحيين الفقه الإسلامي وتمكينه من مسايرة الواقع المتجدد.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص: 74-76.