توطئة

لكل دعوة جانبان، جانب المعاني والمضامين، وهو الذي يشمل قضايا الدعوة ومبادئها وأهدافها.. وجانب الأساليب والعبارات، وهو الذي تصاغ فيه هذه المعاني …ولكل من الجانبين خصائصه التي تميزه عن الآخر. فمن خصائص الدعوة الإسلامية مثلاً صدقها، وشمولها، وحيويتها … ومن خصائص أساليبها، الوضوح والبيان، والحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن….

ولقد عني العلماء بدراسة أساليب الدعوة، ومن هذه الدراسة تقسيمهم هذه الأساليب إلى خبرية، وإنشائية، وجدلية، وبراهينية، وقصصية.. إلى آخر هذه التقسيمات التي حفلت بها كتبهم قديماً وحديثاً. وهي تقسيمات تدور حول الألفاظ، والجمل، والتراكيب اللغوية والأدبية.

وكتاب ”مناهج الدعوة وأساليبها في القرآن الكريم“ للدكتور الحسن صدقي، يتعرض إلى أهم قضايا الأمة والصحوة، واليقظة المباركة في عصرنا الحالي. وقد شغل العديدون منذ ميلاد الدين الإسلامي. والكتاب ليس جديدا في بابه، فقد سبق إليه باحثون في المجال، وكتب الكثيرون في الباب، ولكن لكل جديد جدة كما يقول الدكتور العمراني أحمد في تقديمه للكتاب.

والكتاب يعالج قضية غاية في الأهمية، وهي بيان مناهج الدعوة وأساليبها من خلال القرآن الكريم. فقد لاحظ أنه اختلط الحابل بالنابل، وادعى بعض المدعين، أن لا منهج إلا منهج التشدد، فخلطوا بين الظن واليقين، فجعلوا من الشاذ قاعدة، ومن المختلف فيه حجة على الجميع، والبعض اتخذ من انتقاص مقدسات الأمة طريقا للاشتهار، حرر السطور لتكون تبصرة للمبتدئين، وتذكرة للعلماء العارفين.

التعريف بصاحب الكتاب

الدكتور الحسن صدقي أستاذ باحث بشعبة الدراسات الإسلامية بجامعة شعيب الدكالي – الجديدة المغرب، ازداد سنة 1956م بقلعة السراغنة. حافظ للقرآن الكريم ، خريج دار القرآن بالرباط الفوج الأول، حاصل على دكتوراه الدولة من جامعة شعيب الدكالي الدراسات الإسلامية 2001م تخصص القرآن وعلومه – القراءات القرآنية-. وهو عضو المجلس العلمي لجهة عبدة دكالة سابقا، أمين عام لمجموعة البحث في الوثائق والمخطوطات بنفس الجامعة، وعضو مجموعة البحث في الدراسات القرآنية، عضو في هيئة تحرير مجلة كلية الآداب، عضو البعثة العلمية المغربية لتأطير الجالية المسلمة بالمهجر خلال رمضان، تحت إشراف مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.

له عدد من المؤلفات والأبحاث: درجات الجنان في تجويد القرآن مطبوع دار الفرقان للنشر بالبيضاء سنة 1998- إتقان الصنعة في التجويد والقراءات السبع لابن شعيب ”دراسة وتحقيق“ مرقون- ” اللآلئ الفريدة في شرح القصيدة لأبي عبد الله الفاسي“ دراسة وتحقيق مرقون- صدق الدليل والبرهان في حوار القرآن“ كتاب مرقون.

محتويات الكتاب

الكتاب من الحجم المتوسط يقع في 98 صفحة، ووصلت مراجعه إلى: 35 والمجلات: 8 والصحف، وهو تقديم الدكتور أحمد العمراني، وجاء في مقدمة وأربعة فصول:

  • لقد خص الباحث الفصل الأول والثاني بمجال التأطير والتنظير، وما يحتويان عليه من شروط وضوابط، وما يتميزان به من أدوات العمل، يجد المبتدئ غايته فيها، ولا يستغني عنها العالم، لا سيما وان كتاب الله قد جاء بذكرها، وحث على معرفة كنهها وإدراكها، وتعلمها والاجتهاد في تطبيقها ومدارستها.
  • أما الفصل الثالث والرابع فقد تعرض فيهما الكاتب لنماذج تطبيقية، في تبليغ الدعوة الإسلامية، وبالرجوع إلى نصوص القرآن الكريم، نجد ما يجب أن يلتزم به الداعية لإنجاح الدعوة، وإقبال الناس على الاستماع إليهن لتحقيق الغاية من هذا الدين إقامته وسعادة الدارين، ويبقى خير قدوة نقتدي المصطفى المختار عليه، أفضل الصلاة والسلام.

كما بين مناهج الدعوة وأساليبها في القرآن ووقف عليه، ومنها المنهج التشريعي وأساليبه: منهج القرآن وأساليبه في بيان الأحكام، أساليب التحريم في القرآن، أساليب التخيير والإباحة. المنهج الوجداني وأساليبه، المنهج العقلي وأساليبه. وقدم  نماذج تطبيقية في الدعوة إلى الوحدانية: نبي الله إبراهيم عليه السلام، نبي الله موسى عليه السلام، دعاة من غير الأنبياء في القرآن: مؤمن سورة يس، مؤمن آل فرعون.

خاتمة

لقد شغل الكتاب صاحبه بالبحث عن النصوص القرآنية التي تعرض لها موضوعه وبحث عن المناهج الدعوية والأساليب مستعينا بالعديد من المراجع في هذا الباب، وتمكن بفضل الله ومنته من تبسيط هذه الأساليب والمناهج لمن أراد تحمل أمانة التبليغ، وقدم لهذا الأمر بنماذج تطبيقية سواء الأنبياء عليهم السلام، أم غيرهم. كما حرص الكتاب على إبراز شيء أساسي ومهم وهو مواصفات الداعية، واعتماد الحكمة والموعظة، والعلم قبل الدعوة، لتكون الرسالة الدعوية واضحة، وتحقق الغاية منها، كما نبه حفظه الله وحذر من السقوط في الغلو والتطرف، وذلك بقوله“ نظرا لما نراه اليوم من أحداث وما نشاهده من وقائع، اختلط فيها الحابل بالنابل، وادعى فيها بعض المدعين، أن لا منهج إلا منهج التشدد، فخلطوا بين الظن واليقين، فجعلوا من الشاذ قاعدة، ومن المختلف فيه حجة على الجميع“.