المولد والنشأة[1]

الفقيه النحوي، الشيخ البركة أبو الفضل المختار بن الفقيه العلامة إبراهيم بن الفقيه محمد بن العلامة القاضي خريج جامع القرويين سعيد بن العلامة القاضي خريج جامعة القرويين أحمد بن بلا بن وَعَدّي، من مواليد 1358 هـ/ 1939م، بدوار الرباط إداومرزوگ، قبيلة متوگة بمنطقة الدير الشمالي للأطلس الكبير الغربي (إقليم شيشاوة).

لما بلغ سن الخامسة، أدخل الكتاب، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم على يد والده الفقيه إبراهيم بمسجد تْلِيوْ بإيداوتالين، ثم تنقل بين عدد من الكتاتيب والمساجد بعدد من الدواوير التي كان والده يشارط بها، كدوار ماغيلت والرباط  وبوغودي وإيرجدان مطيزيگ وفلغوس بإيداومرزوگ وآيت داود الذي هرّبه إليه والده ليفوّت على ممثلي سلطة الاستعمار إرغامه على التسجيل بالمدرسة الفرنسية.

الرحلة في طلب العلم

بعد ختم القرآن الكريم ست ختمات، انتقل مترجمنا إلى سوس لطلب العلم، لكن الحاكم الفرنسي أجبره على العودة إلى بلدته، فعاد مكرها ليلتحق بمسجد ملغوس ليتابع حفظ القرآن الكريم ولكن هذه المرة برواية قالون، ثم اشتغل مدة بمسجد والده مدرّرا ففتح الله عليه وتخرج على يديه خلق كثير.

وفي سنة 1956م، التحق بالمدرسة العتيقة بتالمست نواحي إمنتانوت قبيلة نفيفة، فلازم عميدها الفقيه العلامة الشيخ أبي البركات عبد الله سبع سنين وأخذ عنه علوما مختلفة، حيث درس عليه وعلى الفقيه الطاهر العلام والفقيه سيدي محمد أُوالحسين الأجرومية والزواوي ولامية الأفعال وألفية ابن مالك وابن عاشر ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وشيئا من مختصر الشيخ خليل والعاصمية وتفسير ذي الجلالين… ومكث هناك إلى أن تخرج سنة 1963م.

السعي في طلب الرزق

التحق مترجمنا أولا بمدينة خريبكة فتعاطى التجارة طلبا للرزق، لكنه وبعد مرور ثلاث سنوات تأكد لديه أنه لم يخلق للتجارة، وإنما خلق لتعليم القرآن وتدريس علوم الآلة والعلوم الشرعية، فاشتغل إماما بأحد المساجد ومحفظا للقرآن الكريم، فتغيّر حاله إلى أفضل حال، ثم سرعان ما فتح حلقة للتدريس، بعد أن التحق به كوكبة من الطلبة والأئمة، فدرسهم  النحو والفقه.

الالتحاق بالدار البيضاء

التحق الشيخ المختار بمدينة الدار البيضاء سنة 1973م، ملبيا دعوة كريمة من بعض المحبين بحي بلفدير التابع لتراب عمالة مقاطعات الحي المحمدي عين السبع، فاشتغل إماما وواعظا وخطيبا للجمعة بمسجد المسيرة الخضراء الذي شرع في بنائه سنة 1975م، بعد أن قضى سنتين في مرآب واسع كان مخصصا للصلوات الخمس وإقامة الجمعة. ثم سرعان ما ذاع صيته ليفتح بمسجده حلقات للتدريس كان من روادها بعض طلبة المعهد الديني المقبلين على اجتياز امتحان البكالوريا الأصلية، وبعض أئمة المساجد بالدار البيضاء، وقد تخرج من هذه الكوكبة عدد من الطلبة الذين يشغلون حاليا وظائف مختلفة بمؤسسات تابعة لوزارات العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية والتربية الوطنية والتعليم العالي، ولا زال مسجده إلى اليوم قبلة للطلبة يقصدونه فجر كل خميس وجمعة لحضور دروسه العلمية.

وفي سنة 1978م التحق للتدريس بالمعهد الديني بالقريعة التابع لجمعية الوعظ والإرشاد، رفقة ثلة من علماء الدار البيضاء أمثال العلامة محمد المذكوري والفقيه التباع والفقيه السماحي والقاضي مسعود الحريزي وغيرهم، وقد اشتهر مترجمنا بتدريس لامية الأفعال والعاصمية وألفية ابن مالك ومختصر الشيخ خليل، وتخرج على يديه عدد من الطلبة الحاملين لكتاب الله تعالى، الوافدين على الدار البيضاء من مناطق مختلفة، ممن كُتب لهم مواصلة تعليمهم العالي فانتفعوا ونفع الله بهم.

كما درّس مترجمنا بالمعهد الديني بقرية الجماعة سنوات عدة، قبل أن يلتحق بالمدرسة القرآنية التابعة لمسجد الحسن الثاني حوالي 2003م لتدريس مادتي الفقه والنحو. فضلا عن كونه يشغل منصب عضو بالمجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات مولاي رشيد والذي يقدم فيه دورات تكوينية منتظمة للوعاظ والأئمة في مجال الفقه المالكي.

كما حاز العضوية في رابطة علماء المغرب التي عاصر ثلاثة من رؤسائها وهم السادة: العلامة سيدي عبد الله گنون والعلامة بنشقرون والعلامة محمد المكي الناصري.

إجازاته و آثاره

مع مترجمنا أجازات من شيخه العلامة أبي البركات عبد الله، والعلامة سيدي حمزة الإدريسي  الحسني البيضاوي، والعلامة محمد الإثيوبي اللولوي المدرّس بالحرم المكي.

ويملك مترجمنا رصيدا هائلا من الخطب التي أعدها على مدى عقود، ويمكن أن يشكل مرجعا يستفاد منه في بابه، خاصة إذا وجد من يعتني به تبويبا وترتيبا. كما أسرّ إليّ بمؤلف في العقيدة، إلا أنه يرى أن فرصة طبعه لم تحن بعد.

وفي فاتح دجنبر من سنة 2020 توفي الفقيه سيدي المختار وعدي –رحمة الله عليه-  وذلك عن سن 81 عاما.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص 325- 327.