المولد والنشأة[1]

العلامة المشارك الفقيه النحوي، الأستاذ الوطني عبد الهادي بن عبد الكريم بن عبد الهادي الشرايبي، ولد بمدينة فاس سنة 1327هـ/1909م ، ولما أدرك سن التمييز، أدخل الكتّاب، فتعلم فيه مبادئ القراءة والكتابة، وبقي فيه إلى أن حفظ القرآن الكريم على يد الفقيه السيد هاشم أكومي.

طلبه العلم

التحق بمدرسة سيدي بناني بالديوان التي كان يديرها الأستاذ أحمد بن الطاهر مكوار، وبها أكمل حفظ القرآن الكريم وأتقنه، ثم درس مبادئ علوم العربية والفقه والتوحيد على يد الفقيه لحسن بن بناصر الداودي، والعلامة مولاي إدريس بن علي العلوي. وحوالي 1340هـ/ 1921م، التحق بمعهد القرويين، فكُتب له مرة أخرى أن يغرف من معين بحار العلم والمعرفة ويحصل على العالمية بعد أن درس على يد العلامة سيدي الطايع بن الحاج السلمي، ومولاي عبد الله لفضيلي، وسيدي أحمد بن الجيلالي الأمغاري، وسيدي الراضي السناني، وسيدي إدريس المراكشي، وسيدي عبد الرحمان بلقرشي، وسيدي محمد بلعربي العلوي، وسيدي العباس بناني، وسيدي محمد بن محمد بناني، وسيدي محمد بن الحسن الصنهاجي وغيرهم كثير، فكان حظه وافرا، وتحصيله زاخرا، حيث درس على أيديهم: المختصر بشروح مختلفة، والألفية والشاطبية وصحيح مسلم والتوحيد والسلم في المنطق ورجز الاستعارة …

مشاركته وكفاحه الوطني

بعد انخراطه في العمل الوطني اعتقل وحوكم، وأودع سجن عين القادوس سنة 1355هـ/ 1935م، ثم سُجن بكلميمة ثم الدار البيضاء والرباط ومكناس، ثم نفي خارج مسقط رأسه فاس، فاختار الاستقرار بالدار البيضاء، حيث اشتغل معلما بالمدرسة الحسنية الحرة ثم مديرا لها إلى حدود 1375هـ/ 1955م، حيث أبان عن قدرة عالية في التربية والتوجيه، ثم انتقل للاشتغال في السلك الدبلوماسي مستشارا بالسفارة المغربية بتونس، ثم قائما بأعمال السفارة المغربية بليبيا سنة 1376هـ/ 1956م، ثم بالسفارة المغربية بالقاهرة وممثلا للمغرب في الجامعة العربية، ثم قائما بالأعمال في السفارة المغربية بباكستان، ثم سفيرا بليبيا سنة 1384هـ/ 1964م، ثم مديرا للقسم الثقافي بوزارة الخارجية، وظل بهذا المنصب إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1392هـ/ 1972م.

آثاره العلمية

للمترجم المؤلفات التالية:

ـ الفقه الواضح في جزأين.

ـ التلاوة العربية لتلاميذ المدارس المغربية في 4 أجزاء.(عمل مشترك)

ـ ثمن الحرية.

بالإضافة إلى عدد من المقالات والبحوث المنشورة في عدد من الجرائد والمجلات فضلا عن منبر “الثقافة المغربية” التي كان يصدرها بمعية الأستاذ علال بن إدريس.

الشرايبي شاعرا

اشتهر المترجم بقصيدة في رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي يذكّر فيها بأفضال أمير الشعراء على العربية والشعر العربي، معرجًا على تعزية مصر والأمة العربية في هذا المصاب الجلل، والقصيدة نموذج ينبئ  بامتلاك مترجمنا ناصية القوافي نسوق منها:

مــــــا للنـــوائب لا تنفك تبـــــرينا     تذيـــقنا علقمـــا مـــرّا وغسلينا

عمّ المصاب وجلّ الخطب واجلدي     يقضي علينا الردى لولا تأسينا

هذي الحياة كمــا قال الألى سلفــوا    فمــا تــزال لنــا أعــدى أعادينا

وافــى البريــد بنعــي كــل أمنيـــة  وهكــذا الــدهر إذ ينعــي أمانينا

تعنــو الجبــاه لــه بل تنتـدي عرقا  والقلب يرســل ذوبــا في أماقينا

مـــن للإمــارة بعــد الآن يخلـفـــه    يجنــي مواقفــه الغــرّ المياميــنا

أمّن يفاخر بالعــرب الألى درجـوا     يشــدو بملكــهم والفخــر يوليـنا

ومـن يناجـي لدى الأهـرام بانيــها      ومــن يسامـرنــا مـدى لياليــنا

 من للشباب غدا يســدي نصـائـحه   قــم للمعلــم واحملــه الرياحيـنا

لله شــوقي لقــد تجــلـــو قصائـــده     كواعبا عــربًا حــورًا مهًا عينا

 الخالــدات وقد أودى الـزمان بــه      المشرفات على الماضي وآتينا

يا لهف نفسي غدا ذا الدهر يفجعنا         بالأمس “حافظ” واليوم “شوقينا”

وفاته

التحق المترجم بالرفيق الأعلى يوم 16 ذي القعدة عام 1407هـ / 13 يوليوز 1987م، وشيعت جنازته يوم الثلاثاء بعد صلاة الظهر، وأقبر بروضة الشهداء بالدار البيضاء.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص 150- 153.