محمد الرافعي.. العلامة والقاضي المتعدد المواهب

المولد والنشأة[1]

العلامة الفقيه الأصولي المفسر اللغوي القاضي الشيخ محمد بن بوشعيب الرافعي، من مواليد سنة 1369هـ/ 1951م، بدوار أولاد رافع منطقة أولاد بوعزيز بدكالة؛ ينحدر من أسرة فضل وعلم تراجم أعلامها مبثوثة في كتب متفرقة، حفظ القرآن الكريم وعددا من المتون في الفقه واللغة في سن مبكرة منها: ألفية ابن مالك، والمرشد المعين، ولامية الزقاق، وتحفة ابن عاصم الأندلسي، وألفية مراقي السعود، والجوهر المكنون وغيرها كثير.

التحصيل العلمي

التحق مترجمنا رفقة أخيه عبد القادر بكلية ابن يوسف بمراكش سنة 1963م، وفيها تلقى علوما ومعارف على يد ثلة من شيوخها، نذكر منهم: أحمد بن أحمد بلمدني، وعباس الثقة، والحسين جبران، وعباس بن محمد الدباغ، وأبو الخير بن حمزة الذيب، والحسين بن حمو راغب، وعبد العزيز الزمراني، والتهامي بن علال السكيتي، ومحمد الضرير، وأحمد شرع، وعبد الكبير شرف الدين الضرير، وعبد السلام بن الشرقي الأحمدي، ومحمد بن عمر الصالحي، ومولاي امبارك العدلوني، وامبارك الغراس، وعبد السلام البشير العوتي، ومولاي عبد السلام المناني الحاحي، وأحمد هزميري الدكالي، والفاروق الرحالين وملاي أحد المحرزي المعروف بأبي عبيدة. ثم غادر مترجمنا كلية ابن يوسف سنة 1969م ليلتحق بكلية الحقوق بمدينة الدار البيضاء، وبها درس على أساتذة كبار منهم: الدكتور مأمون الكزبري، والدكتور فتح الله ولعلو، والزعيم علال الفاسي، والشيخ المكي الناصري، والدكتور مصطفى البارودي وآخرون، ليغادرها سنة 1974م بعد أن حصل على الإجازة في الحقوق، ويلتحق بسلك القضاء.

ثم تاقت همة مترجمنا للتعليم العالي قصد استكمال تكوينه في العلوم الشرعيةن فالتحق بدار الحديث الحسنية بالرباط سنة 1985م، وهناك درس على يد علماء كبار منهم: الشيخ محمد بن حماد الصقلي والدكتور رشدي فكار، وممن شارك مترجمنا سنوات التحصيل خلال هذه الفترة وفي نفس الفوج: الدكتور سعد الدين العثماني (رئيس الحكومة المغربية السابق)، والمرحوم المهدي السيني رئيس المجلس العلمي بالدار البيضاء.

ولمترجمنا إجازة في صحيح البخاري بالسند العالي من شيوخه.

الوظائف التي شغلها

اشتغل رحمه الله قاضيا بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ثم ترقّى إلى أن أصبح رئيسا للغرفة الجنائية ثم الغرفة الشرعية بنفس المحكمة، وفي سنة 1996م أعير إلى دولة قطر  ليشغل منصب قاض بالمحكمة الشرعية، ثم قاض بمحكمة الاستئناف وهو منصب لا يشغله إلا حاملو الجنسية القطرية، وشارك بفعالية في وضع قانون الأسرة بدولة قطر سنة 2006م. وهو أحد القلائل الذين عينوا قضاة شرفيين مدى الحياة بالمغرب.

المشاركة الدعوية والعلمية

كان لمترجمنا حضور في عدد من مساجد الدار البيضاء، منها مسجد الأندلس الذي شرح فيه صحيح البخاري مدة من الزمن، وكان  شرح الحافظ ابن حجر والعيني عمدته في هذه الدروس، فيأخذ منهما ويستعين بهما وينتصر لأحدهما على الآخر، مع ميل ظاهر إلى الحافظ ابن حجر رحمه الله، كما خطب الجمعة بمسجد الهدى بشارع 2 مارس إلى أن تمّ توقيفه على إثر حملة استهدفت عددا من الخطباء سنة 1991م. وبعد سنوات قبِل منصب أستاذ البلاغة بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء بعد رفضه مرارا عروض العودة إلى الخطابة.

وعرف عن بيت مترجمنا أنه لم يكن فيه شيء من متاع الدنيا، بل كان مستودعا لذخائر الكتب ونفائسها، فصار بحق وعلى مدى عقود، منارة للعلم وقبلة للطلبة والباحثين الذين كانوا يقصدونه من كل أرجاء المغرب.

مناقبه

عرف مترجمنا بتواضعه الجم، وحبه للعلم وأهله وطلبته، واشتهر بعلوّ كعبه في الفقه المالكي وأصوله وقواعده، وكان متضلّعا في علوم العربية وبلاغتها وأسرارها، شغوفا بالكتاب حريصا على اقتنائه ملمّا بجديد إصداراته، مشهودا له بالإتقان حفظا وفهما واستحضارا لشواهد محفوظه الغزير من: لامية الزقاق، وتحفة ابن عاصم الأندلسي، وألفية مراقي السعود، وألفية ابن مالك، والجوهر المكنون للأخضري وغيرها من المتون.

آثاره العلمية

بالرغم من كثرة أشغاله الناتجة عن توليه منصبا ساميا في سلك القضاء، فقد كان له حضور في عدد من المجلات، فضلا عن بعض المؤلفات منها:

• صحيح الدعاء المستجاب. مطبوع
• أحكام الهبة في الفقه الإسلامي. مطبوع
• رسالة في أدوية القلوب شرَح فيها نظم إبراهيم الخواص. مطبوع
• تحقيق غير تام لكتاب” الدليل الماهر الناصح في شرح المجاز الواضح في قواعد المذهب الراجح” لمحمد يحي الولاتي (توفي 1330هـ) وهو نظم كان شغوفا به ويحفظه عن ظهر قلب.

فضلا عن مؤلفات مخطوطة سيتولى ابنه عبد الباسط وبعض تلاميذه التعريف بها ونشرها.

وفاته

توفي رحمه الله ظهر يوم الخميس 7 شوال 1439هـ/ 21 يونيو 2018 ودفن يوم الجمعة بمقبرة سيدي مسعود بالدار البيضاء بعد الصلاة عليه بمسجد الحمد بشارع مكة.