مقدمة

صنعت القبائل الجبلية العديد من الأعلام والفقهاء والأدباء والقضاة، وعلى رأسهم قبيلة بني مسارة المجاهدة، التي بدورها أنجبت جمهرة مما سبق ذكره على مرّ العصور والأزمنة.

لقد اشتهرت منطقة وزان بحفّاظ القرآن الكريم، وبوفرة الفقهاء والعلماء، فكانت دار علم وفقه ومركزا للحركة العلمية بين قبائل جبالة، وشهدت القبيلة المسارية قديما نهضة علمية وثقافية وفكرية متميزة، أسهمت فيها المساجد والزوايا بدور أسمى، حيث أنجبت شخصيات وجهابذة من كبار العلماء الراسخين في العلم، لها وجود بارز في بيئتها، وكان لها الكلمة والصيت الساطع في محيطها داخل المغرب وخارجه، هذه الشخصيات تعددت مداركها واتسعت أفكارها، وتنوعت اختصاصاتها في شتى الفنون والعلوم، وساهمت بعطاءات علمية وأدبية وفقهية ولغوية، وكانت بينها روابط متينة وصلات علمية، تؤكدها الاستدعاءات والإجازات.

وعرفت قبيلة بني مسارة ثلة من علمائها الأجلاء، منهم: العلاّمة محمد بن يوسف الترغي المساري (1009هـ)، والفقيه الأديب العربي المساري (1238هـ)، والشيخ العربي البقالي (1328هـ)، والفقيه محمد بن العربي البقالي (1377هـ)، والحيسوبي عبد العزيز الوزكاني (ت ق 13هـ)، وشيخ الجماعة أحمد الزواقي (1371هـ)، والفقيه أحمد بن عبد الله المازوري (1344هـ)، ومحمد العلمي المستاري (1399هـ)، والمختار بن عبد الله الكلخة (1410هـ)، وعبد الوهاب بن محمد العمراني الكراجي (1360هـ)، والفقيه التهامي بن قاسم جوهري (1427هـ/2006)، والفقيه العدل عبد السلام الطاهري، ومن المعاصرين المؤرخ محمد العمراني، والأستاذ حسن القشودي، وهؤلاء كلهم سادات معلومون[1].

وخاتمهم العلامة الموسوعي عبد السلام البكاري المساري (الأب)، فمن هو إذا هذا العالم؟ وأين نشأ وتربى وقرأ وتعلم؟ وما هي الوظائف التي درج فيها؟وما المؤلفات والآثر التي تركها ؟.

المولد والنشأة

هو الفقيه الوقور المؤرخ المشهور المتواضع الغيور الأستاذ الدكتور مفخرة العائلة البكارية سيدي عبد السلام بن محمد بن أحمد بن المختار البكاري العمراني المساري قبيلة القشودي أصلا الرباطي دارا واستقرارا.

ازداد يوم 31 دجنبر 1943 للميلاد بمدشر القشاشدة ربع بني بقر، قيادة زومي شرق وزان بالقبيلة المسارية المعروفة بجهادها ونضالها وأعلامها.

وبهذا المدشر نشأ وتربّى وترعرع في أحضان أسرته الكريمة، وولج كتّاب (المسيد) قريته فتعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم، وحفظ أمهات المتون ومبادئ الدين واللغة، على ثلة من مشاييخ القبيلة المسارية، وتم ذلك بكل من دوار “القشاشدة”، ودوار “أولاد بن ادريس” قرب سيدي رضوان، ودوار “لمراج” على الفقيه محمد بن ستيتو، ثم انتقل في إطار “التخنيشة” إلى دوار “أولاد بن سبيكة” للدراسة على الفقيه العلامة محمد البقالي بن سيدي العربي اليملي، وأخذ أيضا على الفقيه سي محمد بن الطيب الحيوني الخمسي (ت1407هـ/1987م) [2].

التحصيل العلمي

تابع مترجمنا دراسته العلمية بعد حفظه للقرآن الكريم برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، حيث التحق في سنة 1957م بتوجيه من الأستاذ المرحوم التهامي جوهري بالمعهد الأصيل بمكناس لدراسة العلوم الإسلامية، وبه درس على صفوة من أشياخه أمثال العلامة الفقيه محمد المنوني (ت 1420هـ/1999) وغيره من الأساتذة الكبار حتى سنة 1968م.

وفي سنة 1986م حصل عل الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة محمد الخامس كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

وفي سنة 1990 حصل على شهادة استكمال الدروس من نفس الجامعة في نفس التخصص.

وفي سنة 1994 حصل على دبلوم الدراسات العليا في العقيدة الإسلامية بميزة مشرفة.

وفي سنة 1995 سجل موضوعا بهدف تحضير أطروحة دكتورة الدولة في الدراسات الإسلامية.

وفي يوم 29 ابريل 2004 اجتاز مباراة الوعظ والإرشاد بالمجلس العلمي المحلي بالرباط ونال تزكية بميزة جيد جدا.

المهام والوظائف

تقلب الفقيه المؤرخ عبد السلام البكاري في عدد من الوظائف والمهام، أهمها كان في قطع التربية والتعليم، وقطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث التحق في سنة 1969م بمدرسة المعلمين بالرباط، وعمل بالتعليم العام كمعلم بمدينة الرباط سنة 1970، وفي سنة 1978 التحق مدرسا بالمركز الجهوي لتكوين الأساتذة بالقنيطرة، وبعده عمل أستاذا للغة العربية.

واشتغل أيضا أستاذا لمادة التربية الإسلامية بمركز تكوين المعلمين بالرباط من سنة 1991 إلى نهاية سنة 1995.

وعمل كذلك أستاذا زائرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية من سنة 1999 إلى 2009.

وفي سنة 1995 التحق كأستاذ للدراسات الإسلامية بالمركز الوطني لتكوين مفتشي التعليم بالرباط.

وفي سنة 2004 عيّن عضوا بالمجلس العلمي المحلي لشفشاون، وعرف من خلال عضويته بنشاطه الفريد وعمله الوازن عمّ أرجاء منطقة الشمال، وانهت عضويته سنة 2023م.

كما زاول مهمة التأطير لفائدة أئمة جماعة زومي في إطار برنامج تأهيل أئمة المساجد – خطة ميثاق العلماء- منذ بداية البرنامج سنة 2009 إلى سنة 2021 حيث منعه المرض من الاستمرار في المهمة التأطيرية.

الجهود العلمية والدعوية

شارك العلامة عبد السلام البكاري منذ سن مبكرة في إلقاء دروس الوعظ والإرشاد بالمساجد، وتأطير العديد من الندوات العلمية والملتقيات الجهوية، ونشر الكثير من البحوث والدراسات والمقالات في المجلات المحكمة والدوريات والصحافة العربية والوطنية، وأذيعت له بعض الأعمال في إذاعتي لدن وأمريكا بالقسم العربي.

ومن المجلات والجرائد التي شارك فيها الدكتور عبد السلام البكاري- رحمه الله- مجلة الفيصل، عدد 111. ومجلة الحكم عدد 5/6/1988. ومجلة الأحياء عدد 28 لسنة 2000، والعدد 30 من سنة 2001. ومجلة الدعم التربوي بالمدرسة العليا عدد 5 يونيو 1998، وعدد 6 لسنة 1999. وملحق الفكر الإسلامي لجريدة العلم، ودورية الميثاق الوطني لرابطة علماء المغرب وغير هذا كثير .

ومن أهم الملتقيات العلمية الكبرى التي شارك مترجمنا في تأطيرها:

  • الملتقى الجهوي الأول للمجالس العلمية المحلية لجهة طنجة تطوان بوزان بتاريخ 27 دجنبر 2011م.
  • الملتقى الأول لخطباء جهة طنجة – تطوان 27 يوليوز 2010م.
  • الندوة الجهوية المشتركة للمجالس العلمية المحلية (العرائش – الفحص أنجرة- طنجة) حول موضوع: “دور علماء جهة الشمال في إحياء التراث” وذلك يوم 22 جمادى الأولى 1434هـ/03 ماي 2013م بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش.
  • المنتدى العالمي الأول للتصوف بشفشاون تنظيم المجلس العلمي المحلي لشفشاون، بتنسيق مع عمالة إقليم شفشاون، تحت شعار: “المناهج الصوفية ودورها الإحيائي في عالم اليوم”، أيام 18 -19-20 و21 من شهر أبريل 2019. بحضور فضيلة السيد محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى مرفوقا بعامل إقليم شفشاون محمد علمي ودان والوفد المرافق له.

رحلاته وعلاقته الخارجية

من المشهور عن عالمنا – قدس الله روحه- أنه كان كثير التجوال في مدن المغرب، وخاصة المدن التي كانت تضم مكتبات وخزانات علمية نفيسة، كفاس ومكناس وتطوان، ووزان، والرباط، وطنجة، وسلا، وشفشساون… وغير ذلك من المدن المغربية، كما نسجل من خلال سيرته بعض رحلاته إلى الخارج، سواء منها في إطار أداء المناسك إلى الديار المقدسة، أو في إطار المشاركة والمساهمة في تأطير لقاءات علمية وفكرية مثّل فيها المغرب أحسن تمثيل، ومن خلال هذه الرحلات كان يلتقي مع كبار العلماء من داخل المغرب وخارجه، ومن جملة رحلاته الخارجية:

  • تمثيل المغرب في الدورة العلمية الدولية التاسعة الخاصة بشرح مضامين رسالة عمان بالأردن سنة 2009.
  • زيارة خاصة للمملكة العربية السعودية سنة 2006م.
  • زيارة الجمهورية الإسلامية إيران سنة 2006م.
  • زيارة دولة ليبيا سنة 2009م.
  • زيارة الجمهورية الفرنسية سنة 2009م.

أثره الفكري وإنتاجه العلمي

وأما عن آثاره الفكري وإنتاجاته العلمي، فقد عرف عن الدكتور عبد السلام البكاري باعه الطويل في التاريخ والتحقيق والتدقيق، وسعة اطلاعه على الفقه المالكي ومصادره، وشملت إنتاجاته المتنوعة مجموعة من العلوم والفنون بين التحقيق والدراسة، وبعضها يميز بالنقد والرد، ويغلب على جل مؤلفاته الطابع التاريخي، ومن هذه التآليف المطبوعة:

  1. الإشارة والبشارة في تاريخ وأعلام بني مسارة، طبع سنة 1984، وطبع للمرة الثانيةعن دار إدكل للطباعة والنشر سنة 2008م.
  2. أعلام بلادي (سنة 1985).
  3. عبد الله بن رواحة الصحابي الشاعر (1986).
  4. إشكالية العقاب البدني في المدارس (1988).
  5. الألوهية عند الإنسان البدائي في إفريقيا (1989).
  6. الجديد في علم الفرائض، دار الهلال بالرباط 1994.
  7. الأشراف العمرانيون بالمغرب، مطبعة البوكيلي القنيطرة 1996.
  8. الوجيز في تاريخ وأعلام مسارة وعلاقة وزان وما والاها من قبائل جبالة، مطبعة البوكيلي – القنيطرة 1997.
  9. تحقيق كتاب الشفا للقاضي عياض، دار الفكر – بيروت 2001.
  10. قبس من تاريخ الرسول (2004).
  11. تأصيل العقيدة وتأويل آياتها عند علماء المغرب خلال القرنين (5- 6) الهجريين (2005).
  12. وثيقة المطالبة بالاستقلال (11 يناير 1944) (2005).
  13. تحقيق دليل الحيران على مورد الظمآن للخراز (2005).
  14. دراسة وتحقيق النجوم الطوالع لابن بري التازي (2006).
  15. شعر الفقهاء بمنطقة اجبالة (الفقيه محمد بن العربي المساري نموذجا) (2006).
  16. العقيدة- الشريعة- التصوف عند الإمام الجنيد-، مركز التراث الثقافي المغربي – الدار البيضاء، 2008.
  17. الشبه الاستشراقية في كتاب مدخل إلى القرآن الكريم للدكتور محمد عابد الجابري (رؤية نقدية)، تأليف مشترك مع الصديق بوعلام، سنة 2009.
  18. دليل تاريخ الأحداث وتعاقب الحكومات بالمغرب (1955-2009)، طبع سنة 2002، والطبعة الثانية 2010.
  19. رؤية نقدية السنة والإصلاح، للدكتور عبد الله العروي (2010).
  20. اللمحة الصالحة في كرامات الشيخ سيدي محمد الحاج ابن دلحة، دراسة وتحقيق (2011).
  21. المنهاج الإسلامي في التربية على حقوق الإنسان، دار الأمان الرباط 2001، وترجم للغة الفرنسية سنة 2012.
  22. أركون ونقد الفكر الإسلامي، لـعبد السلام محمد البكاري ومحمد بوعلام، سنة 2015.
  23. منظومة سراج طلاب العلوم للفقيه الأديب العربي المساري (2015).
  24. وزان، تأليف مشترك بمعية صديق طفولته الأستاذ الحاج محمد احمامو، (جزآن) 2019.
  25. زومي وما لاها .

وعطفا على ما سبق ذكره من المنجزات العلمية، كان الدكتور عبد السلام البكاري عضوا مشاركا في عدة هيئات جمعوية ومؤسساتية، وقام بدور مهم في تأطيرها وتوجيهها.

خزانته العلمية ومكتبته الشخصية

من هواية الشيخ البكاري وثقافته الراسخة أنه كان هاويا للكتب جامعا لها، خصوصا ما يتعلق بكتب التاريخ والوثائق والمخطوطات، وهذا مما جعل منزله يعج بالكتب المتنوعة في جميع الفنون والعلوم، ولدرجة حبه للكتب، كان الكتاب لا يفارق محفظته أينما حل وارتحل، بل كان يقضي معظم أوقاته بين الكتب والوثائق.

وقد زرت خزانته الكبيرة بمنزله العامر بالرباط، وهي تضم في رفوفها آلاف العناوين في التاريخ والأدب والفقه، والعقيدة، والتصوف والتفسير والحديث، والأصول، والمنطق، والفلسفة، والسيرة، إلى غير ذلك من الكم الهائل من بحوث وأطاريح الطلبة، فضلا عن ضمها لجميع مؤلفاته التي معظمها انقطع ونفذ من نقط البيع بكل المكتبات. كما تضم أجنحة خزانته أرشيفا ضخما عن تاريخ مدينة وزان وما والاها من القبائل الجبلية، وقد جمع ما لم يجمعه أحد في بيته، وكان لا يبخل عن الباحثين والطلبة مما حباه الله من سعة اطلاع.

وقد حكى لي عند زياته إلى منزله صيف سنة 2021م أن كتبه تفرقت بين منزله بالرباط، ومنزله بمركز زومي، ومنزله أيضا بمسقط رأسه بدوار القشاشدة الذي يبعد كلومترات عن مقر جماعة زومي.

تكريماته

نظرا لجلال قدره وعلو كعبه في خدمة التراث الجبلي واعترافا بما قدمه من خدمات جليلة، تم تكريمه عدة مرات من جهات رسمية وهيئات مدنية عربونا ووفاء وإخلاصا وتقديرا لما قدمه من جليل الأعمال وخصال الأفعال، ومن أهم ذلك:

– تكريمه من طرف المجلس العلمي المحلي بالرباط، كعربون وفاء وإخلاص ومحبة وتقدير للمحتفى به، بمقر المجلس العلمي يوم السبت 14 يونيو 2014.

– تكريمه من طرف الجماعة القروية لزومي خلال محفل كبير، كان ذلك سنة 2018.

– تكريمه من طرف جمعية الأنوار للثقافة والتنمية بسيدي رضوان في مهرجان بني مسارة الأول للثقافة والرياضة والفنون سنة 2017.

– تكريمه من طرف المجلس العلمي المحلي لشفشاون.

– توشيحه بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة سنة 2022 تقديرا لما أسداه من خدمات جليلة.

وقد زرته في مطلع شهر غشت 2021 بدوار القشاشدة رفقة مجموعة من الفقهاء، منهم الشريف مدقي، وعبد العزيز بن أحمد خيا، والفقيه عبد السلام المرجي، وقد أطلعنا على سيرته العلمية والمهنية، وأهداني مجموعة من كتبه.

وزاره أيضا وفد عن المجلس العلمي المحلي لوزان يوم 5 نونبر 2022 بزومي، يتقدمه فضيلة الأستاذ أحمد زريولي رئيس المجلس العلمي المحلي لوزان.

وزاره كذلك وفد رفيع المستوى عن المجلس العلمي المحلي لشفشاون يوم 13 نونبر 2022 بزومي، يتقدمه فضيلة الأستاذ محمد بن تحايكت رئيس المجلس العلمي المحلي لشفشاون.

وكان بيته قبلة للطلبة والباحثين والفقهاء، يأتونه من داخل المنطقة ومن خارجها من مدن المغرب، يستقبلهم  ويكرمهم ويوجههم ويعطيهم ما سألوا وما قصدوا.

الآخذون عنه من الطلاب والتلاميذ

وأما الآخذون عنه من الطلبة والتلاميذ خلال مساره المهني في التربية والتعليم، سواء في المدارس أو الجامعة أو مراكز التكوين، فلا يمكن حصرهم ولا عدّهم، نظرا لكثرتهم واختلاف طبقاتهم وجنسهم، لكن نذكر بوجازة عيّنة من أبرز تلاميذه وطلابه، ومنهم: محمد كحلوني، وعثمان شبيهنا ماء العينين، والدكتور محمد الخياطي، والدكتور اسماعيل الساسي، والدكتور الزايدي طويل، وفلغوس عبد اللطيف، والدكتور ادريس الرتيمي، والدكتور رضوان رميلي.

وفاته وإقباره

فاضت روحه الكريمة، وانتقل إلى الرفيق الأعلى مساء يوم السبت 14 جمادى الأولى 1446هـ الموافق ل 16 نونبر 2024 بدوار القشاشدة قبيلة بني مستارة، ونقل ليدفن بعد يومه الأحد بعد صلاة الظهر بمركز زومي إقليم وزان، وصلى عليه صلاة الجنازة الفقيه “عبد الغني التودي”، وشيع إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة حضرها جمهرة من المشيعين من العوام والفقهاء ورؤساء الجماعات وشخصيات أخرى بارزة.

وألقى الفقيه الواعظ “علي الدراوي” إمام مسجد الأعظم بزومي على قبره موعظة أثنى فيها على خصاله الحميدة وأخلاقه المجيدة، وأشار إلى جهوده العلمي والدعوي.

ما قيل فيه من رثاء وثناء

من المعلوم أن الشيخ عبد السلام البكاري المشمول بكرم الله، كان من العلماء المتواضعين المحبوبين لدى عامة الناس، سيما أهل العلم والمعرفة، وقد أثنى عليه الناس حيا وميتا، ويظهر ذلك جليا أنه بعد ساعات من إعلان وفاته هبّت رسائل عديدة تذكر بقيم الراحل وشيمه ومكانته العلمية بين أقرانه، وتهفو بلسان الحال والمقال بأخلص الدعوات الطيبة له بالرحمة والمغفرة.

ومما جاء في تعزية المجلس العلمي المحلي لوزان “… تلقّى المجلس العلمي المحلي لوزان نبأ وفاة فضيلة الدكتور عبد السلام البكاري أحد أعلام إقليم وزان الذين أفنوا حياتهم في إحياء التراث العلمي والفكري للإقليم…”[3].

وجاء في تعزية مماثلة للمجلس العلمي المحلي لإقليم شفشاون “…بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وببالغ التأثير والحزن والأسى، تلقى المجلس العلمي المحلي بشفشاون نبأ وفاة فضيلة الدكتور عبد السلام البكاري عضو المجلس العلمي المحلي بشفشاون سابقا…”[4].

وكتب ابن القبيلة المسارية الدكتور محمد العمراني على حائطه التواصلي “رحم الله الفقيه الأستاذ الجليل البحاثة الدكتور سيدي عبد السلام البكاري المساري برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألحقنا به مسلمين، تعازينا الحارة إلى أنجاله الكرام الأساتذة المبجلين سيدي محمد، وسيدي عبد السلام، وسيدي منير، وإلى أحفاده ومحبيه وأصدقائه، وإلى كافة أفراد الأسرة البكارية الشريفة العمرانية الإدريسية بمدشر القشاشدة، قيادة زومي، إقليم وزان…”.

كما نعاه السيد الوزير نزار بركة حيث كتب ونشر على صفحته الرسمية “ببالغ الأسى والتأثر وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقينا في حزب الاستقلال نبأ وفاة المشمول بعفو الله الفاضل المحترم العلامة والمجاهد والوطني الكبير عبد السلام البكاري (الأب) رحمة الله عليه”.

وأضاف قائلا و “عُرِفَ الفقيد قيد حياته، كأحد الوجوه البارزة وعلماء الفقه والشريعة الأجلاء والمتفردين بجماعة زومي – إقليم وزان على وجه الخصوص وداخل الوسط الديني الوطني، حيث كرس المجاهد والوطني الكبير المرحوم عبد السلام البكاري (الأب) حياته في الكد والجد والاجتهاد والتدريس والكتابة والتأليف في التاريخ وعلوم الدين…”.

وكتب الصديق بوعلام في”جريدة العلم” عبر عمود منبر الجمعة رثائية تحت عنوان: عالم تخلد ذكراه آثاره ويبقى حبه في القلوب وتقديره[5].

وهكذا رحل أحد أعلام اجبالة بشمال المغرب في صمت، بعد جهد كبير في نشر العلم والثقافة، وخدمة التراث الجبلي المحلي، وترك خزانة علمية زاخرة بمجموعة من الكتب والأبحاث العلمية، والنوادر التراثية، وضاعت فيه المنطقة الوزانية خصوصا والشمالية عموما.

المراجع
[1] انظر كتاب: جوهرة الأصداف المكنونة في التعريف بتاريخ وأعلام وصلحاء قبيلة ارهونة لعبد المجيد بودياب. ص 277. دار سليكي أخوين طنجة، طبع سنة 2024.
[2] انظر ترجمته في الإشارة والبشارة في تاريخ وأعلام بني مسارة لعبد السلام البكاري، ط. 2 /2007 ص: 223.
[3] نص تعزية المجلس العلمي المحلي لوزان بدون تاريخ ولا ختم.
[4] مقتطف من نص تعزية المجلس العلمي المحلي بشفشاون بدون تاريخ.
[5] انظر جريدة العلم الأسبوعي عدد 25908 ص: 23 .