المحتويات
مقدمة
محمد حجي، أحد أعلام الثقافة المغربية خلال القرن العشرين، وأحد أعمدة البحث العلمي بالجامعة المغربية، وهو مثقف متعدد المواهب، تمكن من الدمج بين النبوغ في البحث التاريخي، وسعة التجربة في التحقيق والترجمة، كما كان ذو ثقافة فقهية معتبرة. وقد كرس حياته ووظف مواهبه المتعددة لخدمة الثقافة المغربية وخاصة مشروع كتابة تاريخ المغرب الذي أخذه على عاتقه وكرس له جهوده، فتأتى له إنجاز كثير من الأعمال المؤسسة التي تشكل اليوم العمود الفقري وحجر الزاوية في مجال البحث العلمي في تاريخ المغرب، الأمر الذي أهله لحمل لقب الأب الروحي للبحث التاريخي في المغرب الحديث.
النسب والنشأة والتعليم
ينتسب المؤرخ محمد حجي إلى أسرة حجي العريقة بمدينة سلا، والتي يعود موطنها الأول إلى منطقة بني ورياكَل شمالي مدينة فاس حيث لا يزال قائما هناك ضريح الشيخ عمرو حجي أخ الشيخ أحمد حجي الجد الأعلى للحجيين السلويين. كما توجد فروع أخرى للأسرة في مدن فاس ومكناس، وفي تطوان أيضا. وخلال القرن العشرين وبخاصة بعد الإستقلال هاجرت أسر حجية عديدة من سلا إلى الرباط والدار البيضاء وطنجة وغيرها لأغراض تجارية وحرفية وإدارية فاستقروا بها.[1]
ولد محمد بن عبد الله حجي بمدينة سلا بتاريخ 13 جمادى الثانية 1341ه/ 31 يناير 1923. وفي مدينته بدأ مسار النهل من معين العلم والمعرفة جامعا بين الثقافة التقليدية والعصرية، فأخذ القرآن الكريم ومختلف فنون العلم من لغة عربية وفقه وأدب وفلك وسيرة. وقد تتلمذ على يد ثلة من العلماء والأساتذة من أمثال: الجيلالي النجار، والفقيه زين العابدين بن عبود، والحاج محمد الصبيحي، وأبو بكر زنيبر، ومحمد المدني بن الحسني، وشيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي، وعبد الرحمان بن شعيب الدكالي… كما انفتح على الثقافة العصرية فتعلم اللغات الأجنبية؛ فحصل عام 1958 على دبلوم اللغة العربية في الترجمة من معهد الدراسات المغربية العليا بالرباط (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط حاليا). كما حصل من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط على الإجازة في اللغة العربية وآدابها سنة 1961، ودبلوم الدراسات العليا في التاريخ عام 1963. وفي سنة 1976 حصل على دكتوراه الدولة في التاريخ من جامعة السوربون بباريس (فرنسا).[2]
الوظائف والمهمات التي شغلها
انخرط محمد حجي مبكرا في مجال التربية والتكوين سواء كأستاذ أو كإداري، حيث اشتغل في عدة مؤسسات تعليمية في عدد من المدن المغربية؛ كمدرسة محمد جسوس بالرباط، ومدرسة للاعائشة بسلا، وثانوية أزرو، ومدرسة المعلمين بالرباط، وثانوية مولاي يوسف المعروفة بنفس المدينة. كما شغل عدة وظائف أخرى كمهمة مدير مدرسة المعلمين الإقليمية بمراكش، والمفتش الإقليمي للتعليم بالرباط، والمفتش الأول بوزارة التعليم. كما كان نائب وزارة التربية الوطنية بالدار البيضاء، ورئيس قسم البحث والعمل التربوي بوزارة التربية الوطنية. وعين أستاذا مساعدا ثم محاضرا ثم أستاذا للتعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ما بين سنة 1967 و1979، ثم عميدا لنفس الكلية ما بين 1979-1981. كما شغل مهمة مدير المدرسة المولوية ما بين عامي 1982و 1984، ثم أمضى بقية حياته رئيسا للجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر بالرباط.[3]
إسهاماته التأسيسية في مجال البحث العلمي
كرس الأستاذ والمؤرخ محمد حجي جهودا مضنية في مجال البحث العلمي، وساهم في تحقيق وتأسيس عدد من المشاريع العلمية. وقد كانت بدايته في مجال التأليف بتأليف ونشر الكتاب المدرسي لفائدة التعليم العمومي المغربي في جميع مراحله الابتدائية والثانوية (1956-1979). كما شارك في تعريب مادتي التاريخ والجغرافيا والتمهيد لتعريب مادتي الفلسفة وعلم النفس بالجامعة المغربية. وفي مجال النشر أسس مطبعة خاصة بالرباط سماها مطبعة “دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر”، وقبل توقفها عن العمل أصدرت المطبعة مجموعة من الكتب بين سنوات 1973 و1976. كما أسس سنة 1980 “الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر” بمعية عدد من الأساتذة والباحثين، والتي أصدرت مجلة “الكتاب المغربي” في نفس السنة (صدر منها 18 عددا بين سنوات 1983-2000)، وأصدرت موسوعة “معلمة المغرب” (صدر منها 16 مجلد في حياة محمد حجي).[4]
إنتاجاته العلمية
بسسب شغفه بالتأليف والترجمة والنشر فقد ألف ونشر بشكل غزير وفي مختلف الحقول العلمية، وخاصة في مجال البحث التاريخي والترجمة والتحقيق، وفيما يلي لائحة بمختلف المؤلفات التي ألفها الأستاذ محمد حجي[5]:
- الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي (رسالته لنيل الدكتوراه).
- الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين (بالفرنسية والعربية)، (في جزأين).
- فهرس الخزانة العلمية الصبيحية بسلا.
- تراث الأندلس: تكشيف وتقويم، (بالإشتراك) (في جزأين).
- جولات تاريخية: بحوث سياسية واجتماعية وثقافية من تاريخ المغرب عبر العصور، (في جزأين).
- سلا حاضرة ألفية (بالفرنسية) (بالإشتراك).
- صلحاء مغاربة لهم علاقة بالبحر.
- نظرات في النوازل الفقهية.
- انبعاث الفقه وتطبيق الشريعة الإسلامية.
- التاريخ والفقه: أعمال مهداة إلى المرحوم محمد المنوني (تنسيق).
- فهرس الأطروحات والرسائل التي نوقشت في الكليات والمعاهد والمدارس العليا المغربية منذ تأسيس الجامعة إلى سنة 1984 (بالإشتراك).
- معلمة المغرب: قاموس مرتب على حروف الهجاء يحيط بالمعارف المتعلقة بمختلف الجوانب التاريخية والجغرافية والبشرية والحضارية للمغرب الأقصى (الإدارة والإشراف) (صدر منها إلى حدود الآن 31 مجلد).
- معلمة المغرب، بيبلوغرافيا الأجزاء الإثنى عشرة المنشورة (الإشراف).
- كتاب الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (الإشراف بالإشتراك)/لأحمد ابن خالد الناصري.
- ألف سنة من الوفيات (تحقيق) في ثلاثة كتب: شرف الطالب في أسنى المطالب، وفيات أحمد الونشريسي، لقط الفرائد من لفاظة حقق الفوائد.
- دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر (تحقيق) / لمحمد ابن عسكر الشفشاوني.
- إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، (تحقيق) / لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.
- سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال : فهرس الشيوخ (تحقيق) / لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.
- فهرس أحمد المنجور، (تحقيق) / لأحمد بن علي المنجور.
- المحاضرات في اللغة والأدب، (تحقيق)، (بالإشتراك) / للحسن بن مسعود اليوسي.
- نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني (بالإشتراك)/ لمحمد بن الطيب القادري.
- زهر الأكم في الأمثال والحكم (بالإشتراك) / للحسن بن مسعود اليوسي، (ثلاثة أجزاء).
- فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور (تحقيق)، (بالإشتراك) / للطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي.
- معجم إرجاع الدارج في المغرب إلى حظيرة أصله العربي (تحقيق) / لأحمد بن محمد الصبيحي السلاوي.
- المعيار المعرب والجامع المغرب في فتاوى أهل افريقية والأندلس والمغرب (الإشراف) / لأحمد بن يحيى الونشريسي، (ثلاثة عشر جزءا)
- البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة. وضمنه المستخرجة من الأسمعة المعروفة بالعتبية، (تحقيق)، (بالإشتراك)/ لأبي الوليد بن رشد القرطبي)، (عشرون جزءا).
- المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات (تحقيق) (بالإشتراك) / لأبي الوليد بن رشد القرطبي، (ثلاثة أجزاء).
- الرحلة العياشية: ماء الموائد، (تحقيق) / لأبي سالم العياشي.
- صلة الخلف بموصول السلف، (تحقيق) / لمحمد بن سليمان الروداني.
- الرحلة الحجازية، (تحقيق)/ لمحمد يحيى الولاتي.
- الذخيرة في أصول الفقه وفروعه (تحقيق)، (بالإشتراك)/ لشهاب الدين أحمد القرافي، (أربعة عشر جزءا).
- الحركة الفكرية في بلاد شنقيط حتى نهاية القرن الثاني عشر، 18م (الإشراف)/ لعبد الودود ولد عبد الله.
- موسوعة أعلام المغرب (عشرة أجزاء).
- النوادر والزيادات في الفقه المالكي (بالإشتراك)/ لأبي زيد القيرواني، (خمسة عشر جزءا)
- وصف إفريقيا (ترجمة بالإشتراك)/ للحسن بن محمد الوزان الفاسي، (جزآن).
- إفريقيا (ترجمة بالإشتراك) / لمارمول كاربخال، (ثلاثة أجزاء)
- فاس قبل الحماية (ترجمة بالإشتراك) لروجي لوطورنو، (جزآن).
- تاريخ الشرفاء (ترجمة بالإشتراك) / لدييكَو دي طوريس.
- رحلة الأسير مويط (ترجمة بالإشتراك) / للرحالة مويط الفرنسي.
- عبد القادر الجيلاني شيخ كبير صلحاء الإسلام (ترجمة بالإشتراك) / لمحمد علي العيني.
- مجلة “الكتاب المغربي: مجلة بيبلوغرافية نقدية” (الإدراة والإشراف).
كما نشر محمد حجي عددا كبيرا من المقالات والدراسات في عدد من المجلات الوطنية والأجنبية، أو ضمن مشاركات في أعمال ندوات وطنية ودولية. وقد أحصت مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية – الدار البيضاء 83 مقالة ودراسة لمحمد حجي طيلة مساره الحافل[6].
وفاته
وبعد عمر مديد وجهود جبارة في خدمة الثقافة المغربية، توفي محمد حجي –رحمه الله- بمسقط رأسه مدينة سلا، وذلك يوم الخميس 27 ذو القعدة عام 1423هـ/ 30 يناير عام 2003.
المراجع
[1] حجي محمد، معلمة المغرب، ج 10، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ومطابع سلا، 1998، ص 3321-3322.[2] أفا عمر، معلمة المغرب، ج22، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ومطابع سلان 2005، ص 7699.
[3] أفا عمر، معلمة المغرب، ج22، مرجع سابق، ص 7699- 7700.
[4] الذكرى المئوية الأولى لميلاد المؤرخ المعلمة محمد حجي (1923-2003): بيببوغرافيا، أنظر الرابط: https://tinyurl.com/4cscctxk . / أفا عمر، معلمة المغرب، ج22، مرجع سابق، ص 7700.
[5] أفا عمر، معلمة المغرب، ج22، مرجع سابق، ص 7700-7701.
[6] الذكرى المئوية الأولى لميلاد المؤرخ المعلمة محمد حجي (1923-2003): بيببوغرافيا، أنظر الرابط: https://tinyurl.com/4cscctxk .