المحتويات
مقدمة
محمد بوخبزة عالمُ تطوان وخطيب منابرها وشيخ المحدِّثين فيها والأغزر إنتاجا بين وُعّاظها؛ المحقِّق المدقّق والدّاعية المتفقِّه، الوسطي المعتدل والمُنافح عن الدِّين والحقوق، والجامِع بين الشّرع وفقه الواقع وأثَر حركة الغيب في الحياة، والنّاقد لأخطاء الدولة بأدب واعتدال، والثابت على المواقف والمبادئ مُذ شاع ذِكره وانتشر تأثيره بين العامّة ونخبة الناس.
مارس الصحافة قبل استقلال المغرب وأصدر جرائد ومجلات سخرها لانتقاد سياسة الاستعمار الإسباني في التعليم واضطهاد الطلبة والتضييق عليهم وكاد بسببها أن يُسجن، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف في العلوم الشرعية، ويُعتبر من العلماء المشهود لهم بالإحاطة الواسعة بمحتويات خزائن الكتب العربية الإسلامية القديمة والحديثة. أمضى الشيخ زُهاء 53 عاما من حياته في الخطابة الدينية، كانت خلالها المساجد التي يقيم بها دروسه وخطبه بتطوان تكتظ بالراغبين في الأخذ من علمه وأجوبته على إشكالات الناس الدينية، خاصة مسجد “العيون” بالمدينة العتيقة بمدينة تطوان، غير أن مساره في الخطابة انتهى بقرار لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.
نسب ونشأة محمد بن الأمين بوخبزة
هو محمد بن الأمين بن عبد الله، وهو سليل أسرة بوخبزة، وهي أسرة جبلية (نسبة إلى منطقة جبالة في الشمال الغربي للمغرب) تطوانية عمرانية، تنسب إلى الجد الجامع للأشراف الأدراسة العمرانيين بالمغرب (ولي الأشراف العلميين)، عمران بن يزيد بن صفوان بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن إدريس الأول. وهذا الفرع منها ينتمي إلى الولي الصالح الشيخ أبي الحسن علي بن محمد العمراني الشهير ب: سيدي علي بوخبزة (القرن 9 ه)، وهو أول من كني ببوخبزة. وهو دفين مشجر (أغبالو) بجبل العلم المعروف بقبيلة بني عروس الحالية. وقد نزحت الأسرة إلى تطوان في أول القرن الثالث عشر الهجري. وقد عرفت الأسرة بطلب العلم والقيام بالوظائف الدينية كالتدريس والخطابة والإمامة والعدالة والفتوى[1].
وُلد محمد بوخبزة يوم السبت 26 ربيع الأول 1351ه /20 يوليوز سنة 1932م بدرب “الجُعَيْدي” بحي العيون بمدينة تطوان المغربية. نشأ وترعرع محمد الأمين بوخبزة في أحضان أسرة متدينة وعالمة ومحافظة، وهو رابع الأشقاء: عبد الله (توفي صغيرا)، وعائشة، ومصطفى، ومحمد، وعبد الله.
عبقرية مبكرة في دروب العلم والمعرفة
وفي سن السادسة من عمره ولج المسجد (المسيد كما يسمى في المغرب) لتلقي مبادئ القراءة والكتابة والحساب والدين وحفظ قصار سور القرآن الكريم، وقد تتلمذ الطفل محمد بن الأمين بوخبزة على يد ثلة من الفقهاء، من بينهم: الحاج أحمد الدُّهْرِي، والفقيه عبدالله شقور، و الفقيه محمد بن الراضي الحسّاني، والفقيه محمد بن عمر بن تَاوَيْت الودراسي.
وبعد ذلك، حفظ القرآن الكريم كاملا، ثم عدد من المتون الدينية كـ”الأجرومية” لابن آجروم و”المرشد المعين” على الضروري من علوم الدين” لابن عاشر، و”الخلاصة” وهي ألفية ابن مالك، وبعض “مختصر خليل” في الفقه المالكي.
وبعد أعوامٍ من تمدرُسه على يَدِ والدِه؛ انتقل لطلب الـعِلم بالجامع الأعظم بالمدينة العتيقة بتطوان، مُعَزِّزاً معارفه في علم النّحو على يدِّ المدرِّس بالمدرسة الخيرية الأستاذ المختار النّـاصر، وذلك بِـرِحابِ الزاوية الفاسية في حيِّ “الطَّـرَنْـكات” الشّهير، حيث تلقى خلاله دروسا نظامية مختلفة في التفسير والحديث والفقه والأصول والسيرة والنحو والبلاغة على يد صفوة من العلماء والشيوخ والأدباء على رأسهم: محمد بن عبد الصمد التُّجكاني، ومحمد بن عبد الكريم أًقَلعي، ومحمد بن عبد الله القاسمي، والعربي بن علي اللُّوهْ، ومحمد بن حمو البقالي الأحمدي، ومحمد المصمودي، والتهامي المؤذن الغرباوي، ومحمد الزكي الحراق السَّرِيفي، وأحمد القْصِيبي الأَنجري، وعمر الجَيّدي الغُماري، والفقيه والقاضي السيد عبد السلام بن أحمد علال البَختي الودْراسي، الأستاذ السيد المختار الناصر، و الأديب الفقيه محمد بن أحمد علال البَختي، والفقيه المؤرخ الحاج أحمد بن محمد الرَّهوني، والفقيه المدرس الحاج محمد بن محمد الفَرْطاخ اليَدْرِي، والعلامة محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني السجلماسي، والعلامة الأديب الوزير السيد محمد بن عبد القادر بن موسى المنبهي المراكشي[2].
وبرغبة جارِفة في التزيّد من العلم؛ تقدَّم إلى المؤرِّخ الوزير أحمد الرهوني (1871-1953) طالِباً على يديهِ دروساً في السيرة والحديث والتاريخ. ولماّ حَلَّ الأديب اللغوي والسلفي الكبير تقي الدين الهِلالي (ت.1987) بمدينة تطوان؛ استفاد الطالب بوخبزة مِن الحركية الأدبية والفقهية التي أحدَثَها حلول الشيخ الهلالي بالمدينة، ولم يُفوِّت فُرْصَة التتلمُذ على يديه، حيث أخذَ عنه دروساً في الأدب والتفسير وعلوم الحديث النبوي.
أضافَ الطالب محمد بن الأمين بوخبزة إلى هذا الـكَنز الثقافي والعلمي والشَّرعي رصيداً مُعتَبَراً من الشِّعر والقصائد التي تلقَّاها إملاءً من قِبَل شَيْخه سيدي محمد بن عبد القادر الـمـنبّهي. ثم كان أنْ غادَر إلى فاس العالِمة (1370ه)، لخوض تجربة النّهْل من مَعين علمائها، وعلى رأسهم شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي (1884-1964) فأجازه في كتاب “أحكام القرآن” لصاحِبه ابن عربي رحمه الله، كما أخذ عن العلوي المدغري قِيم الوطنية الصّادِقة وجُرأة قول الحقّ والتعبير عن الرأي.
كما عمل محمد بن الأمين بوخبزة في المحكمة الشرعية ثم قيما على المكتبة العامة بمدينة تطوان مصححا ومحققا لكتب الحديث والأدب.
شغفٌ بالأدب والصحافة وولع بالشريعة
عاش الشيخ بوخبزة تجربة فقدان الأب، الــكافِل والمعيل والـمُربِّي، الأمر الذي جَعَلهُ يَـنْكَبُّ على الاهتمام بأسرته الصغيرة، ويَكونَ بحقِّ خَير الناس لأهْلِه. ثم لم تكن هاته الأزمة بالتي تَـفُتُّ في عَضُدِ محمدٍّ، فسرعان ما تَحدّى الظروف؛ وواصَل الارتباط بالعلوم والمعارف الشرعية، ومزاولةِ مهنته الجديدة كاتِبا مُساعداً لدى العلّامة التطواني أحمد بن تاويـت، ثم الـخَطَابة في مَسجد العيون بالـمدينة القديمة لتطوان مدّة طويلةٍ من الزّمن.
وسَنتينِ قَبْل نَيْل المغرب استِقلاله؛ برَزت ميولٌ صحفية عصامية لدى الشيخ ابن الأمين بوخبزة، فَعمِل على إصدار مجلة “الـحديقة” ذات اللّمسة الأدبية الثّقافية في 27 دجنبر1954م، وقبلها مجلة “أفكار الشباب”، ثم تَلاها بإصدار جريدة “البُرهان” لمناهضة احتلال الإسبان لشمال المغرب وعاصمته تطوان، فاتُّهِم مِن قِـبَل السلطات الإسبانية بــ”الوَطنية”!، وأُحيلَ مِلفّه على باشا المدينة آنذاك السيد اليزيد بن صالح الـغماري (1882-1964) لتأديبه.
وفي المقابل نشر مقالات كثيرة في عدة صحف ومجلات كمجلة “لسان الدين” التي كان يصدرها الدكتور”تقي الدين الهلالي” بتطوان، وبعد سفره “عبد الله كنّون“، ومجلة “النصر” و “النبراس” ، وأخيرا جريدة “النور” وغيرها.
حين حَلَّ فَجر الحرية والاستِقلال على البلاد؛ لم يتوقَّف الشيخ عن التدّريس والوعظ ونَفْع العباد، ولا انْتَقَصَت الأيام ومُقتضَيات المسؤوليات الاجتماعية والمهنية مِن مِقْدارِ تلقّيه للعلوم وتحقيقه للمخطوطات، فَحقَّق ونقَّح وأفادَ، وزاوَل لسنواتٍ مِن عمره مَهمة قيِّم على قِسم المخطوطات بالمكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، التي تُعدَّ مِن بين أهمّ وأكبر الخزانات العلمية في المغرب الراهن، وكانت ذخائرها مَهْوى فؤاد الشّيخ واهتماماته.
وفي مرحلة تالية؛ انصَرفت جهوده إلى تشييد صَرْح تربوي وتعليمي أصيل بمدينة تطوان، فأسَّس معية أفرادٍ من عائلته، وزمرة من المحسنين والأساتذة “معهد الإمام الشاطبي للتعليم العتيق”، ودَرَّس بالمعهد لسنواتٍ طويلة إلى أنْ أقْعَده المرض سنة 2016. والمعهد اليوم في عِداد أهمّ مؤسسات التعليم الديني بشمال المغرب، حيث خرَّج نُخبة من الطلبة والباحثين في العلوم الشرعية، وآوى المئات من طُلاّب العالم القروي، سَكناً وإطعاماً وتدريساً وتخريجاً.
الوعظ والإرشاد؛ من تطوان إلى العالَمية
ومِن الأدوار البارزة للشيخ بوخبزة؛ تأطيره لمجالس التّفسير والوعظ والحديث بمسجد سيدي طلحة، على مَقْرُبة من مَسكن الشيخ بحَي سيدي طلحة المشهور بمدينة تطوان، وقد كانت جنبات مسجد سيدي طلحة يوميْ الأربعاء والخميس عقِب صلاة المغرب تغصّ بالمصلين نظراً لشُهرة الشيخ ومحبّة الناس له، و”كان درْسُـه لا يُـمَل.. ويُضْفِي عليه تَشويقاً، فنتمنّى أنْ لا يَنتهي” حسب تعبير ابن أخيه الدكتور الأمين بوخبزة، الأستاذ الجامعي بكلية الآداب بتطوان.
وقد كانت الـجُموعُ تُتابِع الدروس بانشداد وإعجاب لقدرات الشيخ الفذّة على المناظرة والحجاج والهُزْء بأسئلة بعض الأشخاص، ونظراته المتجدِّدة في القرآن الكريم، وإحاطته الواسعة بعلم مصطلح الحديث وبكنوز المعارِف الإسلامية. كانت لحظات تَلَقّي الأسئلة مكتوبة وشفهية _أحيانا_، وإجابة الشيخ عنها؛ مِن أمتع سويعات حديث الأربعاء والخميس، تنشدُّ إليها الأذهان، وتتطلّع الرِّقاب لسماعِ فتاوى العالِم وأجوبته الشرعية الممزوجة بفقه الواقع، وهو المعروف بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ والنباهة وسَعة المطالعة وصَبر نادرٍ على التحرير والكتابة، وبالمعرفة المتخصِّصة في شتّى العلوم الشرعية والعربية وبِحسِّهِ الفَكِهِ ونبرته التطوانية الأصيلة وتشبّعِه بالأمثال المغربية وبحبِّ النّـكتة؛ كان الشيخ يَقْلب الطاولة على أسئلة بعض السُّذّج والمتمسخرين منه، وتارة كان يَقرأ السؤال فيَعلَم يقينًا أنه مكتوب بأيْدٍ (أَمنية) فيتهكّم منه ومِن واضِعِه، ويُلَوِّح بموقفٍ ثابت في نازلة مُعَيَّنة، ولا يُمالئ جهةً ولا يُداري في شرع الله وسُنة نبيِّه وزارةً ولا ولايةَ أمنٍ ولا سلفيا متحجرا..، أمّا إنْ وقَعت بين يدي الشيخ أسئلة في قضايا الزواج والطلاق ونكاح المتعة وخروج الرّيح وأحكام الوضوء والاغتسال والقبور والأعراس؛ فتلك لحظة مُتعةٍ للشيخ وللحاضرين، في أجواءَ لا يَفقِد معها الشيخ وقاره وهَيْبـته وثِقْل العِلم الذي يحمله، وهو القصير القامة، المتواضِع الذي لا تكادُ تَلمَحُ هَيئَـتَهُ مِن عَلى كُرسي الوعظ بالمسجد. كانت تُثير أجوبته حَنَق البعض، فتتعالى الهمهمات والردود في المسجد، كما كانت تُـمَـتِّع البعض، فتختلط الضحكات بالتعجب والرغبة في مزيدٍ من الإنصات للشيخ، كما كانت تُـخلِّف أثَرا ونقاشا يمتد خارج أسوار الجامِع، فتجِدُ الشباب والتلاميذ يتجادلونَ على أرضية أجوبة الشيخ ومضمون درسه قُبالة باب المسجد، أو يَنقلونَ الطُّرفَ والتهكّمات التي سمعوها منه إلى رفاقهم بالمؤسسات المدرسية، بل أضحت نِكاته التي “يشْوي” بها البعض ويتندّر على آخرين؛ كثيرةَ التداول بين التطوانيين[3].
انْصرمت ثلاث سنوات؛ والشيخ يلقي الدّرس تلو الآخَر، ويحاضِر في معهد الإمام الشاطبي وهو شيخ في السابعة والثمانين من عمره كلّ ثُلاثاء وسَبت، ثلاث ساعات مُستمِرّة. ومِرارا يَلتقيه العوام يَقتني كتبا جديدة بمكتبة (الأثرية) وسْط المدينة، أو يَعبُـر من ممرّ الراجلين قرب بريد شارع محمد بن عبد الكريم الخطابي متّكئا عصاه وقاصدا بيته..؛ إلى أنْ بلَغ للناس خَبَـر توقيفه من قِبل وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية. غير أنّ منزِله لم يخُلُ من الزوار؛ باحثينَ ومُحبِّين وعلماء ومُحقِّقين ومُستشرقين غربيين، والشيخ يتدفَّق عليهم علما وحِلْماً وكَرَما، ويُفيد ويستفيد، ويُجيزُ الطّلبة، ويُرشِد آخرين إلى نفائس المخطوطات العلمية، ويُشارِك في بعض ما يُدعى إليه من محاضرات وجلسات، وينكبُّ بصبْرٍ وجَلَدٍ عجيبٍ في عِزّ شيخوخته على تحقيق المخطوطات وكتابة المذكّرات والـكُتب.
الإرث العلمي للعلامة محمد بن الأمين بوخبزة
وقد خلف الشيخ للقرّاء وللمكتبة المغربية والعربية إرْثاً علميا ناهَز (11 مخطوطاً مُحَقَّقًا) و(25 مؤلفا)؛ منها: مذكراته التي عَنْوَنها بــ”جراب الأديب السائح” الواقعة في 15 مجلّدا، ويومياته الـمُعَـنْوَنة بــ”رحلاتي الحجازية”، وكتاب “الشّذرات الذَّهبية في السيرة النبوية”، و”مَلامح من تاريخ علم الحديث بالمغرب”،و”ديوان الخُطَب”، و”إيثار الكِرام بحواشي بلوغ المرام”..، وغيرها من الكُتب كثير؛ نوردها كالآتي[4]:
- جراب الأديب السائح وثمار الألباب والقرائح (15 مجلدا)؛
- الشذرات الذهبية في السيرة النبوية؛
- صحيفة سوابق وجريدة بوائق (جزأين)؛
- فتح العلي القدير في التفسير؛
- نظرات في تاريخ المذاهب الإسلامية؛
- معجم تفاسير القرآن الكريم؛
- ملامح من تاريخ علم الحديث بالمغرب؛
- نشر الإعلام بمروق الكرفطي من الإسلام؛
- الأدلة المحررة على تحريم الصلاة في المقبرة؛
- أربعون حديثا نبوية في نهي عن الصلاة على القبور واتخاذها مساجد وبطلان الصلاة فيها؛
- دروس في أحكام القرآن من سورة البقرة؛
- نقل النديم وسلوان الكظيم؛
- رونق القرطاس ومجلب الإيناس؛
- تحصين الجوانح من سموم السوائح (وهي تعقيبات على رسالة السوائح لعبد العزيز بن الصديق)؛
- إبراز الشناعة المتجلية في المساعي الحميدة في استنباط مشروعية الذكر جماعة؛
- ديوان الخطب؛
- النقد النزيه لكتاب تراث المغاربة في الحديث وعلومه؛
- الجواب المفيد للسائل والمستفيد (باشتراك مع الشيخ أحمد بن الصديق)؛
- تعليقات وتعقيبات على الأمالي المستظرفة على الرسالة المستطرفة للشيخ ابن الصديق الغماري؛
- استدراك على معجم المفسرين (جزأين)؛
- عجوة وحشف؛
- رحلاتي الحجازية؛
- الديوان السني لأبي أويس الحسني (ديوان شعري)
- إيثار الكرام بحواشي بلوغ المرام؛
- التوضيحات لما في البردة والهمزية من المخالفات؛
- تحقيق جزء من التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد للحافظ ابن عبد البر النمري؛
- تحقيق أجزاء من الذخيرة للإمام القرافي المالكي (13 مجلدا)؛
- تحقيق أربعون حديثا في الجهاد لعلي بركة الأندلس؛
- تحقيق الرسالة الوجيزة المحررة في أن التجارة إلى أرض الحرب وبعث المال إليها ليس من فعل البررة للفقيه محمد الرهوني؛
- تحقيق وصية بن عمار الكلاعي لإبنه؛
- تعليق على الرائية لإبن المقرئ اليمني في الرد على الاتحاديين؛
- تحقيق النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (14 مجلدا)؛
- فهرس مخطوطات خزانة تطوان؛
- تحقيق شهادة اللفيف لأبي حامد العربي الفاسي؛
- تحقيق شرح القاضي عبد الوهّاب على الرسالة لإبن أبي زيد القيرواني؛
- تحقيق سراج المهتدين لإبن العربي المعافري.
جنازة كشفت علو قدر الشيخ بين الناس
إنّ الرجلَ “الذي عاش مَبَادِئَه، نَـقَّادا، نزيهاً، جامِعاً بين المهابة وحبّ النّكتة، مُسالِماً وشجاعاً في الآن ذاته، حصيفاً رزيناً، سلفيا متين العقيدة، ومنفتِحاً، متواضعاً بسيطا..، الرجل الذي بَقِي يمشي على قدميه لقضاء أغراضه أو التنقل إلى معهد الشاطبي مُستِقلا سيارات الأجرة، يستحقُّ منا التقدير والعناية الخاصة بتراثه؛ كُتُباً ومخطوطاتٍ وخُطَباً.
ولعلَّ الناظِر في جنازته المهيبة التي انطلقت من بيته في اتجاه المقبرة الإسلامية بمدينة تطوان؛ يَرى أيَّ رجل كانَ العلّامة بوخبزة الحسني، وأيّ محبة أوْدَعهَا الله في قلوب مُحبيه من مختلف الأقطار، وأيّ تقدير استَحَقَّه.
ولَـمّا كانَ مِن صميم أخلاق الشَّعب المغربي الكريم؛ توقير وتقدير العلماء، أحياء وأمواتا، ولو اختلَفوا عندهم وحَوْلهم في مَحياهم، فإنّ الوفاق والإجماع يجمعهُم عليهم حين مماتِهم..، فيُورُونَ مِن أنفسِهم وللعالَم حبَّهم للعالِم، لا سيما إنْ كانت سيرته ومساره نقيين نزيهين على تقوى من الله ورضوان، وكان له أثرٌ يُرى في مدارسهم وجامعاتهم ومكتباتهم وأبنائهم.
كان المشهَد يوم الجمعة 31 يناير 2020 (وقد كانت وفاته يوم الخميس 30 يناير 2020) من تطوان المحروسة في جنازة شيخِ المدينة وفقيهها وعالِمها الموقّر وأستاذ الأجيال الأغرّ، محمد بن الأمين بوخبزة، التي آوَت وجَـمَـعَت ما لا يُحصى مِن خَلقِ الله، ذُكرانا وإناثا، شيبًا وشُبّانا، شهودا وإشهادا، حَضْرةً واستحضارا… حيث حج الناس من كل فجّ، وآخرون تابَعوا التابوت مِن عَلا أسطح المنازل والمراكز التجارية، والأيادي تتسابق لحَمله، ونيْلِ شَرَفِ مجاورته إلى مثواه، والجماهير تتدافَع مُتسابِقة إلى باب مَدخل المقبرة العُلوي والسُّفلي، للظَّفر بشرفِ إتمام مسارِ الجنازة ونيلِ أجْر المشي خلفها ودفْن صاحِبها..، فتختلط العِبَرُ بالعَبَرات، والتّهليل بترانيم التّكبيرات؛ ويَـنْـتَـقِلُ النعشُ من يدٍ ليدٍ متبوعٍ بحشودٍ هائلة مِن المحبّين والتلامذة والعائلة والناس، وتَعلو أصوات المؤذِّنين بآذان صلاة المغرب بحاضرة تطوان؛ والشّباب والشيوخ يتوافدون على قبر العَلّامة بوخبزة الحَسني، بَعد أن وُورِيَ الثَّرى وأُهِيلَ عليه التراب.
المراجع
[1] بوخبزة محمد بن الأمين، معلمة المغرب، الجزء5 ، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، 1992، ص 1658.[2] بوخبزة محمد بن الأمين: "الاحتلال الإسباني والهوية المغربية؛ المقاومة والتدافع الثقافي" منشورات مركز يَقين، الطبعة الأولى، 2020.
[3] بن صالح عدنان، مشاهدات شخصية.
[4] الموقع الرسمي للشيخ: http://www.bou-khobza.com/.