المحتويات
توطئة
جَسَّدت المدرسة المغربية في الإصلاح حضورَها بالالْتِـحام بأمّهات القضايا التي كانت تُثار وتَعرِف نقاشا مجتمعيا ونخبويا أيضا، وانخرطَت بجدية في التصدّي لكثير من مظاهر التخلُّف وأخلاق مرحلة التراجُع ونُصح العامّة والـخاصّة، وإبراز مكامن الداء، وإعانة الأمّة بمختلف عناصرها على تغذية الطاقات الكامنة والظاهرة فيها من أجل التغيير والإصلاح والنّهوض. ولم يكن العلَّامة المغربي محمد ابن المؤقّت[1] بِدْعاً من مسار نضال العقل الإصلاحي المغربي وهو يتمحَّل إمكان الجواب عن سؤال التخلف وسؤال الإصلاح الاجتماعي والتجديد الديني وسؤال الإنتاج العلمي.
التصدي لمهمة إصلاح المجتمع
جَسَّد ابن المؤقِّت المراكشي باعتباره سَليل النهضة العلمية التي أرسى أُسسها علماء المغرب الأقدَمون، وأعلامٌ آخرون في القرن العشرين في مجالاتٍ وميادين كثيرة ومتنوِّعة، واستطاع ابن المؤقِّت إحداث الفارق في معركته الهامة ضدّ التخلف الاجتماعي والسلوكي وضدّ الانحرافات العَقدية والمزالق الابتداعية للطرق والطوائف الـمنحرِفة.
إنّ ابن المؤقّت باعتبار مكانته عالِمًا ومؤرّخا وفقيهاً مالكياً؛ لم يختلِف الماضُون واللاحقون في شأنِ نبوغه وتميُّزه وصلاحه وإصلاحه، لم يَكن بُدٌّ من اقتحامه صِعاب الإصلاح الاجتماعي من باب الكتابة، والنصيحة الشفهية أو التعبير عنها في “رسالة”، والتصدّي لأوْجُه فساد الاعتقاد.
وقد ساهمت التربية الصوفية والتزكية التي تلَقّاها من بيئته الأسرية ومحيطه الـعلمي بمراكش في إذكاء حاسّة نَقد الانحرافات والتخلف لديه، وكان لها أثَرها الفعّال في شخصيته التي عُرِفت بالمراجعات وبالتدين العميق المساهِم في الإصلاح الاجتماعي. كما ساهمت أفكار النهضويين العرب والإصلاحيين المصريين خصوصا؛ في إيقاظ همة العلّامة ابن المؤقِّت للإسهام بدوره في الإصلاح الاجتماعي، من بَوابة دعوته لإنهاء ممارسات الطرق الصوفية المنحرفة، وعلاج الخليقة بعلوم الحقيقة والشريعة.
فمِن أبرز القضايا التي أتى على بيان مَفاسِدها وتنبيه الغافلين إلى مواطن إصلاحها في عملِه القيِّم “مرآة المساوئ الوقتية؛ أو الرحلة المراكشية“؛ اعتراضه على كثيرٍ من مظاهر المناكِـر “ومشاركة الناس بعضهم بعضاً في ارتكاب الكبائر، والتزيِّي بزِيِّ أهل الكتاب في الظواهر والسرائر، وإضاعة المال في اللهو والباطل، واختلاط النساء بالرجال في الأسواق والمحافل، واللهو عن العبادات والجماعات، والاشتغال بما فيه غضَب ربّ السماوات، وإحياء سنن الجاهلية في تَدَيُّنها وأسواقها، وإحْداث بدعٍ في الشريعة ليسَت من قياسها ولا سِياقها”[2]، وهي عادات صارت مع الوقت مفَاسد اجتماعية أطبَقت على العامة وبعض الخاصة، وصار التصدي لإصلاحها أو الإقدام الطوّعي على تركها “مؤونة شديدة ورياضة صَعبة”[3].
سَلّط ابن المؤقِّت الضوء على العيوب الاجتماعية والطَّامات السلوكية في الحضرة المراكشية التي استَشْرَت “بها مُكوسٌ تَطرد البركة وتَنفيها، ومِن الخيانة والمكر والظُّلم والتعدِّي والفجور مما لا يكادُ عادٌّ يُحصيها” (الرحلة المراكشية ص 07)، ورَبَط ذلك بتأثيرات الحماية الأجنبية، حتى “صارت الرذائل مَرعى خصيبا للأبناء فيها، وانْدَرَس مِن أهلها عِدّة مَحاسِن كأنها لم تَكن، وذلك بسبب الـمُواصَلة الأوربية، وانسلَخوا عمّا كانوا عليه من اللَّطافة والعدل ولِين العريكة وحُسن الجوار للذي والَاهُم، والعزّ والجبروت على الذي خالَفهم وعاداهم؛ إلى غير ذلك من مَساوئ الأخلاق” (الرحلة المراكشية ص 08).
إنّ الأمور الـمُقلِقة في نَظر هذا الإصلاحي الجَسُور تتجلّى فيما عليه البلاد من نَقْص واختلال في وَظيفة الـحِـسْـبة، وغياب حقائق الدّين الإسلامي عن واقع الناس حتى صار لا يَعلم بها إلا القلة، وانصراف أموال الحكام والقُوّاد ونوّاب المخزن إلى تحقيق ما فيه شهواتهم وملذّاتهم وبناء قُصورهم وتكثير خَدمهم، وزُهد كثير من العلماء (الرحلة المراكشية ص 04) والفقهاء والخطباء عن الصِّدق في القول والكتابة، وإعفاءِ أنْفُسِهم من “كَدِّ النَّظر في المصالح الـعمومية” (الرحلة المراكشية ص 15)، وتَفشِّي حُبّ الحياة للحياة، والحرص على المال والبُخل به في سبيل العِزة القومية والرِّفعة الدِّينية والحياة الـهَنية، فَصار الناس إثْرَ ذلك “إذا رَأوا مُنكَراً قَرَّروه، وإذا رأوا مَعروفاً أنكروه”، وهذا من الانقلابات الخطيرة في السلوك العام وأخلاقيات الأمة.
ولم يُفوِّت ابن المؤقِّـت مِن صَغير القضايا وكبيرها وخاصّها وعامِّها إلّا تَطرَّق له بالنقد واقتراح سُبل العلاج، فأتى على ذِكر مَسألة بَيع الرَّقيق وانتشار الخمور وشُرب الدّخان والولَع بالقمار ولُعبة الضامة والكارطة، وعدم إخراج الزكاة، وفساد الـكَسْب والتّجارة، وجرائم العدول والقُضاء، انعدام النظافة (الرحلة المراكشية ص 303)، ومحاباة السلطة لذوي النفوذ، ومظاهر الغشّ والتدليس في الـحرَف والصنائع، وتقليد الأجانب وما يَجْلبه من مشاكل نفسية وأسرية، وفدائح عادات الأعراس (الرحلة المراكشية ص 149) المغربية في القرى والحواضر، وخفايا ما يحدث في حالات النكاح والطلاق والعِدّة والـحِلف بالأيمان وشِراء الذّمم وخيانة الأمانات وتتبُّع عورات الناس وخصوصياتهم، ومفاسد أسمار العامة في مجالسهم ولياليهم وميْلهم للخرافات، ومَثالب الاستحمام في الحمامات العمومية، والاختلاط في الأسواق.
انتقَد ما شاهدَه مِن انتهاك حُرمات المساجد وما يَستتبعها من فساد المؤذّنين والأئمة وفُشوّ الانحرافات الجنسية في صفوف طلبة القرآن وحُفَّاظ الصِّغار في الكتاتيب، والاعتقاد في السِّحر والمشعوذين، وتقديم النُّذُر والقرابين، وباقي البِدَع الدِّينية التي رآها وعايشها صَغيرا وكبيرا، وحال أهل البوادي في العقائد والعبادات الدينية، وتهافُت العامة على اقتناء الـفونوغراف لسماع الأغاني، وعلى الجملة “فالناس فيما يجب عليهم من الاحتياطات تَساهلوا، وعن الأهم من ضروريات دينهم أعْرَضوا، وإلى الأسباب الجالِبة لارتكاب المعاصي جَنَحوا” (الرحلة المراكشية ص 172).
ومن القَوادح الوقتية التي عابها على المغاربة؛ تشبُّههم بالنصارى/الاحتلال في كثير من الأمور، منها تَرْكُهم الأخذ بيوم الجمعة يومَ عطلة أسبوعية، واقتدائهم بالفرنسيين في اتخاذ يوم الأحد عُطلة “بحيثُ يَتركون شُغلهم في هذا اليوم، ويَذهبون للنزهة الجامعة لكل بَلية وفتنة، على أنه لا يَخفى أنّ مَن تَشبَّه بقومٍ فهو منهم” (الرحلة المراكشية ص 51)، وشَنّع على ما رآه تَسَرُّعاً في اللحاق بالغرب عن جَهل وعَماية، مبَيِّنا أنّ “تقليد الإفرنج الذي ذَهَبوا فيه كل مَذهب هو الـمِـعْوَل الذي هَدَموا به استقلال بلادهم، ودَمَّروا ثَروتهم، وضَيَّعوا قَوميتهم، فأصبحنا نُقلِّد الإفرنج التقليد الأعمى” (الرحلة المراكشية ص 43). فانظُر كيف جمع بين إشكالية التشبه بالآخر واتخاذه قُدوة وفُقدان الاستقلال، الذي يستتبع ضياع الثروات وضُعف القومية.
وكَإصلاحيٍّ مسكونٍ بهاجِس الإصْلاح الاجتماعي يتساءَل عن أسباب السُّقوط وعلة الانحطاط؟ ويُرجع الأمر _ ابتداءً _ إلى بُعد الناس عن الدين الـمنزَّلِ وعن السنن الإلهية، ذلك أنّ الله قد “وضَع لسيْر الأمم وحياتها سُننا مُتَّبَعة، فقال {ولن تجد لسنة الله تبديلا}[4]، فالأمم التي يُصيبها الذل والهوان إنما يُصيبها بسبب هجْر تلك السنن ومُعاداتها، فالله لا يُغيِّر ما بِقومٍ من عِزّة وقُدرةٍ وجاهٍ وأمْنٍ وراحةٍ؛ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم مِن نور العقل، وصحّة الفكر، والاعتبار بفِعْلِ الله في الأمم السابقة”، (الرحلة المراكشية ص 18) وأخطر ما في هذا؛ سَريانه على الأجيال التي تُعايِش مراحل الانحطاط، وتَرى ما بِقومها يَـتغيَّر مِن حَسَن لأسوء، فتَنشأ الناشئة جاهلةً بما عليها مِن دَورٍ في مقاومة الانحطاط وتنضُج غافِلة عن أسباب التقدّم، حتى إذا ما “نَسُوا تاريخ حياتِهم ولغتهم، وأُشْرِبوا في قلوبهم تاريخ حياة غيرهم؛ ذَهَب كل فريقٍ بما اشتهى، وشبَّت النفوس على ما سِيقَت إليه، وبَدَت على الأمّة أخلاق مُنكَرَة ومُبتَكَرة بعوائد غربية، لا تُنسَبُ بالمرّةِ لسوابِق عوائدها (..) وابتَعَدوا عن ذلك الأصل الشَّريف، ثم تَناهَوا في الفجور” (الرحلة المراكشية ص 395).
أكَّد العلّامة المراكشي أنّه لا يُمكن تَلافي أخطار المفاسد الأخلاقية والانحرافات في الـمعاملات اليومية إلا بالتعاون التام على التمسّك بالكتاب والسنة النبوية المطهَّرة، ورَفْض العوائد المألوفة الوقْتية التي وجد الناس عليها آباءَهم. ودَعا العامةَ والخاصة إلى التعصُّب الإيجابي لــ”مكارم الخصال، ومحاسن الأمور التي يتنافس فيها الـمتنافسون، فهِيَ سبيل غَير الـمُتَّهَمين من الدّاعين (أيْ الدُّعاة) والـمُرشِدين” (الرحلة المراكشية ص 16).
الموقف المُتجلِّي من الاحتلال الأجنبي
أما مواقفه من الاستعمار وتعبيراته المادية والثقافية وتأثيراتها السلبية على المجتمع فمتعدّدة الوُرود في كتابه وباقي أعماله، ففي لَفتة جرّيئة وموقف حازم من سلطات الحماية وبلدياتها يقول “إذا صارت الحكومة تتخذ من الـجُهّال رؤساء وحكّاما مُستَخْدَمين يَفعلون ما شاءوا _ بل قَصْدُهم جمع المال وتَرك الأحوال على شَرّ حال_؛ فلْتَـرْقُب الضّعف والوهن يَسري في مملكتها شيئا فشيئاً إلى أن يَخرج الأمر من يَديها فتصيرَ هي الظالمة والمظلومة” (الرحلة المراكشية ص 11). وتَعدَّت مواقفه الجانب العسكري والسياسي للاحتلال؛ إلى نَقْد مساوئه الوقتية وعاداته البليدة التي يَسعى لتسويقها وتَوطينها في بلاد المسلمين.
التَّحذير من عَبثِ الأدب المكتوب
كان ابن المؤقِّت من العلماء المغاربة السبَّاقين إلى التأليف والنشر قيْد حياته، وإتاحة الفرصة للقراء على اختلاف مشاربهم لمناقشته ونقده في مشاريعه التي نشَرها عن طريق مَطابع القاهرة في ذلكم الوقت، كما انشغل بالأدب والشعر والنَّثر، فكان له في ذلكَ نَظر ونَقد تُجاه ما كان يَروج في الصحافة الاستعمارية والمغربية من قَصص وحكايات وأدَب مُوجَّه للمغاربة والناشئة، فشنّع على أشباه الأدباء تلك الغفلة عن المهمة التربوية التي يُفتَرَض فيهم الاضطلاع به خِدمةً للهوية والقيم، وحمايةً للنسيج الاجتماعي من الانحلال والتخلَّف والهَدم، واعتبَر تلك الغَفلة مِن أعْلى وُجوه الخسران ومَنبع كلّ فتنة وبَلية.
انتقد كذلكَ الأدبَ الذي لا يُساهم في إصلاح العقول والأذواق الـمجتمعية وعبَّر قائلاً “إنا لنأسَفُ على ما نَراه مِن أدباء المسلمين وشُعرائهم، فإنّهم يُقْصِرون أشعارَهم على الذمّ والمدح، لا للإصلاح؛ بل للانتقام، ويَحْصُرون قصصهم في حكاياتٍ مُضحكة، وقصص هزلية ونحْوها مما لا يَكاد يُفيد ويَنفع، بِدون ما يُلاحظوا تأثير ما يَكتبون وما يَنقلون في أفكار الأمّة” (الرحلة المراكشية ص 646)، على ما كان من ضُعف وسائل إيصال المعلومة والقصة وانتشار الشِّعر في ذلكم الوقت.
التأسْلُم الرّاكد والتدين المجتمعي الفاسد
كَـرّس ابن المؤقِّت حياتَه لتصحيح الانحرافات بجَراءة المثقَّف الموسوعي، وأصالة عالم الشريعة الـمتمكّن، حيث تُحيطنا نُصوص “الرحلة المراكشية” بكمٍّ وافِر من المعطيات والأحكام والمراجعات والنقد الشديد لانسلاخ الناس من الأخلاق والدين، وإتيانهم بممارسات وسلوكات منافية للتدين السليم. فرابطة الدين باعتبارها أوثَق العُرى وأقوى الروابط المؤثِّرة في النفوس؛ أوْلَاهَا المصلح ابن المؤقِّت عنايةً كبيرة وعَدَّها في طليعة ما يجب أن يتصدَّر أولويات العلماء والخطباء، لأنَّ “الدِّين أقوى أساس تُشادُ عليه دعائم الروابط الاجتماعية بين أفراد أمم النوع الإنساني مهما تبايَنت مَشارِبهم واختلفت أغراضهم وتَعدّدت لُغاتهم” (الرحلة المراكشية ص 23).
فأحوالُ مغاربة الحواضر والقرى في علاقتهم بالشريعة والدين شكَّلت هَمًّا مُقلِقا في الخطاب الإصلاحي لابن المؤقِّت، فَلَفَتَت انتباهَه إلى أنَّ تجليات الانحطاط الثقافي والعلمي والسلوكي مَرَدّها إلى مُبايَنة أحوال الناس لــ”الشريعة الإسلامية غاية التّباين [حتّى] انعكَسَت عوائد الناس غاية الانعكاس، وانقلَبت أطوار أهل التجارة والحرف في جميع مُـتَصَرَّفاتهم، في مسكنهم وفي أسعارهم وفي سائر نَفَقاتهم” (الرحلة المراكشية ص 30)، مما استلْزَم دَعوة الصالحين والعلماء وخُطباء المساجد إلى إرشاد الناس وحَثِّهم على التمسك بدينهم وإظهار شعائره الحميدة، وتَفهيمهم أهمية الاعتماد على الدلائل الشرعية في معاملاتهم وتَدَيّنهم، لكي يَسود الدِّين الحق وتَظهر معالم وأمارات التديّن المنشود. أما التكاسل عن هذه المهام الجسيمة والأمانة الثَّقيلة والإعراض إلى “الوظائف والمراتب” والركون إلى “الظَّلَمة والمنحرفين”، “فأنّى يَظهر الدين والعلماء ساكتون؟” (الرحلة المراكشية ص 29)، يتساءل المراكشي بحسرة، ويُردِف آمِلاً في تجديد الدين وتجويد التدين الـمجتمعي بـأنْ يَتوفَّق “عُلماءنا الأعلام وأمراءنا الكرام إلى استدراكِ الـخَطْبِ قَبل استِفحاله، وقَطْع عِرْقِه قَبْل سَرَيانه، بنشْر التعليم بين المسلمين عامة، وتَخريجِ وُعّاظ ومُرشِدين قادرين على تَفهيم العوام أمْر دينهم، وبيان حقوق الأفراد والجماعات، وما يَنشَأ عن الجهل وتَرك الدين وتَقليد الأجانب في الأمور الـمُخِلَّة والمفاسِد الـمُؤَثِّرة في الـمجتمع؛ من سُقوط الأمة وانحطاطها، ووُثُوب العدوّ عليها وافتراسها، واستِعْباده إياها. فيُصبح الشَّعبُ متعلِّما متيقّظا لنفسه، متمسِّكاً بحقوقه، محترِماً لجاره ورَحِمه، عاملاً بشريعته ودينه، ناظراً إلى منفعة أخيه ووطنه، مُكِبًّا على رضا ربّه، مُتباعداً عمّا يَضُرّ بقومه وأبناء جِـنسه، متحاشيا الرذائل، متحلِّياً بالفضائل” (الرحلة المراكشية ص 48).
مقاومة بِدع الزّوايا وانحرافِ التصوُّف
تَـمَـيَّـز ابن المؤقِّت عن إصلاحِيّي عَصره بإعماله فِقه المراجعات، تجلَّى ذلكَ أكثر في تحوُّلِه مِن حياة الزَّهادة والطُّرقية والتعلُّق بالشيوخ؛ إلى رحابة العقلانية والـمشاركة الإيجابية في الحياة عن طريق التدريس والتأليف والـمناظرات. ومعلوم أنه ألَّف في بدايات إعجابه بالطريقة البَنانية كتابَه “نتائج الأفكار الحَقّية في مدْح الطريقة الفتْحية“، ولكن لَـمْ يَـحُلْ هذا الإطْراء دُونَ انْـقِلَابِه على شَيخه، وعُدُولِهِ عن طريقته. فَـأجْـرَى انتقادًا مُـبَكِّرًا وصارمًا للطُّـرق الصّوفية المبتَـدِعة والمعطِّلة لصَحْو المجتمع المغربي والنَّاكبة عن طريق التّـقَدُّم والنُّهوض الحضاري، ومارسَ انتقاداً في اتجاهٍ آخَر، اسْتَهَدف بَعْض الـمُعَطِّلة لنصوص الشَّرع وصحيح الإمام البخاري “الكذّابين الذين لا سبيلَ لهم سوى جمْع المال، وادّعاء حقيقة المعرفة والوِصال، حتّى تَخَيَّل العامي أنّهم من ذَوي الحقيقة والأحوال، بل هم من ذوي السخط في العاجل والمآل” (الرحلة المراكشية ص 84)، وعابَ على العامّة مسلكياتهم الخاطئة في التَّعامل مع الشرع، فكَتَب “الكشْف والبَيان عن حال أهْل الزَّمان”[5] و”لُـبانة القَاري مِن صحيح الإمام البُخاري”[6] و”إظهار اللّبس فيما انْـطَوى عليه ضمير الشيطان والنّفس”[7]، واستَمرَّ وَفِـيًّا لحاسة النَّقد، شامِلاً المساوئَ الوقتية في زَمانه بجرأةِ الدَّاعية ورَصَانة العالِم وثِـقَةِ المصْلِح الـدِّيني، مؤكّدا أنْ “لا جدال في أنَّ كثيرين من هذه الطوائف جُناة على الأمة الإسلامية، إما بجهلهم، وإما بتلاعُبهم بالشرع ومُحاولتهم اصطِياد الدنيا بشبكة الدّين” (الرحلة المراكشية ص 85)، مقرونا ذلك عندَه بفهِمٍ واسعٍ متينٍ لمكامن الأخطاء وطبيعة الدواء لمحاصَرة الداء الـمُستشري في أوصال الحركة الصوفية وفي الخليقة المُتِّبعة لها.
ومِن شِدّةِ نَـفاذِ انتقاداته للطُّرُقية وامتداد دعوته الإصلاحية؛ لاقى الجفاء والنّـقدَ والتَّسفيه، وصُنِعت تحالفات طُرقية-عُلَمَائِية لمحاصرته، والاشتِكاء به للسلطات، اشتكاءً بَلَغ حَـدَّ مُراسَلة السلطان محمد الخامس في شأنه. وشهِدَ هو بنفسه أنّ أقطاب الزوايا وبعض مُريديهم “إذا قَرَعهم إنسانٌ بما جاء في الكتاب والسنة؛ أطْلَقوا ألْسِنتهم بالسَّب، بل ربّما كَفَّروه أو فسَّقوه أو رَمَوهُ بكل شَنيعة” (الرحلة المراكشية ص 85).
جسَّد المراكشي حلَقة مُهمة في الاستمرار الطَّردي للفكرة الإصلاحية منذ القرن التاسع عشر، التي بدورها حاربت البِدع والفكر القُبوري والشعوذة والتصوّف المنحرِف، وأصَرَّ على أنّ “مِن حقّ علماء الدين أنْ يَدفعوا هذا الباطل بقَدْر طاقتهم وقوّتهم، لأنّ الباطل يُفسِد الحياة، ولأنّ انتشاره يُورِّث الـهَلَكَة” (الرحلة المراكشية ص 137)، وقاد بجدية وشَجاعةٍ حَمْلةَ إصلاح ديــني. وتميَّز بِعَدم اقْـتِصاره على النقد والتّجريح؛ وإنما انكبَّ على العيوب يُصلِحها، وعلى جوانب التّـنوير في الإسْلام يُجلِّيها، وعلى العقيدة يُدافع عَن نَصاعتِها، وعلى التصوّف يُبيِّنُ صَحْوَهُ مِن سُكْرِه، ويُعيد رَبط الشّعب بالكتاب والسنة المحمدية اللذين هما روحُ الحياة الاجتماعية (الرحلة المراكشية ص 159-160) وسببُ نجاح السَّلف والخَلف، ويَدعو إلى العودة لحقيقة الدين الإسلامي، “الذي هو دين الفِطرة والكمال، المانح للعقل والإرادة شَرف الاستقلال (..)، الحامل على السَّير في مَحجّة القصد والاعتدال، والتوسّط في كل الأحوال”.[8]
الإسْهام في صيانة الذاكرة التاريخية للمغرب
كَفاءة العلامة ابن المؤقِّت في التعبير عن عظمة المغرب الأقصى، تاريخا وفكرا وشِعراً[9] وأعلاماً وعمراناً لا يجادل فيها اثنان، فقد انكبّ الرجل لسنوات عديدة على التَّدوين والكتابة والتقييد، وخلَّف لنا تراثا ضخماً.
فعلى مُستوى صيانة الذاكرة التاريخية للمغرب؛ خَلَّدَ لنا مُصنَّفاً في ذِكْرِ أدوار جامع ابن يوسف بــعنوان “الجامعة اليوسفية”، وآخَر في تلخيص أهمّ حوادث الأزمان عَنْوَنه بــ”إرشاد الشيخ والشارخ لملخص بعض التواريخ”،[10] فيما جاء مُصنَّفه الرائد “مجموعة اليواقيت العصرية”[11] ضامًّا ستة[12] كتُب مِن أجود ما أنتج مُثقفٌ إصلاحي بمغرب الحماية جادت أفكاره بجواهر المعارف:
- تَضَمَّنَ الكتابُ الأوّلُ من المجموعة وعنوانه “الاستبصار في ذِكْر حوادث الأعصار”؛ معطياتِ مُعظَمِ وأهَمّ الحوادث التاريخية في المائة الأولى مِن الهجرة، وصولا إلى المائة الرابعة عشر، ضمّنَها حديثاً عن أسباب الفتنة الأولى في صدر الإسلام، مرروا باستيلاء العُبيديين على مصر، وغزو الإفرنج للشام واحتلالهم للقدس، وقيام الأمير صلاح الدين الأيوبي لمقاتلتهم واسترداده مدينة القدس الشريف سنة 1187م، واجتياح التَّـتر للمشرق الإسلامي ودخولهم بغداد، وقيام العثمانيين بفتح القسطنطينية.عُروجا على بعض الأحداث التي شهدتها ساحة المغرب الأقصى، كظهور المهدي محمد بن تومرت وقيادته للانقلاب الموحِّدي على الدولة المرابطية، وثورة ابن أبي الطَّواجين في منطقة غمارة، وضياع الأندلس، واحتلال البرتغاليين لسواحل الشمال المغربي، وتَصدَّي الأشراف السَّعديين الناجح في معركة وادي المخازن، وأنهاه عند تنازل السلطان العلوي عبد العزيز بن الحسن عن العرش سنة 1908.
- وجاء الكتاب الثاني[13] “تَلخيصا مُعْرِبًا عن جغرافية المغرب، ممزوجا بذِكر بعض الأمصار وما لها من الـمَفاخر والمآثر، ليكون بذلك نُزهة للخواطر، وبَهجة الـمَسامِع والـمَناظر”[14]، مدقِّقا القول عن الحدود الجغرافية للمغرب الأقصى وأوديته وأنهاره وجباله ومَراسيه، وأشهر مُدنه وعواصمه، وسُكانه ومواليده، وتاريخه.
- والكتاب الثالث أسْماه “نُزهة المالك والمملوك في تَراجم مشاهير الملوك” خصَّه للحديث عن الجوانب السياسية والعمرانية والإصلاحية لثُلّة من مشاهير مُلوك بني أمية، وخلفاء بني العباس، وأمراء الأدارسة، ومشاهير أمراء اللّمتونيين، فخُلفاء الدولة الموحدية، ثم المرينيين، والسعديين والعلويين وصولاً إلى شخصية السلطان محمد بن يوسف (تــ 1961).
- وبذَل في الكتاب الرابع _ “إرشاد الشيخ والشارخ لملخَّص بعض التوارِيخ” _ جُهدا مُضنيا تطلَّب العودة لأمهات المصادر في التاريخ، ذكَر لنا فيه مُلَخَّصا عن أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لَدُن آدم إلى خاتم الرُّسل، ونُتَفا من التاريخ العربي والشهور العربية، والسَّنة الإفْرَنجية (الميلادية)، وفُصول السنة الأربعة. ثم ميَّز فروقاتِ التاريخ القديم عن التاريخ الجديد، وأوْرَد نصوصا نَفيسة في موضوع التاريخ عند العرب، ومُلَخَّصا عن سيرة الخُلفاء الراشدين وأشهَر غَزواتهم، ومِثْله عن تاريخ مُلوك العَجَم، ومُلوك الشَّرق وتَواريخ جُلوسهم ووفياتهم، وقائمة بأسماء وُلاة مِصر منذ عهد الفتح الإسلامي، كما عَرج على ذِكر أشهر خُلفاء الدولة العثمانية وأعمالهم ووفياتهم، دون أن يَغفُل عن تَقديم مُلخَّص عن تاريخ المغرب الأقصى وبَعض مُلوكِه، وأيضا تاريخ تونس والجزائر.
- أما الكتاب السّادس فجاء طَريفاً في بابه، أقربَ إلى عالم الأُسطورة، جَمع فيه متفرِّقات وغرائب وعجائب الأخبار، ودالاًّ أيضاً على سَعة اطّلاع العلّامة ابن المؤقّت، الذي توسَّع خارج مجال الأدب والفقه والتاريخ إلى الشِّعر والقَصص والخيال الأدبي، فأتى كتابه “تَليين الطَّبع في ذِكْر ما يَسرُّ السَّمع“ فيه “مِنعَجائب الوقائع وغرائب البَدائع ما يُطْرِب السامع، ويُشنِّف المَسامع، فُكاهةً للإخوان الرّاغبين في سَماع ما يَسُرُّ فِكْرتهم في السِّر والإعلان”.[15]
وأما في مجال التراجم وصيانة الذاكرة العُلمائية وإظهار حقيقة مآثِر علمائنا وإضافاتهم وأعمالهم العلمية؛ انـتَصَبَ العلّامة المراكشي مُحتفِياً بأعلام المغرب الكبار مُترْجِماً لهم في عَمَلينِ جليلين مِن أعماله هما “الضِّياء المنتشِر في وفيات أعيان القرن الأول إلى القرن الرابع عشر”، جَريا على ما وضَعه السادة العلماء في المشرق والمغرب مِن كُتُبٍ مُؤرِّخة لوفيات الأعيان، فحاوَل جُهده راصِداً ومدقِّقا في تواريخ أهم الشخصيات الدينية والعلمية والثقافية التي قَضَت نَحبَها فيما بين القرن الأول للهجرة والرابع عشر، فذَكَر قوائم بأسماء وفَيات الصحابة العَشرة المُبشَّرين بالجنة، ووفيات بعض مشاهير الصحابة الكرام، ووفيات التابعين الذين اشتَهَروا بالتَّقوى، وأتباع التابعين الذين اشتَهَروا بالفَتوى، ومشاهير علماء العالم الإسلامي بِرُمّته، والمغرب الأقصى في القرون الثالثة والرابعة والخامسة وُصولا إلى القرن الرابع عشر الهجري.
وكتابه “السَّعادة الأبدية في التّـعريف بـمَـشاهير الـحَضْرَة الـمُرّاكشية”، الذي يُعدُّ بحَقّ؛ مفخرة إنجازات ابن المؤقِّت، ومصدرا مَرجعيا في بابه، خصَّصه صاحبه لدراسة وترجمة آثار الغابرين من العلماء والأولياء والفقهاء والصلحاء الذين استقَرّوا أو مَرُّوا أو درّسوا بحاضرة مراكش، منذ عصر المرابطين إلى مطالع القرن العشرين. وأرَّخ فيه لمدينة مراكش وأسوارها وأبوابها ورباطاتها ومساجدها ومدارسها وحمّاماتها وأفرانها وسقّاياتها ونُظمها الاجتماعية والثقافية والعمرانية، وأقطابها الكبار، واسْتَفْرَغ الوقت لخدمة المعرفة التاريخية فألَّـفَ “تقريبَ الأقصى في تَلخيص الاستقصا” وهو عمل مهم قَـرَّب به مضَامين الموسوعة الشهيرة للعلامة أبي العباس أحمد الناصري، إفادةً للناشئة والشّباب ولجمهور الباحثين العرب والأجانب الذين لهم شغَف بمعرفة مسارات من تاريخ المغرب الأقصى. فضْلا عن كتابه القيِّم “تنوير الأذهان في ذِكـر البعض مِن مَفاخر السلطان” خصَّـصه لعهد حُكم السلطان محمد الخامس، ولَـمْ يَفُتْهُ أنْ يُوفِّي حَقَّ مَن علَّمه وأدَّبَه؛ فكَتَب مُخلِّداً إرْثَ أبيه ودَورِه ومآثِره في كتابِ سمَّاه “إظهار المَحامِد في التَّعريف بمولانا الوالِد”[16].
خاتمة
لقد كان ابن المؤقِّت إصلاحيا تمَّم جهودَ سابقيه، وزادَ على ذلك كثيرا، فناضل بالقلم والعلم، ونازَل خصومه في ميدان التأليف والإصلاح الديني والاجتماعي، وخَدم الأجيال اللاحِقة بأنْ بصَّرهم بتواريخ مَضت، وأعمال اكْتَسَبها السابقون وطَبعوا بها مَسار تاريخ المغرب الأقصى، وأعانهم على قراءة ذاتهم وماضيهم وتُراثهم الغني، فصَان ذاكرتنا التاريخية وحَمى خصوصيتنا الثقافية الـمُتَّسِمة بالقابلية للانخراط في زَمن الإصلاح الـمَوجِي المتداخِل الـمُمتدِّ والـمُستمِر، وعَبَّرت دَعوته الإصلاحية إلى حدِّ ما عن تاريخنا الفكري والعلمي والإصلاحي، ومَع ذا؛ تبقى أفكاره الإصلاحية خَليقةٌ بالعناية والإكبار، وجديرةٌ بأنْ تتجرَّدَ لها أقلام المؤرخ والمفكِّر والمثقَّف، لتُسلِّط الضوء على لحظاتِ تَفكيرٍ إصلاحِيٍّ مغربي في مجتمع مضطرب، وأحوال وَقتية متناقضة.
وبَعد حياةٍ عامِرة بالعِلم والعطاء والنِّضال مِن أجلِ إصلاح أحوال العامة والـخاصَّة، وسنواتٍ قليلة بعد عودته مِن رحلة الـحجّ ضِمن تشكيلة الوفد الرَّسمي للحجاج الـمغاربة الذي عيَّنه محمد الخامس رئيساً له سنة 1944، سيُــسْلِم الروح لباريها يوم 8 دجنبر سنة 1949 ويُدْفَن بباب أغمات، بمراكش الـحمراء.
رحمه الله وأثابه خيرا نظيرَ خدمته الجليلة لتاريخ المغرب الأقصى وأعماله وأعلامه العظام.
المراجع
[1] (ابن سودة) عبد السلام: "سَلُّ النّـصال للنِّضال بالأشياخ وأهل الكمال"، تحقيق محمد حجي، الطبعة الأولى، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1997، ص: 139، و"موسوعة أعلام المغرب"، تنسيق وتحقيق محمد حجي، الجزء 2، الطبعة 2، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 2008، ص: 521، و"معلمة المغرب": الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ط 1989، ص: 7328-7329.[2] (المؤقِّت) محمد بن عبد الله، "الرحلة المراكشية؛ أو مِـرآة المساوئ الوَقتية أو السيف المسلول على الـمُعْرض عن سنة الرسول"، طبعة غير معلومة، الدار البيضاء، منشورات دار الرشاد الحديثة، بدون تاريخ، ص 3.
[3] (المؤقِّت) محمد بن عبد الله، الرحلة المراكشية... ، مرجع سابق، ص 4.
[4] القرآن الكريم، برواية ورش عن نافع، المصحف المحمّدي، سورة الأحزاب، الآية: 62.
[5] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "الـكشف والتّبيان عن حال أهل الزمان"، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى 1350 هـ، تحت رقم 457.
[6] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "لُبانة القاري من صحيح الإمام البُخاري"، تحقيق أحمد بن بدر الدين، منشورات المكتبة الإسلامية.
[7] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "إظهار اللبس فيما انطوى عليه ضمير الشيطان والنّفس"، منشورات المطبعة العصرية، فاس، طبعة 1365 هجرية.
[8] (الناصري) محمد المكي: "إظهار الحقيقة وعلاج الخليقة؛ من مُناهَضَة الطُّرقية إلى مقاومة الاحتلال"، دراسة وإعداد الدكتور إدريس كَرم، تحقيق وتَخريج محمد برعيش الصَّفريوي، الطبعة الثانية، المغرب، منشورات السبيل، رقم 12، 2010، ص 81.
[9] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "مجموعة القصائد الوعظية لأبناء الحضرة المراكشية"، منشورات مطبعة بابي الحلبي، مصر، الطبعة 1، سنة 1934.
[10] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "السّعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية"، مراجعة وتعليق أحمد متفكر، الطبعة الثانية، مراكش، مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال، المطبعة والوراقة الوطنية، 2011، ص 14.
[11](المؤقِّت) محمد بن عبد الله: "مجموعة اليـواقيت العصرية"، مطبعة مصطفى بابي الحلبي وأولاده، مصر، طبعة 1930.
[12] (المؤقِّت) محمد بن عبد الله: "مجموعة اليـواقيت العصرية"، مرجع سابق، ص 2.
[13] (المؤقِّت) محمد بن عبد الله: "الـمُعْرِب عن مَشاهير مُدن المغرب"، الطبعة الأولى، مصر، ضمن مجموعة اليَواقيت العصرية، طبعة 1930.
[14] (المؤقِّت) محمد بن عبد الله: "الـمُعْرِب عن مَشاهير مُدن المغرب"، مرجع سابق، ص 85.
[15] انظر: "تَليين الطَّبع في ما يَسُرُّ السَّمع"، ص 231.
[16] (المراكشي) محمد بن المؤقِّت: "السّعادة الأبدية، مرجع سابق، ص 33 – 35.