المحتويات
المولد والنشأة[1]
العالم الجليل، الوطني الغيور، الحاج حسن بناني. ولد بمدينة فاس مدينة العلم والعرفان عام 1919م، وبها ترعرع في أحضان أسرة كريمة لها عند أهل فاس اعتبار خاص، حيث يجري على ألسنة الناس هناك قولهم: “شريف ولا بناني”.
التحق مبكرا بكتاب قرآني بجوار سكنى العائلة بأحد الأحياء بالمدينة العتيقة من فاس، ثم ما لبث أن نقله أحد المحسنين إلى مدرسة النجاح ب “رحبة القيس” التي كان يشرف على إدارتها الأستاذ الهاشمي الفيلالي وأبو الشتاء الجامعي رحمهما الله. وبها تلقى إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم مواد اللغة العربية والفقه ولرياضيات، وفيها وتعلم الكثير من العلوم والفنون.
التحصيل العلمي
بعد قضاء سنتين بمدرسة النجاح التحق برابعة الثانوي بجامع القرويين، بعد اجتيازه لامتحان كان تحت إشراف الرئيس، ومنها حصل على شهادة رابعة الثانوي، ثم على شهادة السادسة (الباكالوريا). ثم النهائي وسنواته ثلاثة، وضاعت منه سنة قضاها في السجن، فقضى فيه أربع سنوات حصل بعدها على العالِمية في دورة يونيو 1947م. ومن قرناء مترجمنا وزملاؤه في الدراسة، نذكر: الأستاذ عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة السابق، والعلامة عبد القادر زمامة رفيقيه في المرحلة الإبتدائية، والعلامة الدكتور عبد الهادي التازي أحد زملائه في القرويين.
الوظائف والأعمال
تقلب مترجمنا في عدة وظائف منذ وقت مبكر، ففي سنة 1948م استدعي للعمل في كتابة السيد مدير القرويين المرحوم محمد الفاسي، ثم التحق بالأستاذية في القرويين بمباراة أشرف عليها ثلة من العلماء. وبعدها كلف بتتبع أعمال الطلبة وتسجيل نتائج دوراتهم بصفة (حرس عام) بالقرويين. ثم عين خليفة لنائب وزارة التربية الوطنية بفاس؛ ثم نائبا لمدير القرويين الأستاذ الطاهر الفاسي، وكان رئيس الجامعة حينئذ العلامة سيدي محمد الجواد الصقلي، وذلك بعد انتقال القرويين إلى الزربطانة سنة 1959م، ثم إلى ابن دباب/الشراردة سنة 1962م، ثم عين مديرا لها في عام 1964م وشغل في نفس الوقت منصب نائب وزارة الثقافة والتعليم الأصيل بفاس وتازة ووجدة؛ ثم مساعد رئيس التعليم الأصيل بوزارة التعليم، وكان الرئيس يومها الأستاذ محمد الحجوي. ثم مفتشا عاما بوزارة التربية الوطنية مع الإحتفاظ بإدارة القرويين إلى أن أحيل على المعاش؛ وكان أثناء هذه الوظائف يشارك في وضع البرامج أو تعديلها من خلال لجن التخطيط الخماسي المنعقدة بالوزارة.
ومن أشهر ما عرف به أيام إدارته للمعهد، أنه كان صديقا حميما لسائر الأساتذة العلماء الذين كانوا يدرسون في المعهد، وهو يكون بينهم يحدثهم ويحدثونه، ولكن إذا رن جرس دخول الطلبة إلى فصول الدراسة، قام من بينهم وكأنه هو المعني بالأمر قبل غيرهم، قام من بينهم وهو يصفق بيده ويقول: يا الله وليداتي، الأقسام الأقسام؛ وذلك لشدة حرصه على بداية الحصص في أوقاتها وعدم الإقتطاع منها.
كفاحه الوطني
على غرار عدد من أقرانه طلبة وخريجي جامع القرويين، حكم على مترجما في حوادث 1936م بالسجن ثلاثة أشهر بفاس، وحكم عليه في حوادث 1944م بسنة ونصف بغابة (فروحت) ببولمان، ثم نقل رفقة عدد من الوطنيين إلى سجن (عين علي و مومن)، ثم ألقي عليه القبض مع جماعة من إخوانه في النضال، وزج بهم في (برج النور) بفاس بدون محاكمة.
الإلتحاق بالدار البيضاء
ولى مترجمنا وجهه شطر مدينة الدار البيضاء بعد الإحالة على المعاش، فعين مديرا مساعدا للمرحوم الفقيه الشاتي بمعهد القريعة، الذي حل محله المعهد الإسلامي بالسباتة. ثم مديرا للمعهد الإسلامي العالي لتكوين الأطر الدينية بقرية الجماعة، وكان من شروط القبول فيه في البدء الحصول على شهادة الباكالوريا الأصلية مع الحفظ الكامل للقرآن الكريم، ثم غير الشرط بالحصول على الإجازة الأصلية. وفي هذه الأثناء عين عضوا في المجلس العلمي الإقليمي للدار البيضاء برئاسة الفقيه سيدي محمد بن عبد الله العلوي الهاشمي سنة 1987م، بصفة منسق لجنة صيانة الثوابت التابعة له؛ وزاوج الأستاذ بناني بين إدارته للمعهد ونشاطه في المجلس إلى أن أحدثت الكراسي نظرا لخبرته في ميدان الإشراف والتسيير العلمي والتربوي. كما عمل لسنوات ضمن لجنة الإشراف على مدرسة تحفيظ القرآن الكريم بحي السدري، فضلا عن كونه كان عضوا بفرع رابطة علماء المغرب بالدار البيضاء، ثم رئيسا لها إلى أن سلم سلطاته للسيد الكاتب العام للرابطة المحمدية.
وفاته
توفي -رحمه الله- يوم الثلاثاء 22 يناير 2019م/15 ربيع الثاني 1440ه، ودفن بمقبرة الرحمة بعد صلاة العصر، وحضر جنازته عدد من الأعيان وطلبة العلم، وأبّنه العلامة حسن أمين الهلالي رئيس المجلس العلمي المحلي لعين الشق.