من هو حسن المراكشي[1]

الفقيه المدرّس، العلامة المشارك، النابغة الوطني حسن بن عمر بن حيدر المراكشي، أخذ عن علماء مراكش ثم ارتحل إلى فاس، وعاش فيها سنوات طالبا العلم ثم مدرسا، وأسس بها رفقة بعض رجالات الحركة الوطنية عددا من المدارس الحرة لتعليم أبناء المغاربة وتحصينهم من التعليم الفرنسي الذي كانت توفره مدارس الاستعمار آنذاك.

حسن المراكشي مشاركا

كان مترجمنا أحد أعلام الدار البيضاء المشهود لهم بالعلم والمشاركة، كان جليل القدر، عظيم الهيبة، ذا وجاهة عند الناس، شديدا في الحق، حازما لا تأخذه في الله لومة لائم، لا يتغاضى ولا يتوانى إذا انتهكت حرمات الله، وأكسبه ذلك مكانة متميزة بين أقرانه، وتقديرا وثناء من علماء عصره. كان له رأي في جل قضايا زمانه، ويسميها بمسمّيات تنم عن فصاحته وشجاعته وفكاهته و”سلاطة لسانه”، فلم يتردد مرارا في أن يصدع من فوق منبره برأيه في الدستور والمدونة والضرائب وتشكيل الحكومات وأداء بعض الوزراء، سجن مرتين، في عهد الاستعمار وبعد الاستقلال، أرسل إليه المغفور له محمد الخامس العلامة محمد بن العربي العلوي، ليصطحبه إلى القصر الملكي، فأكرم وفادته وأثنى على دوره العلمي والتوجيهي. وكان بينهما كلام أسرّ بمضامينه إلى بعض محبّيه.

حسن المراكشي مربيا

عاش رحمه الله مؤمنا بدور التربية والتعليم، فأسس مدرسة “الحياة الإسلامية” سنة 1952م، وكان يشرف عليها، ويختار لها الأطر الوطنية ذات الكفاءة للتدريس فيها.

اشتهر بأناقته، وانتقاء طيبه وعطره، والتفنن في ملبسه، فكان يلبس القفطان والمضمة والسلهام، وكانت أخته تقوم بشؤونه، لأنه عاش ومات عزبا. كان مترجمنا رحمه الله منقطعا للتدريس، يدرس فتح الباري كما لو كان ينظر فيه. درّس في عدد من مساجد الدار البيضاء، فدرّس التفسير بالمسجد المحمدي كل خميس من العاشرة صباحا إلى الظهر، ودرّس البخاري بمسجد درب العفو بدرب الكبير، والسيرة النبوية بمسجد الحاج علي الهواري قرب القريعة.

حسن المراكشي مفتيا

كان لمترجمنا منهج في الفتوى، يقصده الناس للاستمتاع بسعة علمه وحضور بديهته، يستفتونه في قضاياهم، فيجيب عنها مراعيا سياقها وظروفها وأحوال المستفتين. سأله أحدهم عند ظهور “الثلاجة” هل هي حلال أم حرام، فأفتاه بأنها حرام في حقه، فاندهش طالب الفتوى، فرد عليه الفقيه: أنت قبل الثلاجة كنت تقول: “اللهم في الرّوحْ ولاَّ يْبَاتْ مَطْرُوحْ” وكنت ترسل ما فضل عن أهلك من طعام إلى من يحتاجه فينتفع به فوْرا. أما بعد شرائك  الثلاجة فستضعه فيها ويبيت المحتاج طاويا، فمن له إذن؟.

وفاته

توفي رحمه الله بعد عمر حافل بجهاد الكلمة سنة 1976م بالدار البيضاء. ودفن بمقبرة الشهداء.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء، ص 90-91.