المحتويات
بين يدي التقديم
تتطلع الأمة الإسْلامية منذ عقود لاستعادة ريادتها، والقيام بأدْوارها الحضارية في الشَّهادة والشُّهود والقيادة والاستخلاف، في سِياق لحظة تاريخية فارقة ومِفصلية، تُشَكل منعطفا حَاسما في سيرورة التَّحولات العَالمية.
وقد تعددت الدراسات والأبحاث في مجال النهوض، وتعرضت بالدرس والتحليل لعدد من المشاريع الإصلاحية التي تنوعت منطلقاتها وخلفياتها وأسسها النظرية، تبعا لاتجاهات ومدارس ومناهج أصحابها، علما أن هذه المشاريع قد تباينت في الطرح والمعالجة، لكنها توحدت في الهدف والمسعى والمبتغى.
ونحسب أن كتاب “المنظور السنني لمشاريع الإصلاح المعاصرة أعلام وقضايا” للدكتور عبد العزيز الإدريسي من أنجح الدراسات الرصدية التي تناولت عددا من المشاريع الإصلاحية برؤية أكاديمية وعلمية تستحق المتابعة والتقديم.
تقديم الكاتب
عبد العزيز الإدريسي من مواليد مكناس بالمغرب أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي تخصص التربية الإسلامية. وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والاصلاح، وعضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية سابقا. حاصل على الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة الجديدة. وعضو المجلس الاستشاري لمركز معارف المستقبل للدراسات والأبحاث، شارك في العديد من الندوات محليا ووطنيا ودوليا، له مؤلفات ومقالات متنوعة في الفكر الإصلاحي والتربوي.
تقديم الكتاب
صدر كتاب “المنظور السنني لمشاريع الإصلاح المعاصرة أعلام وقضايا” عن الدار المغربية للنشر والتوزيع بالمغرب ودار الكلمة للنشر والتوزيع بمصر، في سفر واحد من 720 صفحة، من القطع المتوسط. وهو في الأصل رسالة تقدم بها الباحث عبد العزيز الإدريسي لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة أبي شعيب الدكالي بمدينة الجديدة.
والكتاب يتناول قضايا الإصلاح ومشَاريع النُّهوض الحضاري بمنظور سنني، من خلال رصد المقولات المؤسِّسَة للإصْلاحية الإسلامية المعَاصرة، والاشتغال على نخبة من النماذج والقضايا والأعلام، ونقد التجربة النَّهضوية المعاصرة المستندة إلى المَرجعية الإسلامية، وذلك عبر تحليل الإشْكالات النَّظرية والمفَاهيم المركزية المؤطرة لها.
وقد قسم الباحث الكتاب إلى مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، تطرق في الفصل الأول إلى (الإصْلاحُ: دِرَاسَة فِي المفْهُوم) وتتبع فيه لفظة الإصلاح واستعمالاتها اللغوية والتداولية في اللسان العربي والفرنسي والإنجليزي، ثم بعد ذلك في نصوص الوحي قرآنا وسنة، ثم في تعريفات العلماء والمثقفين والمفكرين قدامى ومعاصرين، وأطال النَّفس في ذلك، ثم درس علاقة مفهوم الإصلاح ببعض المفاهيم المجاورة الأخرى من قبيل: (المصلحة – التغيير- التقدم – الثورة)، ليخلص بعد ذلك إلى بعض القواعد المنهاجية والمقاصد الكلية لمفهوم وفكرة الإصلاح.
وخصص الفصل الثاني لـ (دَوَاعِي الإصْلَاحِ ومَدَاخِله وأَولَويَّاته) وقد بين فيه الدَّواعي الذَّاتية للإصلاح، ثم الدَّواعي الموضوعية، وبعد ذلك تناول مداخل الإصلاح ومقاربته، واقتصر فيه على: – المدخل التربوي التعليمي – المدخل الفكري الثقافي- المدخل السياسي- المدخل العسكري، ثم ختم هذا الفصل بمبحث ثالث تحت عنوان (في التحْقيب التَّاريخِي لفكْر الإصْلاح: أسْئلةٌ ومُلاحظاتٌ).
أما الفصل الثَّالث فخصصه لـ (المَنْظُور السُّنَني فِي الفِكْرِ الإسْلَاميِ الإصْلَاحِي الُمعَاصِر: تَأْصِيلٌ وَاسْتِشْرَافٌ)، حيث قارب المنظور السنني من خلال دراسة المفهوم والخصائص، من خلال تتبع هذا المفهوم في معاجم اللُّغة، و موارده في نصوص الوحي قرآنا وسنة، وأقوال العلماء والمفسرين، ثم إيراد بعض التعاريف المعاصرة لمفهوم السنن، وتحليل ذلك كله ومدارسته من خلال تحديد خصائص ومقاصد المنظور السنني، ليختم هذا الفصل بتقسيمات العلماء للسنن وتَـجَلِّيات المَنْظُورِ السُّنَنِي في استلهام الدروس والعبر، والتعرف على الأسس السليمة لفهم الذات وكيفية التعامل مع الآخر، واستشراف المستقبل.
(مَشَارِيعُ الإصْلَاح المُعَاصِرَة فِي العَالَم الِإسْلَامي: أَعْلام وَ قَضَايَا) كان هو موضوع الفَصل الرّابع، وقد تطرق فيه إلى مجموعة من المَشاريع الإصلاحية والنماذج النهضوية، ابتداء بالنَّموذج الفكري “من الفاروقي إلى المعهد العالمي للفكر الإسلامي”، وختاما بمركزية الثَّقافة في الإصلاح مع “علي عزت بيجوفيتش”، ومرورا بأبي الأعلى المودودي وتأسيس السياسة على العقيدة، ثم سيد قطب في المشروع الإصلاحي وسؤال الماضي والحاضر والمستقبل، ثم بديع الزمان سعيد النورسي وإنقاذ الإيمان بالقرآن، ومنه إلى فريد الأنصاري ومشروعه الإصلاحي من القرآن إلى العمران، ثم مالك بن نبي في أسئلة النهضة وأسئلتها المسْتأنفة.
وختم بفصل خامس عنونه بـ (مَشارِيع الإصْلَاح المُعَاصِرة وأَسْئِلَة المُستَقبَل) ذلك أن المشاريع الإصلاحية دخلت طورا جديدا في صيرورتها الحضارية، وسعيها الحثيث نحو المستقبل، يحتم عليها طرح جملة من الأسئلة الإستشرافية التي تشكل أفقا في سيرها نحو المستقبل، والوعي بأسئلة المستقبل وإشكالاته هو ما يجعل سيرها فاعلا ومتفاعلا بشكل خلاق ومبدع، ومستوعب للتحولات والمتغيرات، وقد قارب في هذا الفصل الأسئلة والقضايا التي اعتبرها ملحة ومحددة لمستقبل المشاريع الإصلاحية، وهي أسئلة المرجعية والهوية؟ أسئلة المنهج والأداة؟ أسئلة الرؤية والأفق؟ أسئلة الحاضر والمستقبل؟ وما علاقة ذلك بإعمال المنظور السنني أمام العقل الإصلاحي الإسلامي المعاصر.
وأما الخاتمة، فضمنها الدكتور الإدريسي أهم النَّتائج والتَّوصيات والمُقترحات التي تَوصل إليْها في هذا الكتاب.
على سبيل الختم
لقد تم إدراج كتاب “المنظور السنني لمشاريع الإصلاح المعاصرة أعلام وقضايا” لعبد العزيز الإدريسي، وكتاب “الأسرة في التصور القرآني” للدكتورة جميلة تلوت، وكتاب “الفتاوى الشرعية في النوازل القضائية والشذرات العلمية مع تقييد لتراجم أعلام الأسرة البحياوية للعلامة الفقيه عبد الرحمن الزواوي الإدريسي البحياوي الشهير بالحاج (ت1418 – 1997)” للدكتور عبد الهادي جناح، وكتاب “قيم أسرية من بيت النبوة” للدكتورة فدوى توفيق، وكتاب “منظومات السيرة النبوية في الغرب الإسلامي” للدكتور المصطفى عكلي، كمؤلفات رصينة لكتّاب شباب واعدين، أملا في أن يظل العطاء المغربي متدفقا مستمرا، وحبل التأليف غير منقطع.