المقاومة بإقليم الصويرة.. التشكيلات وأشهر العمليات

توطئة

بَرَزَت شخصيات قيادية وأخرى ثانوية على مسرح أحداث الكفاح الوطني ضد الاحتلال في القرن العشرين بإقليم الصويرة، وكان الإقليم في طلائع الأقاليم الـمغربية الـمنخرطة في دينامية النضال المسلّح دفاعا عن السلطان الـمخلوع وطَلَبا لتحقيق الاستقلال، ومَثّلت سنوات 1953م-1955م ذِرْوة المواجهة بين قوات الإقامة العامة الفرنسية وقُوات المقاومة المغربية وأنوية العمل الفدائي في المدن والأرياف، وقد كان للصويرة نصيبٌ من الاستجابة لنداء التحرير، نُبْرِز هُنا أهَمّ فصوله، وأشهر تشكيلات المقاومة وامتدادات جيش التحرير في الإقليم الـمذكور.

جيش التّحرير المغربي في المجال الشياظمي-الحاحي

احتضَن المجال الترابي لإقليم الصّويرة في الفترة العصيبة قُبيل نفي السلطان محمد الخامس وأثناءها وإلى حين إعَادته إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955؛ امتداداتٍ وفروعاً للمقاومة المسلّحة وجيش التحرير، تمثَّلت أساسا في: جيش الأطلس – اليَد الـمحمدية – الهلال الأسود – المنظمة السرية – اليد الـحـسنية، وهي التشكيلات التي نجدها حاضرة بقوّة منذ أواسط أربعينات القرن العشرين في كثير من مدن المغرب، مُمارِسةً المقاومة تحت ظِلال السرية، ومنخرطةً في الكفاح زَمن العمل في العَلن، إثْر الاعتداء على رمز الشرعية والـمشروعية.

ومِن بين الشخصيات والأسَر التي تزعّمَ أفرادٌ منها حركة المقاومة بإقليم الصويرة، وقادُوا عمليات فدائية، ونالوا حَظّهم مِن التّعذيب والسّجن والنّفي من طرف المستعمر نذكر: أسرة بارزي – أسرة أخرْضيض _ أسرة الهروش – أسرة بكناج – أسرة الشيخ – أسرة بوفوس – أسرة بنفاتح – أسرة عَبيد – أسرة الشهيد محمد بن مسعود حجالي – أسرة تْبات – أسرة برَكة – أسرة بوزروان – أسرة أبوزية – أسرة ديدّوش – أسرة أعراب – أسرة أردْلان – أسرة رباح – أسرة سْتيت – أسرة آيت بنعمر – أسرة جبّار – أسرة أدمن – أسرة أمناي – أسرة بن جلّون – أسرة الكدّاري – أسرة امْسالك – أسرة رْكيزة – أسرة شقرون – السيد أحمد الفردي الذي شارك في عمليات المقاومة بممر تازة[1] وفي منطقة الناظور ضد جيش الكُوم والعسكر الفرنسي، توفي إلى رحمة الله بتاريخ 11 يوليوز 2021 – السيد أحمد بوزردة قيدوم أسرة المقاومة وجيش التحرير بالصويرة، المقاوم الصويري الوحيد الذي ما يزال على قيد الحياة – أطال الله عمره-.

العمليات الفدائية بحاضرة الصويرة الجهادية

مِن خلال الاستمارات التاريخية والمعطيات الـمُضَمَّـنَة في أجزاء موسوعة “تاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب”[2] تُستَخْلَص المعطيات الخاصة بعمليات المقاومة والفداء بإقليم ومدينة الصويرة في الآتي:

• تنظيم ثلاث محاولات قتل عَمْد ضدّ السلطات الاستعمارية، اثنتان منها بتاريخ 13 يناير 1955، وثالثة بتاريخ 30 شتنبر من نفس السنة.
• أربع حالات إتلاف نَفّدها المجاهدون طيلة شهر غشت مِن سنة 1955، تنوّعت بين إحراق سيارات رجال السلطة الفرنسية الغاشمة، إتلاف محاصيل زراعية استَحْوذَ عليها الفرنسيون.
• تنظيم عملية تظاهُـر واحدة بتاريخ 20 غشت 1955 شَدّدت على ضرورة إرجاع السلطان، وعَدم الاعتراف بمحمد بن عرفة ورَفْض التّماطل الفرنسي في إعطاء المغرب حَقه في استقلاله، تراباً وشَعْباً.
• تنظيم محاولة اغتيال باشا مدينة الصويرة، أصيب على إثرها بجروح، وكان ذلك تمام الساعة الثامنة ليلاً من يوم 13 يناير 1953.
• تنظيم عملية فرار واحدة من السّجن المركزي بمدينة الصويرة الذي يعود بتاريخ بنائه إلى سنة 1917. فَفي 24 يناير 1955 تَمّ تنظيم هروب جماعي من السجن المدني المحلي مِن قِبل واحدٍ وعشرينَ فردا، استُشهِدَ منهم سِتّة، جميعهم يحملون صِفة مقاوِم (لاحِقاً)، فيما اٌلْقِيَ الـقبضُ على خمْسة عشر آخرين. أما الشّهداء[3] الذين ارتقوا إلى الله، فهم: الشهيد حمودي عمر بن أحمد – الشهيد وسعدن بن مبارك – الشهيد حافِظي محمد بن سعيد – الشهيد موسى بن الحسين بن علي – الشهيد الحسن بن محمد بن امحمّد – الشهيد إبراهيم بن أحمد بن مبارك.
• عمليات عَديدة لقطْع الطّريق وإخفاء المقاومين المحروقين، وتوزيع المناشير الخاصة بالمقاومة.

خاتمة

يُظهِر هذا المسار على قِصَره في الزمن، بحيث حصرْناه في سنوات ثورة الملك والشّعب، جانبا من ردود الفعل الشّعبية ضدّ سياسات سلطات الاحتلال الفرنسية، واستجابة تشكيلات وفرق المقاومة لنداء التحرير الذي أطلَقه جيش التحرير المغربي من تطوان وشمال المغرب، بمختلف الوسائل التي أُتيحت لها في ظرفيات صعبة، وخَلّد الشياظمة و”الحاحيون أمجادَهم وبطولاتهم في معارِك أبانت عن دورهم التاريخي في الدفاع عن حوزة الوطن، وارتبَطَت هذه الـمقاومة المجيدة برِجال ونساء طَبعوا معالِم تاريخ إقليم الصويرة، وساهَم فيها أفراد وأعيان وقُوّاد القبائل وأُسَر قائدية، وضَحّوا مِن أجْل الأرض والكرامة والحرية”[4]، وشكَّلوا إلى جانِب أخواتهم المغربيات وإخوانهم المغارِبة وكِفاح العرش؛ ملحمة نضالية تُفاخِر بها المنطقة والتاريخ الوطني والمغارِبي.