المحتويات
النشأة والمسار الدراسي
ولد الطفل عبد الله بها سنة 1954 بمنطقة “أزضان” التابع لجماعة “سيدي مبارك” (دائرة الأخصاص) بقبيلة “إد شاعود”، بإقليم سيدي إفني (جهة كلميم واد نون)، وقد كان لوالده أرض بالمنطقة كما أنها بلدة أخواله. وبعد ولاته بسبع سنوات عادت أسرته إلى موطنها الأصلي بجماعة إفران الأطلس الصغير التابعة إداريا لإقليم كلميم.
وفي إفران الأطلس الصغير تابع دراسته الإبتدائية في مجموعة مدارس إفران بفرعية دورا أغبالو العين، ثم في مركزية الطاهر الإفراني. وفي أيام العطل كان الطفل عبد الله بها يتردد على المسيد لحفظ القرآن، خصوصا أن والده كان له رغبة في أن يتفرغ عبد الله للدراسة في التعليم العتيق، مما جعله يوقفه عن التردد على المدرسة النظامية العصرية، لكن استدعاء السلطات لوالده وإلحاحها على إرجاع الطفل عبد الله بها للمدرسة عجل برجوعه إلى المدرسة، خاصة بعد استشارة الوالد مع أحد علماء المنطقة والذي أشار عليه بضرورة مواصلة الطفل لدراسته بالمدرسة النظامية العصرية، الأمر الذي جعله يسمح لأبنه باستئناف دراسته النظامية من جديد[1].
وفيما بعد، وبعد حصوله على الشهادة الإبتدائية سنة 1967، انتقل إلى مدينة بويزكارن (على بعد 18 كلم من مقر سكناه) نواحي مدينة كلميم ليتابع دراسته الإعدادية، بعد حصوله على منحة دراسية والتي ستخول له الإقامة بالقسم الداخلي. بثانوية محمد الشيخ ببويزكارن، حيث قضى أربع سنوات كاملة.
وبعد المرحلة الإعدادية ببويزكارن شد التلميذ عبد الله بها الرحال سنة 1971 نحو مدينة إنزكان (قرب مدينة أكادير) ليتابع دراسته الثانوية بثانوية عبد الله بن ياسين في شعبة العلوم. وبعد سنتين (1973) انتقل إلى ثانوية يوسف بن تاشفين بمدينة أكادير المجاورة، حيث يمكنه أن يتابع الدراسة في شعبة العلوم الرياضية، ومن هذه الأخيرة حصل سنة 1975 على شهادة الباكالوريا في شعبة العلوم الرياضية. وطيلة الفترة الثانوية سواء في إنزكان أو أكادير كان عبد الله بها يستفيد من الإقامة بالقسم الداخلي بموجب منحة دراسية[2]. وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا سنة 1975 التحق عبد الله بها بمدينة الرباط لمتابعة دراسته في السنة التحضيرية للدراسات العليا في الفلاحة، ثم تابع دراسته بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، وحصل منه على شهادة مهندس تطبيق في التكنولوجيا الغذائية، واشتغل بعدها مهندسا باحثا ثم أستاذا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي ابتداء من سنة 1979 إلى غاية 2002.
عبد الله بها وسعد الدين العثماني والتجربة الدعوية المبكرة
لقد كانت بداية الميل نحو التدين لدى التلميذ عبد الله بها، بعد انتقاله إلى مدينة إنزكان سنة 1971 والتعرف على أستاذ اللغة العربية والتربية الإسلامية إبراهيم شكري. وقد لعب هذا الأخير دورا كبيرا في التحول الفكري والسلوكي لعبد الله بها، حيث كان يحيط التلاميذ بعناية خاصة ويحبب لهم الإلتزام الديني، وكان يحرص على الصلاة مع التلاميذ صلاة العصر جماعة في الثانوية. ومع زميله في الدراسة آنذاك سعد الدين العثماني، ورفيقه في النضال فيما بعد، ومجموعة أخرى من التلاميذ بدءوا في بلورة فكرة التعاون على التدين، فكان مسجد الثانوية حيث يجتمعون للمدارسة وقراءة القرآن منطلق ذلك[3].
وقد كانت صداقته مع سعد الدين العثماني والتردد على منزل هذا الأخير منطلقا لتعميق ثقافته الدينية من خلال الاستفادة والاستزادة من مكتبة والد العثماني السيد امحمد العثماني، حيث كانت المكتبة غنية برصيد كبير من المصنفات والكتب خاصة في تاريخ المغرب والعلوم الشرعية من تفسير وفقه وحديث، وكذا كتابات عدد من أعلام الفكر المغربي كالمختار السوسي وعبد الله كنون وعلال الفاسي ومحمد داود، وكذا عدد من المجلات الثقافية. وفي تلك المكتبة أيضا اطلع الصديقان على كتاب “معالم في الطريق” لسيد قطب[4]. ولم يقف تفكير الصديقين عند هذا الحد، بل فكرا في تأسيس جمعية الشبان المسلمين خلال الموسم الدراسي الموالي (1972-1973)، وذلك بعد الإطلاع على أدبيات الإخوان المسلمين[5].
أما على مستوى الثانوية ومواكبة للنقاشات والتحديات التي كان يطرحها التواجد المكثف للفكر اليساري آنذاك في صفوف التلاميذ وفي الثانويات المغربية، فقد كان عبد الله بها وباقي أصدقاءه يدخلون في مناقشات وسجلات فكرية مع التلاميذ المتشبعين بالأفكار اليسارية، كما كانوا في بعض الأحيان يقفون ضدهم في خطوات الإضرابات التي يشنونها، والتي كان عبد الله وأصدقاؤه يقدرون أنها لم تكن مطلبية بل بسبب بواعث سياسية. وبعد الإنتقال إلى ثانوية يوسف بن تاشفين بمدينة أكادير قاما (بها والعثماني) بإحياء مسجد الثانوية المهجور، وبعد انضام عدد من التلاميذ لمبادرتهما، نظما فيه إفطارات صيام كل اثنين وخميس ودروس دينية[6].
الانتماء ل”جماعة الدعوة والتبليغ”
وفي سنة 1974، وتحت تأثير مطالعة كتاب الأستاذ عبد السلام ياسين “الإسلام بين الدعوة والدولة”، قرر عبد الله بها أن يدخل تجربة التصوف، وأن يصبح من مريدي الطريقة التيجانية بالنظر إلى أن والده كان أيضا تيجانيا، لكنه عدل في آخر المطاف عن قراره بعدما أقنعه أحد الأصدقاء وهو إبراهيم هميش[7].
وفي السنة الموالية (1975)، دخل عبد الله بها في تجربة دعوية جديدة مع “جماعة الدعوة والتبليغ“. ففي صيف تلك السنة التقى مع مجموعة من رجال الدعوة والتبليغ (البشير اليونسي، حسن البشيري…) بمسجد لبنان بمدينة أكادير، فبدأ يخرج معهم في جولاتهم الدعوية في المدينة، كما انضم عدد من أصدقاءه إلى مجالس جماعة الدعوة والتبليغ. وقد استمر انخراطه في أنشطة الجماعة المختلفة طيلة الموسم الدراسي 1974-1975، كما حضر تجمعين للجماعة في الدار البيضاء في ربيع وصيف سنة 1975، وخرج “معهم في سبيل الله” مرات عدة إلى المناطق المجاورة لمدينة أكادير كهوارة والتْمْسِّيَّة، كما خرج معهم إلى مدينة وجدة في أقصى شرق المغرب[8].
وقد استمر عبد الله بها في زيارة جماعة التبليغ رغم انتقاله إلى الرباط، خصوصا أنها كانت الملجأ الوحيد الذي كان يلجأ إليه لمواجهة تداعيات الصدمة التي تعرض لها في الرباط نتيجة الإنتقال من الوسط المحافظ الذي كان فيه (سوس) إلى مدينة الرباط والأجواء داخل الجامعة، حيث أنه، لأول مرة كما قال، مثلا يصادف طالبا يفطر نهار رمضان ولا يصوم، وبسبب بعض الممارسات التي لم يعتد عليها في منطقة سوس؛ كامتهان الطلبة في الحي الجامعي بالرباط لمادة الخبز. وبسبب هذه الصدمة والإغتراب الذي شعر به عبد الله بها في الرباط وداخل الحرم الجامعي، فقد كان يواظب على زيارة الجماعة كل يوم خميس في مسجد النور بدوار الحاجة بحي التقدم بالرباط، كما كان يحضر معهم دروسهم ويبيت معهم، ويخرج معهم في الجولات الدعوية وفي “سبيل الله ثلاثة أيام”[9].
مسار عبد الله بها داخل “الشبيبة الإسلامية”
لقد استمر تردد عبد الله بها على جماعة الدعوة والتبليغ إلى غاية عام 1978، حينها قرر قطع صلاته مع الجماعة بعد الانتماء إلى “الشبيبة الإسلامية”. وقد جاء هذا الإنتماء بعد إحدى المناقشات التي جرت بينه وبين الأستاذ إبراهيم الناية، وبعد التفكير في عرض هذا الأخير ليها بالانضمام إلى الشبيبة. وقد كان إبراهيم الناية هو المؤطر الذي رافق عبد الله بها في بدايته الأولى داخل الشبيبة الإسلامية، حيث كان يؤطر جلسة للطلبة بمعهد الحسن الثاني للزراعة البيطرة، وذلك قبل أن يصبح عبد الإله بن كيران مؤطرا لهم. يشار إلى أن عبد الله بها تعرف على عبد الإله بن كيران –اللذين سيصبحان صديقين مقربين جدا- أول مرة في مسجد العكاري بالرباط حيث كان يلقي الدروس، ثم فيما بعد بمسجد الجامعي بالرباط، وقد كان عبد الإله بن كيران آنذاك طالبا بالمدرسة المحمدية للمهندسين[10].
ورغم الإشكالات التنظيمية التي انفجرت داخل الشبيبة الإسلامية والتي استمرت بعض تداعياتها وقت التحاق بها بالجماعة، فإنه استمر في نشاطه داخل الشبيبة الإسلامية، وتمسك بقيادة عبد الكريم مطيع للجماعة، مفضلا عدم الاستماع للاتهامات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة داخل التنظيم. منتظرا الوقوف على الأدلة قبل اتخاذ القرار بمغادرة الشبيبة، وهو ما وقع بالفعل في أبريل من سنة 1981، خصوصا بعد إصدار عبد الكريم مطيع لمجلة “المجاهد” بمضامين ثورية وانقلابية. فتم التوجه إلى تشكيل إطار جديد وهو “الجماعة الإسلامية”، والتي اختير آنذاك محمد يتيم رئيسا لها.
المسؤوليات الدعوية والسياسية لعبد الله بها
بالإضافة إلى مسؤوليته المبكرة عن طلبة الشبيبة الإسلامي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، فإن عبد الله بها تحمل طيلة مساره الدعوة والسياسي عدة مهمات ومسؤوليات، وساهم قبل ذلك، وبحظ وافر، في صياغة وترسيخ المنهج الجديد الذي تم تسطيره بعد الانفصال عن الشبيبة الإسلامية وتأسيس الجماعة الإسلامية. ومن المسؤوليات التي لم تفارق عبد الله بها طيلة ذلكم المسار الزاخر، هي مسؤولية نائب المسؤول، على الرغم من تغير المسؤولين والأحوال. ففي الفترة الممتدة بين سنتي 1986 و2002 تحمل فيها عبد الله بها مسؤولية نائب رئيس الحركة؛ أي من فترة “الجماعة الإسلامية” إلى فترة “حركة التوحيد والإصلاح” مرورا ب”حركة الإصلاح والتجديد”[11]، كما بقي عضوا بالمكتب التنفيذي للحركة إلى غاية نهاية 2014. وخلال المؤتمر الاستثنائي ل”حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية” لسنة 1996، بعد التحاق أعضاء من حركة الإصلاح والتجديد بالحزب، أصبح عبد الله بها عضوا في الأمانة العامة للحزب. وفي سنة 1999 تولى مسؤولية نائب رئيس المجلس الوطني للحزب، وكان آنذاك هو عبد الله الوكوتي. ومنذ سنة 2004 إلى وفاته -رحمته الله عليه- أصبح نائبا للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سواء في عهد سعد الدين العثماني أو في عهد عبد الإله بن كيران[12].
أما عن المسؤوليات التمثيلية، فقد انتخب عبد الله بها عدة مرات نائبا برلمانيا في مجلس النواب. فكان نائبا برلمانيا عن دائرة الرباط المحيط في الفترة بين 2002 و2011 لثلاث ولايات تشريعية. كما تحمل مسؤولية الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب بين سنة 2003 و 2006، وكذا مسؤولية لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بنفس المجلس بين سنتي 2002 و2003، قبل أن يتحمل مسؤولية نائب رئيس مجلس النواب المغربي سنة 2007.
وبعد انتخابات 2011 والتي أفضت غلى ترأس حزب العدالة والتنمية للحكومة المغربية بقيادة رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بن كيران، عين عبد الله بها في يناير 2012 وزيرا للدولة في الحكومة إلى حين وفاته.
يشار أيضا إلى أن عبد الله بها سبق له أن ترأس تحرير جريدة “الإصلاح” ووريثتها “الراية”، وكانتا لسان حركة الإصلاح والتجيد، ثم شغل أيضا نائب مدير جريدة “التجديد”، الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح.
النشاط الدعوي لعبد الله بها بالرباط؛ وقائع ونوادر
رغم الصدمة التي تعرض لها عبد الله بها في أول تجربة له بمدينة الرباط، فإن ذلك لم يمنعه من الانخراط بفعالية في مختلف المناشط الدعوية بالمدينة التي صدمت فطريته، سواء كان ذلك في مرحلة الإنتماء إلى جماعة التبليغ أو مرحلة التحول إلى الشبيبة الإسلامية. فقد كانت له وقائع ونوادر تستحق أن تروى، خصوصا أنها تكشف عن معدن الرجل وحبه لعمله وصرامته في الالتزام بما يؤمن به دون تفريط أو إفراط، وهو الأمر الذي ما فرض على الجميع أن يحترمه ويقدره، وبل وجعله منه رجل التوافقات والحوار مبكرا. وقد كان معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، مسرحا لعدد من تلك الوقائع والنوادر والطرائف. وتتعلق أولى تلك الأحداث بفتح مسجد للطلبة بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، فعندما قرر عبد الله بها وبعض الطلبة بالمعهد بإصلاح غرفة مهجورة في المعهد ليتخذوها مسجدا للطلبة، وهو ما تم بالفعل بعد موافقة الإدارة على خطوتهم. لكن فتح المسجد وشروع الطلبة في أداء الصلاة فيه، أثار حنق الطلبة اليساريين، فعزموا على إزالته، مبررين ذلك بكون المسجد في الأصل مسكن للطلبة، والطلبة يعانون من نقص غرف السكن في المعهد. ولأن عبد الله بها رجل المنطق والمنهج والحوار فقد قبل مطلب الطلبة اليساريين، لكنه في المقابل شرط عليهم شرطين: “الأول أن نقوم –كما حكى- بمسح لجميع غرف المعهد لننظر الغرف الفارغة أو الغرف التي يسكنها شخص واحد…والثاني ألا يبقى بدون سكن إلا طالبين -بدون سكن-، لأنه إذا بقي أكثر من طالبين فإن إزالة المسجد لا تحل المشكلة، ولما رأوا –الطلبة اليساريين- تماسك هذا المنطق، توجهوا نحو العنف اللفظي فقلت لهم: إذا أردتم التحاكم للمنطق فقد تحدثنا به، وإذا أردتم اللجوء إلى القوة لإزالة المسجد، فمن كانت له الشجاعة ليفعل ذلك فليتفضل، وبقي المسجد ولم يستطع اليسار أن يزيلوه”[13].
وفي موقف مشابه، ولكن له علاقة بالحياة الطلابية وببعض الممارسات والأعراف السائدة في بعض المعاهد العليا. ويتعلق الأمر بما يسمى ب”اليزوطاج”. حيث حاول الطلبة القدامى في معهد الحسن الثاني أن يخضعوا عبد الله بها لذلك العرف، لكنه جاء للمعهد حيلق الرأس- وقد كان من عادتهم أن يحلقوا رؤوس الطلبة الجد كجزء من “البيزوطاج”-. فبعد مراسم التمريغ في الوحل، هموا بحلق لحيته كبديل عن حلق الرأس الذي سبق أن حلقه قبل ذلك. لكن عبد الله بها رفض عزمهم على حلق لحيته قائلا: “إن هذه المراسيم ستنتهي، لكن من حلق لحيتي فسيؤدي الثمن غاليا بعد ذلك، فتركوا لحيتي، وحلقوا شاربي بعدما أذنت لهم بذلك، لأن ذلك من السنة”[14].
عبد الله بها رجل الحكمة والتجديد والتوافق
عرف عن عبد الله بها –سواء بين إخوانه أو بين الفرقاء السياسيين الآخرين- كثير من الصفات والخصال، والتي لا تخطئها عين المتتبع لمسار الرجل. وهذه الصفات هي التي جعلت الرجل دائم الحضور بالرأي السديد والدقيق والحكيم في كل المحطات المفصلية في تاريخ الفصيل الإسلامي الذي ينتمي له، وفي الحياة السياسية المغربية عموما. فقد كان من المساهمين الأساسيين في الانفصال عن الشبيبة الإسلامية وتأسيس الجماعة الإسلامية وخروجها إلى العلن، إلى جانب عدد من أخوانه، وخاصة رفيق دربه عبد الإله بن كيران. كما قام بأدوار طلائعية في فترة المفاوضات والتحاق أعضاء “حركة الإصلاح والتجديد” ب”حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية”. كما أن الرجل ساهم بشكل فعال ووازن في مختلف التحولات الفكرية والمنهجية التي عرفتها الحركة، وفي مختلف مراحل تطور المؤسسات والهيئات التي اشتغل فيها، وفي صياغة الأدبيات المؤسسة لتلك الهيئات[15]. دون أن ننسى الفترة الصعبة التي مر حزب العدالة والتنمية بعد الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء سنة 2003، حينما نادى عدد من السياسيين والمسؤولين بتحميل الحزب المسؤولية المعنوية عن تلك الأحداث وطالبوا بحله.
ولأن الرجل كان رجل التوافقات والمصالحات والحكمة والهدوء والإنصات، فإنه لا تكاد تؤسس لجنة من لجن المفاوضات أو المصالحات أو الحوارات سواء داخل التنظيم أو مع باقي الفرقاء السياسيين الآخرين إلا وكان عضوا بارزا وفعالا فيها. يضاف إلى ذلك إسهاماته المعتبر والمقدرة في ترشيد خط الحركة الإسلامية في المغرب، عبر المشاركة بفعالية في مختلف النقاشات التي أثمرت تلك التحولات والمراجعات، أو من خلال المساهمة بالكتابة في قضايا المنهج الإصلاحي في جريدة “الاصلاح” التي كانت تصدرها “حركة الاصلاح والتجديد”، وقد كان عبد الله بها آنذاك رئيسا للتحرير[16].
وفاة الحكيم
وقد كانت وفاته –رحمة الله عليه- يوم الأحد 15 صفر 1436ه / 7 دجنبر 2014، نتيجة تعرضه لحادث دهس من قبل قطار سريع بمنطقة وادي الشراط قرب مدينة بوزنيقة جنوب مدينة الرباط المغربية. وقد خلف عبد الله بها من الأبناء والبنات أربعة (بنت وثلاثة أبناء).
لقد شكلت وفاته صدمة قوية للطبقة السياسية المغربية بمختلف أطيافها، ولمختلف أطياف المجتمع المغربي عامة، وهو ما شهدت عليه مختلف الشهادات التي تلت وفاته، والموكب الجنائزي المهيب الذي شيعه إلى مثواه الأخير، وهو الموكب الذي تقدمته شخصيات كبيرة في الدولة، وعلى رأسهم الأمير مولاي رشيد (شقيق الملك)، ورفيق دربه ورئيس الحكومة المغربية آنذاك الأستاذ عبد الإله بن كيران، وعدد كبير من القيادات السياسية والثقافية والفنية في المغرب، وكذا مستشارو الملك محمد السادس، والوزراء، البرلمانيين، وعدد من رؤساء المؤسسات العمومية الكبرى والمؤسسات الدستورية، وكذا ممثلين عن الطائفة اليهودية المغربية، وجمع غفير من عموم المواطنين المغاربة. وقد ووري الثرى رحمة الله عليه بمقبرة الشهداء بالرباط يوم 09 دجنبر 2014.
المراجع
[1] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، الجزء الثاني، منشورات التجديد، ط1، 2008، مطبعة طوب بريس، ص 48.[2] العثماني سعد الدين، شخصيات مغربية مسارات وذكريات، الدر المغربية للنشر والتوزيع، ط 1، 2022، ص 193.
[3] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 49.
[4] العثماني سعد الدين، شخصيات مغربية مسارات وذكريات، مرجع سابق، ص 193-194.
[5] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 49.
[6] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 50.
[7] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 50-51.
[8] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 51-52.
[9] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص 52.
[10] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص –ص 53-55.
[11] العثماني سعد الدين، شخصيات مغربية مسارات وذكريات، مرجع سابق، ص 195-196.
[12] العثماني سعد الدين، شخصيات مغربية مسارات وذكريات، مرجع سابق، ص 196.
[13] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص –ص 56.
[14] التليدي بلال، ذاكرة الحركة الاسلامية المغربية، مرجع سابق، ص –ص 56-57.
[15] لجنة جمع تراث عبد الله بها، عبد الله ها سيرة ومسار، مطبعة طوب بريس، ط1، 2015.
[16] بها عبد الله، سبيل الاصلاح، منشةرات جريدة الراية، مطبعة التوفيق، ط1، 1994.