المحتويات
مقدمة
تحينت الدول الأوربية –خاصة إسبانيا والبرتغال– فرصة التغلغل في سواحل المغرب، مستغلة الفتن السياسية الداخلية في المغرب والأزمات الاقتصادية الخانقة والتمردات القبلية؛ مما أدى إلى تركيز وتوطئة أقدام البرتغال والإسبان في سواحل المغرب، بغية إحداث نقط تجارية، وفتح التجارة مع أسواق الصحراء المتسمة بوفرة العبيد (اليد العاملة) أولا، والمعادن الثمينة والتوابل؛ وقد أفلحت الدولتين السالفتين في إحداث نقاط تجارية عبر مدن مغربية ساحلية، رغم المقاومة المغربية المتجلية في الزوايا والقبائل، ثم السعديين أخيرا.[1]
من جزر الكناري نحو ساحل طرفاية.. القصة الوجيزة
في سنة 1467م، بدأ تنظيم رحلات استكشافية بحرية تجارية تقوم على النهب، انطلاقا من جزر الكناري، تستهدف السواحل الإفريقية، ومنها السواحل الجنوبية للمغرب. وفي سنة 1478م تم الشروع في إحداث منشأة إسبانية على مصب أخنيفيس[2] [بالضبط في منطقة تسمى أجويتير على مستوى بحيرة النعيلة] بواسطة العسكري الإسباني «دييغو دي هيريرا» (1422م-1485م)، في سبيل تعزيز حراسة النقاط الإسبانية للصيد البحرية -المنتشرة على طول ساحل منطقة أخفنير-، وكذلك سيرورة التجارة بين الإسبان والقبائل المحلية، ومن بين حراسها: «ألونسو دي» و «جوفر تينوريو».[3] لكن في سنة 1485م توفي «دييغو» ليتم التخلي عن المنشأة [البرج] بسبب كلفة صيانتها والبعد عن السلطة المركزية بجزر الكناري.
يعود تاريخ أول أثر الحضور قشتالة على طول الساحل الإفريقي إلى الفترات اللاحقة لعمليات الاسترداد سنة 1496 ببحيرة النعيلة، بالقرب من مدينة طرفاية الحالية بالمغرب. وبأمر من الملكين الكاثوليكيين، قام ألونسو فخاردو ببناء برج ذو وظيفتين، الأولى تجارية مع القبائل الأمازيغية الصديقة والثانية دفاعية، فضلا عن اعتبارها ملجأ للاحتماء من العدو، وظل هذا البرج قائما لمدة ثلاثين سنة، فاعتبر دعامة أساسية للعلاقات الساكنة المحاذية للساحل المغربي وجزر الكناري ويتناول هذا المقال بالعرض والتحليل قصة بين هذا الموقع.[4]
لعبت منشأة «سانتا كروز دي لا مار بيكينيا» (Santa Cruz de la Mar Pequeña) – أو (الصليب المقدس للبحر الصغير)- دورا كبيرا في انتعاش التجارة الإسبانية والمحلية للصحراء، وربط جزر الكناري بأسواق الصحراء المتسمة بوفرة الموارد المتنوعة؛ وذلك رغم نية الإسبان في توسعة المنطقة من الناحية التجارية والصناعية والعمرانية، غير أنهم كانوا متيقنين بأن تلك الخطوة مؤقتة، بفعل إصرار المغاربة على طرد المستعمر، وهذا ما وقع سنة 1525م في عهد السعديين أثناء حملاتهم العسكرية على الصحراء.
أهمية سانتا كروز دي لا مار بيكينيا
تكمن أهمية سانتا كروز في حقيقة أنها كانت تمثل نقطة مرجعية للتجارة الإسبانية وإنقاذ الأسرى من قبائل المقاومة في المنطقة. لقد كانت تمثل جيبا قشتاليا إسبانيا لكونها نقطة مرجعية لتجار جزر الكناري بالمنطقة. إذ استمر -المركز الإسباني- لمدة ثلاثين عاما حتى توقف عن العمل بفعل التهديدات الأمنية بالمنطقة [إقليم طرفاية][5] والمقاومة المحلية الواسعة.
إن من طبائع الاستعمار الإمبريالي اختيار المواقع الإستراتيجية المتكاملة في ذاتها، وهذا ما انطبق على سانتا كروز دي لا مار بيكينيا، إذ تم اختيار موضع ذو أهمية؛ قرب البحر لسهولة النقل والسرعة في ذلك. وإن طالعنا صور الموقع، سنلاحظ أنه جاء أسفل أو وسط الكثيب، مختبئا، وكان يتم الدخول إليه عبر المصب مباشرةً، تجنبا لأي احتكاك مع الساكنة المحلية. [6]
البحث عن موقع “سانتا كروز دي لا مار بيكينيا”
بلغت أبعاد “القلعة” 8.30 متراً في 8.30 متراً، اتخذت شكلا رباعيا، كانت بالضبط نفس تلك الموجودة في «كاستيلو دي لا لوز دي لاس بالماس»، التي يُنسب بناؤها إلى نفس الحاكم وتم بناؤها في نفس العام. [7]
فبعد انتصار الجيوش الإسبانية على الجيش المغربي سنة 1860م في معركة واد راس بتطوان، تم إنشاء لجنة مشتركة -بين البلدين- بغرض تحديد موقع سانتا كروز، فلم تفلح -اللجنة- في تحديد الموقع الحقيقي للقلعة؛ إذ تم تحديد منطقة سيدي إفني على أنها الموقع، رغم أن مصب أخنيفيس هو الموقع الأصلي، وهذا التحديد تم اتخاذه لأسباب سياسية محضة أكثر من كونها تاريخية… [8]
وقد نجحت سفينة «بلاسكو دي غاراي» الإسبانية التي تم إرسالها سنة 1878م لسواحل مدينة طرفاية، بهدف تحديد موقع سانتا كروز دي لامار بيكينيا، في تحديد بعض آثار البرج والمنشآت الإسبانية القديمة [القرن 16م]؛ بناء على إخفاق البعثة المغربية – الإسبانية التي كُلِفت لتحديد موقعها [سانتا كروز…].[9]
المراجع
[1] أنظر: https://shorturl.at/adszB .[2] أنظر: https://shorturl.at/qsK01 .
[3] أنظر: https://tinyurl.com/zyp2wdn9 .
[4] أنظر: https://tinyurl.com/44uzmeuw .
[5] أنظر: https://tinyurl.com/2p8yxh7j
[6] أنظر: https://tinyurl.com/yuy6yd3s
[7] أنظر: https://tinyurl.com/yuy6yd3s
[8] Robert Brown, the Story of Africa and Its Explorers: Europe In Africa, P.79
[9] أنظر: خالد المنصوري على الرابط: https://tinyurl.com/2p93w2tm