المولد والنشأة[1]

الأستاذ المربي، الداعية الخلوق الحاج علال بن عبد السلام بن محمد العمراني، ولد بأولاد أعروس نواحي تاونات سنة 1945م، تلقى مبادئ القراءة والكتابة ثم حفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه، ارتحل إلى فاس في سن مبكرة، ونزل عند أحد أعمامه، فكان قريبا من مناهل العلم، فكرع منها ما شاء الله له، حيث درس  مراحل تعليمه كلها بفاس إلى أن حصل على البكالوريا الأصلية من ثانوية الشراردة سنة 1968م، وكان يتردد على حلقات بعض مشايخ وأساتذة القرويين فاكتسب علوما ومعارف فضلا عما اكتسبه في التعليم الرسمي. ثم قضى بالمدرسة العليا للأساتذة موسمي 1968م/1969م و 1969م/1970م ليتخرج منها أستاذا للغة العربية بالتعليم الإعدادي.

الارتحال إلى الدار البيضاء

التحق مترجمنا بالدار البيضاء أستاذا للغة العربية بإعدادية المستقبل بالحي المحمدي سنة 1970م، فكان على موعد مع النشأة الأولى للحركة الإسلامية، فانخرط فيها بصدق وإخلاص وثبات وتجرد، وكان فيها رائدا مؤسسا، ومربيا معلما.

سكن بحي “بورنازيل”، وهو حي فرنسي كان مخصصا للضباط والجنود الفرنسيين العاملين بثكنة “جانكير” بالحي المحمدي سنوات الاستعمار الفرنسي، ولم تكن ضمن مرافق هذا الحي مساجد، فعمل المترجم رحمه الله على تحويل مرآب للدراجات تابع للعمارة 17 إلى مكان للصلاة، فجمع حوله سكان الحي، ثم ما فتئ الناس أن اكتشفوا أنهم مع عالم مربّ وخطيب مفوّه وواعظ بليغ، فتبلورت لدى الساكنة فكرة صلاة الجمعة، ثم سرعان ما تحول هذا المسجد  ـ الذي لا تسع مساحته أربعين مصلياـ إلى قبلة يحج إليها من كل الجهات المئات من التلاميذ والطلبة ورجال التعليم وعامة الناس من أبناء الصحوة، ممّن وجدوا في خطبه أسلوبا جديدا غير مألوف، تحضر فيه الفكرة الهادفة، والموعظة البانية، وقضايا الناس وهمومهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

ثم ما لبث أن صار لهذا المسجد إشعاع ديني ودعوي زيّنه رحمه الله بمواعظه ودروسه، حيث كان يدرس فقه السنة لسيد سابق، ومدارج السالكين لابن القيم بأسلوب تجد فيه كل الفئات بغيتها وحاجتها. كما درّس علوم القرآن والحديث ضمن البرنامج الذي سطرته “جمعية شباب الدعوة الإسلامية” بعين الشق رفقة كوكبة من العلماء والدعاة أمثال العلامة المذكوري ومسعود الحريزي وآخرين.

جهوده الدعوية والتربوية

ارتبط اسم الأستاذ علال العمراني بالعديد من المؤسسات الدعوية والتربوية والإعلامية، حيث أسس رحمه الله مع ثلة من رجال التعليم كالشيخ محمد زحل وأحمد الزيدوني وعمر عصامي والمهندس إدريس شاهين النواة الأولى للعمل الإسلامي، وسخّر بيته لاستقبال أفواج الشباب من أبناء الصحوة ممّن كانوا يتحملون مسؤوليات دعوية وتربوية وإعلامية يطلبون المشورة في عدد من القضايا والنوازل.

كما شد الرحال إلى عدد من المدن المغربية، يدعو إلى الالتزام بالإسلام عقيدة وفكرا وسلوكا، يلقي دروسه ومواعظه في المساجد والبيوت، فكان مثالا للداعية الناجح الصبور، الذي لا يكل ولا يمل ولا يتأفف.

كما أسس مع الشيخ محمد زحل مجلة “الفرقان” وكان رئيس تحريرها، وأحد أعمدتها ليجعلا منها منبرا إعلاميا له مكانة متميزة في الساحة الإعلامية المغربية والعربية رفقة سعد الدين العثماني وأحمد الزيدوني وآخرين.

جهوده في تأمين مسار الدعوة

وعندما بدت بوادر انحراف قيادة الشبيبة الإسلامية عن خط الاعتدال، تدخل بقوة لحفظ الشباب من الانزلاق في أتون التطرف، فنجح في ذلك بفضل الله ثم بقوة شخصيته وسعة علمه وصفاء ذهنه وجلال قدره وسمته، ليصرف المئات منهم عن الانحراف في مهاوي الغلو والتطرف.

وقد نال رحمه الله تعالى حظه من الابتلاء فسجن مرتين: سنة 1976م وسنة 1981م، لكن سرعان ما كان يتم إخلاء سبيله دون محاكمة بعد ثبوت براءته من كل ما ينسب إليه.

وفاته

توفي رحمه الله يوم 29 يوليوز سنة 2004م، وكانت جنازته تترجم قدره ومكانته، رحل مترجمنا عن الدار الدنيا تاركا وراءه رصيدا دعويا وتربويا قل أن يجتمع لغيره.

المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص: 161- 164.