المحتويات
المولد والنشأة[1]
العلامة الفقيه المشارك حَجّي بن محمد بن حجي بن محمد بن مَحمد زنيبر السلاوي، ينحدر من عائلة نبغ فيها أعلام كبار في ميادين العلم والقضاء والتجارة والصناعة، منهم القاضيان الشهيران والد جد مترجمنا السيد محمد زنيبر، ووالده مَحمد زنيبر. وتعود أصول هذه الأسرة إلى مدينة غرناطة بالأندلس، وفي القرن السادس عشر الميلادي/العشر الهجري نزحوا إلى بلاد غمارة في شمال المغرب حيث استقروا واندمجوا لذلك كانوا يوصفون أحيانا بالغماريين. ومن غمارة نزحوا إلى مدينة سلا حيث توسعت أسرتهم وتفرعت بشكل كبير. وقد لعبوا أدورا مهمة وطلائعية في المجتمع السلاوي؛ فكان منهم المناضلون، والفقهاء والمفتون والولاة والقضاة والنظار والمحتسبون والعدول والأمناء والتجار والفلاحون والمالكون العقاريون.[2]
ولد المترجم له بمدينة سلا سنة 1307هـ/ 1889م، قرأ القرآن على الفقيهين محمد بن محمد الجبلي والتهامي البيضاوي، وأتم القراءات السبع على الفقيهين محمد بريطل ومحمد بوعلام.
التحصيل الدراسي والعلمي
بدأ مترجمنا تحصيله العلمي بحفظ القرآن الكريم بقراءة نافعن بكتاب باب الحسين بمدينة بسلا على على الفقيهين السيد التهامي البيضاوي ومحمد الجبلي، وقرأه بالرويات السبع بمدرسة البليدة بحومة زناتة في سلا على يد الفقيه السيد الحاج محمد بريطل. ثم بدأ مسيرة التحصيل العلمي على العلامة الحسن ابن الفقيه الجريري الآجرومية بشرح الأزهري، والفقه بأوائل الزقاقية بشرح التاودي، وعلى العلامة شيخ الجماعة بسلا أحمد ابن الفقيه الجريري النحو بطرف من الألفية بشرح المكّودي، والأصول بطرف من جمع الجوامع بشرح المحلى، وعلى العلامة أحمد بن أبي بكر عواد النحو بطرف من الألفية، واللغة بخاتمة المصباح، والفقه بطرف من الرسالة بشرح جسوس. وأخذ بفاس عن محمد بن جعفر الكتاني، والتهامي بن المدني كنون الحسني، ومَحمد بن قاسم القادري الحسني، وأحمد بن الجيلالي الأمغاري الحسني، والحاج مَحمد بن محمد بن عبد السلام كنون الحسني، وعبد السلام بن محمد بن الطاهر الهواري، ومحمد بن عبد القادر بناني، والفاطمي الشرادي وأحمد المأمون البلغيثي الحسني.
العودة إلى سلا
عاد مترجمنا إلى مسقط رأسه بعد أن أجازه شيوخه في جميع ما صحت لهم روايته، فتصدى للتدريس والمشاركة في النهضة العلمية التي كانت تشهدها مدينة سلا، فدرّس بجامع النقيب المرشد المعين والأجرومية، وبضريح الشيخ عبد الله بن حسون الألفية، وبالزاوية الدرقاوية جمل المجراد بشرح الرسموكي.
كفاحه الوطني
كان مترجمنا واحدا من العلماء الوطنيين الذين كان لهم حضور في عدد من المحطات التي عرفها المغرب في عهد الاستعمار الفرنسي، حيث وقّع على عرائض عديدة في مناسبات وطنية مختلفة، وكان أحد المطالبين بالاستقلال سنة 1944م، والموقعين على العريضة التضامنية مع علماء فاس سنة 1954م حين طالبوا بعودة المغفور له محمد الخامس. كما يعد من العلماء السبعة عشر الذين بعثوا برسالة إلى الملك محمد الخامس مطالبين بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية.
الانتقال إلى الدار البيضاء
حل مترجمنا بمدينة الدار البيضاء رئيسا لكتاب المحكمة الباشوية، فلم تشغله هذه الوظيفة عن الاستمرار في التدريس، بل ظل وفيا لهذه المهمة الربانية التي نفع من خلالها خلقا كثيرا، فقد درّس في صحيح البخاري بمسجد السيد بوشعيب بن حمّان ببوطويل، كما درّس شمائل الترمذي بدار السيد بوشعيب بن حمّان بشرح البيجوري، وحرص رحمه الله على ختم هذه الكتب كلها.
كما شغل المترجم له عدة وظائف في مناطق أخرى، حيث سبق له أن عين عدلا بمدينة سلا، ثم نائبا لقاضي سيدي قاسم ودبدو، ثم قاضيا بتاوريرت، وبقبيلة أولاد سعيد نواحي مدينة سطات. كما عين أستاذا لمادة الحديث بصحيح مسلم بالمجلس الملكي بالرباط، كان أيضا عضوا مجلس الاستئناف الشرعي الأعلى بالرباط، ثم مستشارا بمحكمة النقض والإبرام.
آثاره العلمية والفكرية
على كثرة انشغاله بالوظيف، واشتغاله بالتدريس، يعد مترجمنا من المكثرين في التأليف، ونذكر من مؤلفاته:
- حاشية على تفسير الجلالين.
- رفع الشان لمن نجح في الامتحان.
- السحاب المدرار في الفوائد الغزار، وهي ختمة على الأجرومية.
- القول المبين في حكم التابعين.
- تاريخ آل زنيبر.
- الدرر البهية في الحض على العلوم العصرية المستنبط بعضها من الآي القرآنية.
- الدرة الزهراء على ما اشتهر من قولهم خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء.
- الفجر الصادق في كيفية صلاة الجنازة على خير الخلائق.
- الجواب الحكم في عدم مشروعية تكرير سورة الإخلاص عند الختم.
- طيب النشر في الجواب عن المسائل العشر.
بالإضافة إلى تقاييد في موضوعات مختلفة.
وفاته
انتقل مترجمنا إلى عفو الله تعالى يوم الأحد 15 رجب 1389هـ/ شتنبر 1969م، ودفن بالزاوية التهامية بحي الصف بسلا. رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له الثواب والمغفرة.
المراجع
[1] أنظر كتابنا: الإدريسي مولاي أحمد صبير. (2020). مدارج الثناء بتراجم علماء الدار البيضاء. دار الرشاد الحديثة. الدارالبيضاء. ص: 64-66.[2] بوشعراء مصطفى، معلمة المغرب، ج 14، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ومطابع سلا، 2001، ص 4723.