توطئة

ساهَمَت الأقاليم الصحراوية للمغرب بـِمَدّ البلادِ بخيرة الرجال في عِدّة ميادين، الذين أغْنَوا وأثْرَوا الحياة العِلمية بالأقاليم الجنوبية، وكافحواْ للعيش بحرية واستقلالية، وانْساحوا في رُبوع المغرب مُفيدين الأجيال والوطن، فاشْتَهرت منهم عائلاتٌ بالنَّسب والحَسَب والرِّياسة والزَّعامة الروحية، وإنتاج الرّجال، ولا سيما عائلة ماء العينين العريقة، التي أنْجَبت القادة والعلماء والمناضلين والأدباء، ومنهم مُتَرْجَــمُنَا الفاضل، العالِم العامِل، أحمد هِبة الله بن الشيخ ماء العينين، المعروف في الأوساط الصّحراوية وفي كُتبِ التاريخ ولَدى العامّة بالشيخ أحمد الهيبة، المولود ببلدة آزوكي مِن توابع أدْرار شمال موريتانيا الحالية، يوم فاتح رمضان 1224هـ الموافق لـ 9 شتنبر 1877م، وقِيل سنة 1875م.

النشأة والنبوغ العلمي

وسَط أسرة عالِمة، متديّنة، عريقة الاهتمام باللغة العربية وعِلم الخَطّ وجمع المخطوطات، نشأ أحمد في كَنَفِ والده السيد ماء العينين، وأعمامِه وإخوته الكبار، مُحاطاً بالعناية والتّنشئة الدينية والسياسية البالِغة، إذْ ارْتَبَطت عائلته بعلاقاتٍ مع السلاطين العلويين، وأساساً معَ السلطان الحسن الأول، ثمَّ وَلديه من بعده عبد العزيز وعبد الحفيظ، وبقِيَت علاقتها قائمة مع السلطانين يوسف ومحمد الخامس، وعُرِفَت بتعلُّقها بالوحدة وحبّ الوطن.

بَعد النّهْل من (محْضْرة) آل ماء العينين؛ انتقَل أحمد الهبة في سِنِيِّ طلب العلم إلى مراكش وفاس لدراسة الفقه وعلوم الأدب، فظَهرت عليه أمارات النُّبوغ، فكان سريع الحفظ، قويّ الذاكرة، حَسَن الخَطّ، مُقْبِلاً على المعارف والعلوم، مَحبوباً عند مُعلِّميه ووالِديه، وعلى قدْر عالٍ من الأخلاق الحميدة. ثمَّ عادَ إلى وادي الذّهب مُتفقِّها في اللغة العربية والحسانية والنّحو والفقه وعِلم الحديث، وشغُوفاً بالسيرة النّبوية وبدواوين الشِّعر حتى قال فيه أخوه الشيخ محمد الغيث النّعمة “كان الهيبة مِن أكابر العلماء العامِلين ومَشاهير الفُضلاء الأكرمين”.

هذا إلى جانب مَهارَته في نَسْخ المخطوطات وكتابة الخطّ المغربي الصحراوي، المبسوط والـمُجَوْهَر[1]، حيثُ نَقَل بخطّ يده مخطوط المتصوِّف الأكبر مُحيي الدين بن عربي عنوانه “حِزب الوِقاية لمن أراد الولاية” وفرغ منه يوم 30 شوال 1311 هجرية، ومخطوطات أخرى للإمام أبي الحسن الشاذلي[2] وغيره.

التمسّك بالسنة والتنسّك بالتصوف

حازَ ابن ماء العينين خِصالاً حميدة، وعُرِف عنه حُبّه للإيثار وإكرامه للنّاس منذ شبابه، حتّى لُقِّبَ بحاتِم عصره، نَظير سخائه، وحَظِيت سيرته ومسيرته باهتمام الباحثين والمؤرِّخين والشّعراء وأهل الصحراء، فتَرْجَم له العلّامة المختار السوسي في الجزء الرابع من موسوعته “المعسول”[3]، والأستاذ المختار بن الحامد في “موسوعة حياة موريتانيا، جزء القلاقمة”، والباحث محمد الظّريف في مرجِعه “الحياة الأدبية في زاوية الشيخ ماء العينين”[4] المنشور من قِبَلِ مؤسّسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية، فيما خَصَّ القاضي والمؤرِّخ الكبير العباس بن إبراهيم التّعارجي المراكشي حَركة الشّيخ الهِيبة وثورته بكتابٍ جامِع عَنْوَنه بـ”تاريخ ثَورة أحمد الهيبة”، وعَنِـيَ الكتاب المدرسي الخاص بالتاريخ بذِكْرِ شذرات عن حياة المجاهِد الهيبة، وصُوَر تقريبية تُشكِّل دعامات ديداكتيكية تُعين التلاميذ على التعرُّف قليلاً عن الرجل وأدوراه البُطولية في مَطالِع القرن العشرين.

لقد كان أحمد الهيبة بخِصاله وأدَبِه وعِلمه ونَباهةِ ذِهنه مَحطَّ اهتمام وتَقدير والِده وأسرته وقبائل الصحراء، وكان لذلكَ كثيرَ التَّـنَقُّل والارتحال مع والده، في أسفار تجارية واجتماعية وسياسية، منها سفَرُهُ للقاء السّلطان عبد العزيز سنة 1905، تَعلَّم فيه أُصولَ التّواصل وخَبَّر القبائل والطُّرق والجغرافيا الصّحراوية، وتعرَّف على مُحيط المخزن والقَصْر السلطاني، ومَثَّل والِدَه في كَثير من الاجتماعات ذاتِ الشّأن، سواء تعلَّق الأمر بلقاء مُوفَدِي المخزن المغربي، أو كبار التّجار، أو العلماء. وكما ورِثَ عن والِده حُبَّ التّـنقل والسّفر والوجاهة في قومه والشّغف بالعلم والتّصانيف؛ ورِثَ عنه أساليبَ وطُرُق تنظيم وتأطير المقاومة الـمُسلَّحة ضدّ الاستعمار الغاشم، والتصوّف الحَق.

ولما توفِيَ الشيخ ماء العينين سنة 1910م، جَمع ابنُه الهيبة إليه شَرف إمامة العلم وإمارة الجهاد، حيثُ تَولَّى بإجماعِ قبائلِ الصّحراء وأفراد عائلتِه الكبيرة الزّعامةَ الروحية والسّياسية والعسكرية لآل ماء العينين وحركة المقاوَمة، في ظرفية دقيقة من تاريخ المغرب، إذْ كانت البِلاد تُشارِفُ شَمسُ استقلالِها على الغروب، والمحتَلُّ يطرُق الأبواب في فاس، وعملاءه تتسّع دائرة نفوذهم في الأطلس الكبير وسوس وجزولة.

الشيخ المعمم الثائر على الإستعمار

نَهض الشيخ الهيبة بمهام القيادة الروحية لعائلة ماء العينين وزاوِيتهم العريقة، وبأعباء أمانة الجهاد ضد المحتَلّ. وبحلول سنة 1912م وجَد الهيبة ورِفاقُه أنفسَهم يخوضون معركة الاستِقلال والسيادة الترابية بمواجهة قُوتين استعماريتين، إسبانيا وفرنسا، ونَظير ما قامت به هاته الأخيرة من عَزْل السلطان الشّرعي الأخير عبد الحفيظ بن الحسن، ودعوة قبائل سوس والحَوْز؛ قَرَّر أحمد الهيبة الزّحْفَ من قاعدة تزنيت إلى حاضرة مراكش، آخِذاً التفويض من أتباعه وجَيشه الذي اتّسَع ليشمل أعدادًا هائلة[5] من القبائل الصَّحراوية والسوسية والحَوْزِية _لاحِقاً_، وما إنْ دَخل مراكش يوم 15 غُشت 1912م، أي ثلاثة أيامٍ فَقَط على تاريخ استِقالة السلطان عبد الحفيظ؛ حتّى أعْلَـــنَه جيشُه وقَومُه سُلطانًا جديداً على المغرب، رغم أنّ الشيخ الهيبة نَفى على لسان أخيه محمد الإمام ماء العينين أنْ يَكون مُنازِعاً للشّرعية السياسية والدينية التي يُمثِّلها سُلطان المغرب المعزول قائلا: “.. أمّا ما ذُكِرَ من كَون الشيخ رضي الله عنه هو السُّلطان الـمنتَخَب من الله تعالى؛ فهذا كلام لَم يَــتأسَّس على شيء”. ثمَّ كانَ أوّل عملٍ قام به؛ أنْ أخَذ ستة من الفرنسيين بمراكش رَهائن، وأسْقَط المكوس عن القبائل ما عدا ما هو شرعي من الزكاة، وتَعاونَ مع زعماء البوادي على طَرْدِ عُملاء الاستعمار، وعَزَّزَ نظام (الجْمَاعة) الذي كان معمولاً به قَبل ظهور أمْرِ القوّاد المخزنيين الكبار.

عقِبَ ذلك؛ تَذكُر المصادر التاريخية أنّ السلطان عبد العزيز العلوي أمدَّ الهيبة بالمال والسلاح، وكانَ راضِيا على ثورته وحَركَته. فالشيخ الهيبة تمَيَّز في هذه المرحلة الدّقيقة من عُمْر الوَطن بمواقف وطنية مشهودة، وغَيرة دينية على الأرض والعِرض، وشَجاعة بُطولية نادِرة، فخاض ضِدّ الاحتلال معارِك ضارية، كمعركة سيدي بوعثمان (شمال مراكش) التي دامت ثلاث أيام 5-6-7 شتنبر 1912، ومعركة وِجان، ومعركة تزنيت ومعركة أكادير ومعركة أمّ الرّحا يوم 16 فبراير 1913م، ومعركة باب تارغونت يوم 6 أكتوبر 1913م التي كبَّدت فيها جيوش الهيبة خسائر فادحة في صفوف القوات الاستعمارية وأعوانها المحليين. غير أنَّ هذه الانتصارات المتواليات لم تَـحُل دُونَ انسحاب السُّلطان الأزرق الشيخ الهيبة جنوبًا، ودخوله أسرْسيف قرب أكادير في الرابع والعشرين من أبريل سنة 1913، واستمرار الضّغط الفرنسي على حركته الجهادية، الأمر الذي أدَّى إلى اندلاع مواجَهَة بين الجيشين في منطقة تُدعى أزرو، مُنِّي فيها القواد المتعاونون مع فرنسا بخسارة أخرى.

وفي أواخر سنة 1913؛ اتّجه الشيخ الهيبة صوب منطقة تمكرطْ واستقرَّ بها عاما كامِلا، وشَرَعَ في ربْط جُسور التَّواصل والتَّـنسيق مع قادة المقاومة المحلية بالأطلس المتوسِّط، وحَــثِّهم على الصّمود في وجه الزّحف العسكري الفرنسي. فعمِلت القوات الفرنسية على انتظار صدور الأوامر الجديدة مِن المقيم العام الفرنسي ليوطي، الذي أعَدَّ خُطَّة لـمحاصرة الهيبة، ارتكَزت على الاستعانة بكبار قوّاد منطقة الرّحامنة وعَبْدة، واستِنفارِ ضُباطه العسكريين مصحوبين بعساكِر سينغاليين وجزائريين ومغاربة كما ورد بإسهاب دقيق في كتاب “رائحة البارود؛ نحو احتلال الجنوب المغربي 1921-1931″، للنقيب الفرنسي كورني.

لم يَبرح الشيخ الهيبة صهوة جواده؛ فواصل المسير صوب أكرْدُوس وأقام بها أواخر سنة 1914، وعَزَّز مِن اتِّصالاته مع المقاومِين المغاربة بالأطلس الأوْسط وقادتهم المحليين، وهو إجراء إستراتيجي ذكي، أبانَ عن مَدى تَقدير الشيخ الهيبة للقيادات المحلية في البوادي والحواضر التي مرَّ بها أو دَخلها واستقَرّ فيها، ومَدى حُسْنِ تَنسيقه معهم وكسْب ثِقَتهم، وإضافتهم بقوّاتهم إلى جيشه، فبَقِـيَت المناوشات والغزوات قائمة بين الثُّوار الأحرار وقوات الاستعمار لغاية 1917؛ حيث أعاد قادة المقاوَمَات المحلية وجيش الهيبة تنظيم أمور المقاومة، وخاضُوا كفاحا مريرا أوْجَع الاستعمار، وكبّدَه الخسائر في تزنيت، وزادت تبعات الحرب العالمية الأولى الطين بلّة؛ مما اضطر الإقامة العامة الفرنسية لعقد الهدنة مع جيش الهيبة وبعض القبائل المنتفِضة في الأطلس المتوسط.

الـمُثير للملاحَظة؛ أنه لم يكن من السَّهل تعويق الهيبة عن طريقه الكفاحية، ولا مِن اليَسير إنزال الهزيمة به أو قتله في المعارك التي دام في قيادته لها مِن سنة 1912 إلى سنة 1919، مُتَقدِّماً جُنودَه، وضارِباً الـمَثَل والقُدوة في الـمقاومة الميدانية، رغم الهزائم التي مُنِّيَت بها قُوّاتُه؛ وفِراره من مراكش صَوبَ تزنيت بسببِ وجود المتعاونين والـمخبِرين وضُعف الإمكانيات الدِّفاعية، إلاّ أنَّ صِيتَ انتصاراته ذاع في المغرب والمشرِق، وتَسامعَ الناس به، وَأَغاضَ عليه كبار القوّاد الموالِين للاستعمار. ومن جهَتِه؛ فقَدْ أصرَّ على استكمال مشوار التَّحرير، ورَفَض عُروض الإقامة العامة الفرنسية التي فاوَضَتْه على إعطائه منطقة السّاقية الحمراء ووادي الذّهب، مُقابِلَ حِمايتِه للمراكِز الـفرنسية كما ذَكَر ذلك المؤرخ علال ركوك، فيما تَذهب “مَعلمة المغرب”[6] في الجزء السّادس والعشرين المخصّص للصحراء؛ إلى أنّ الجنرال ليوطي عَرَض على الشيخ الهيبة منصبِ الصّدر الأعظم[7] مُقابِل تخليه عن حركة الجهاد.

وشَرع المكافِح أحمد الهيبة في البحث عن شُركاءِ حَرْب جُدُدٍ، لتمويل معاركه، فوجَد ضالّته في القوات الألمانية التي زوّدته بالذخائر والأسلحة، واجَه بها الفرنسيين في معارك متتابِعة سنوات 1914-1919.

مِفتاح السّداد وذَخيرة المَعاد

المثير للملاحظة في المسار النِّضالي للشيخ أحمد الهيبة؛ أنّه كان شديد الحِرص على تنظيم وتأطير المقاومة في المقدِّمة، وتثقيف وتنوير الجيش والمقاومين في الآن ذاته، فهما مفتاحُ سدادِه وطريق رَشاده، حيث كان يُقيم حلقات الدّرس ويَعقِد مجالس القراءة، ويَنْشغل بتأليف الكتب وفحْص المخطوطات، ويُحيي لياليَ المولد النبوي الشريف، ويحتفل مَعية جنوده بليلة السابع والعشرين من كل رمضان، ويَستثمر في رصيده الروحي والمعرفي والعلمي الذي حصّله سابقا؛ في محاربة الأمية الدِّينية والعلمية في صفوف المقاومة، وإشباع الحاجات الرُّوحية للرجال، جاعلاً من ذلك كلِّه ذُخْرا بين يديْ مولاه يوم القيامة.

ظلَّ الشيخ أحمد ثابتاً صامِداً إلى أنْ انْتَهى أمرُه مقتولاً بسُمِّ، في عملية موسومة بالخيانة والـجُبن، تحت إشراف جيش الحماية الفرنسية، بعد أن عَجَز بضُبّاطه وآلاتِه وبنادِقه وسِياسييه الـمحَنَّكين في الإقامة العامة عن إنزال الهزيمة بالشيخ الثائر، أو قَتْله في ميدان المعركة، أو اقتياده أسيراً، أو إجباره على الـهُدنة، أو إرْضائه بمنصبٍ أو مال وجاه.

لبَّى الشيخ الهيبة نداء ربِّه متأثِّراً من مُضاعَفاتِ سُمٍّ قاتِلٍ، وكان ذلكَ يوم 18 يونيو 1919م، على أرْجَح أقوال المؤرِّخين، بعد حياةٍ قِوامها الصلاح والتزكية الروحية، وعنوانها العطاء والتّضحية، والكفاح مِن أجل الوطن والشَّعب، والإنتاج العلمي المتنوِّع بين مخطوطات ودواوين شِعر وكُتيبات ورَسائل شرعية كــ:”رسالة في الرَّد على القائل إنّ الدابة إحدى علامات الساعة هي السيارة”، و”أجوبة فقهية”، وكتاب “سُرادقات الله الدافعات في البَلايا والطّواعين والأمراض والمهمّات”، ومخطوط “سِراج الظلم فيما ينفع العالم والمتعلم”،و”تَعليق على حزب الخيرات وأسبابُها الدافعة للمضرّات”، و”أجوبة عن مسائل تتعلق بالقيام وانحناء الرأس وتقبيل اليد والانتقال من مذهب إلى مذهب..”، و”ديوان شِعر”[8] في مَدْح والِده الشّيخ ماء العينين بن الشيخ الفاضل، ومن أقواله الشعرية:

أنتِ منطوقي إنْ نَطَقْتُ بِقَولِبَل ومَفهومِي لَو سَكَتُّ بِقَــالِ

هَل رأيتُم يا قَومِ مَنْطُوقَ شيءٍهُو مَفهومه على كُلِّ حــــــــــــــــالِ

وقَوله في قَصيدةٍ أخرى طويلة وبَديعة:

كَفَفْتُ انْسِجامَ الدَّمعِ فانْهَلَّ وانتَثَر***  وعـــادَ عَــقيـــقاً بَعــدَما كــانَ كالــدُّرَرْ

وقَـدْ شاقَـنِي ذِكْــــرُ الحبيبِ مُحَـــمَّــــــــــــــــدُ *** إذا اشْتاقَ أقوامٌ إلى الدَّلِّ والـخَــفَرْ

كما خلَّف ذُرية طَيِّبة، عاش منها 5 ذكور وبِنتين.

هذا الـمسار البطولي للشيخ الهيبة وجنوده البواسِل، يُذكِّر الأجيال أنّ أجدادهم وآبائهم لم يَقبَلوا بواقع الاستعمار، فحارَبوه منذ الشَّهر الأوّل لتوقيع الحماية سنة 1912، وناوَئوه في الشّمال والوسط والشرق وجنوب الأطلس الكبير وتُخوم الصحراء، ورَفعوا راية الجهاد لتحرير البلاد، ولم يُقايِضوا بتراب وطنهم ولا تنازلوا مُقابِل سُلطة ولا منصبٍ ولا مال. وأنَّ العالِـم المقاوِم الشيخ الهيبة سيظَلُّ رَمزاً شامِخاً في ذاكرتنا وتاريخنا، ألْـهَب حماسةَ القبائل والقيادات المحلية، وأنارَ دَرْب المقاوَمة التي ستشتعل نارُها في الريف سنة واحدةً بعد استِشهاد الشيخ الهيبة، وستستمِرُّ مع رموزٍ بُطولية أخرى أذاقت الاستعمار الويلات إلى أن ظفِرت البلاد باستِقلالها سنة 1956.

المراجع
[1] انظر: (المنوني) محمد: "تاريخ الوِراقة المغربية؛صناعة المخطوط المغربي من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصِرة"، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، سلسلة (بحوث ودراسات) رقم 2، طبعة 1991./ (المنوني) محمد: "العلوم والفنون والآداب على عهد الموحّدين"، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، سلسلة (التاريخ) رقم 6، طبعة 1977.
[2] التليدي عبد الله: "المُطرِب بمشاهير أولياء المغرب"، منشورات دار الأمان، الرباط، الطبعة الرابعة، 2003، من ص: 122 إلى ص 126.
[3] السوسي محمد المختار: "المعسول في الإلغيين وتلامذتهم وأصدقائهم"، الجزء 11، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، طبعة 1963، ص 101.
[4] الظريف محمد: "الحياة الأدبية في زاوية الشيخ ماء العينين" منشورات مؤسّسة الشيخ مربّيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
[5] كورني: "رائحة البارود، نحو احتلال الجنوب المغربي 1912 _ 1913"، ترجمة محمد ناجي بن عمر، منشورات الزمن، سلسلة ضفاف، العدد 23.
[6] مجموعة مؤلِّفين: "مَعلمة المغرب" الجزء السّادس والعشرين المخصّص للصّحراء، الجمعية المغربية للتأليف والنشر والترجمة، مطابع سلا، 1989.
[7] ابن عبد الله عبد العزيز: مقال: "الوزارة والوزراء عبر التاريخ؛ نموذج للوزراء وكُتّاب الدولة بالمغرب الأقصى"، مجلة"دعوة الحق"، العدد 271./ الكشوري غسّان: "عندما حَكَم القايد المغرب"، مجلة زمان، النسخة العربية، العدد 89، مارس 2021.
[8] الهيبة أحمد: "ديوان شِعر"، نُسخة إلكترونية، طبعة دون تاريخ.