Guerriers de l'ombre, au-là du Cancer

مقدمة

يشهد المجتمع المعاصر تحولات ديموغرافية بارزة، تتجلى أساسا في ارتفاع معدلات الشيخوخة وزيادة عدد المصابين بالأمراض المزمنة مثل السرطان والتي تتطلب علاجًا مستمرا، ورعاية طويلة الأمد، تتم أحيانا في أروقة المستشفيات وأحيانا أخرى في منازل المرضى.

وفي هذا الإطار، يتزايد الطلب على خدمات الرعاية الصحية باستمرار، مما يعزز الدور المحوري لمقدمي الرعاية الصحية، الذين يعرفون غالبا ب ”مقدمي الرعاية الأسرية“ أو ”مقدمي الرعاية الطبيعية“. هذا الدور المتكامل يجعلهم عنصرًا أساسيًا في منظومة الرعاية الصحية.

إن رعاية أحد أفراد الأسرة ودعمه يوميًا يتطلب انخراط مقدم الرعاية الطبيعية (غير المحترف، غير المرئي وغير المعترف به) في حياة الشخص المستفيد، حيث يضطلع بمهام متعددة تشمل الدعم النفسي، وتلبية الاحتياجات اليومية، بالإضافة إلى تقديم المساعدة العلاجية عند الحاجة. وقد تمتد هذه الرعاية لسنوات، خاصة في حالات الأمراض المزمنة والخطيرة التي تثير التساؤلات حول الموت وتوحي به في كثير من الأحيان.

إن تقديم الرعاية يوفر شعورا بالفائدة، وتنمية المعرفة، واعتراف الأسرة، ومع ذلك، فإن هذه المهمة الشاقة لا تؤثر فقط على المريض، بل تمتد آثارها إلى مقدم الرعاية نفسه، الذي يعاني من ضغوط نفسية مماثلة، ويواجه نفس المخاوف والقلق، مما يجعله عرضة للإرهاق العاطفي والجسدي. كل هذه الآثار التي تؤثر على مقدم الرعاية تحدث في مناخ من عدم وجود المساعدة والمعلومات وكذلك المواكبة مما يزيد من معاناته.

من خلال دعمهم المستمر والمجاني للمرضى، فإن مقدمي الرعاية هم حقاً العمود الفقري غير المرئي لنظام الرعاية الصحية، حيث يدعمون جزءاً كبيراً من الرعاية المنزلية ويمكّنون نظام الرعاية الصحية من العمل بفعالية أكبر. من الضروري الاعتراف بهم ودعمهم وتزويدهم بالموارد اللازمة حتى يتمكنوا من الاستمرار في أداء هذا الدور الحيوي.

مضامين الكتاب

وفي هذا الإتجاه، يستعرض كتابنا: “Guerriers de l’ombre, au-delà du Cancer: Le Vécu des Aidants naturels” (محاربو الظل، ما وراء السرطان.. تجربة مقدمي الرعاية الطبيعية) -منشورات رونق، ط.1، 2025- هذا الجوانب العاطفية والتحديات العملية التي يعيشها مقدمي الرعاية لمرضى السرطان. من خلال قصص مؤثرة وشهادات حقيقية، نستكشف التجارب المعقدة والمتعبة في كثير من الأحيان لهؤلاء الأشخاص الذين يقدمون من وراء الكواليس دعماً لا يقدر بثمن لأحبائهم الذين يواجهون المرض. الكتاب ليس فقط توثيقاً لتجربتهم، بل هو احتفاء بصمتهم البطولي وإنسانيتهم الاستثنائية في مواجه أصعب الظروف.

يهدف هذا العمل أيضًا إلى تسليط الضوء على التجارب الحياتية لمقدمي الرعاية لمرضى السرطان، وبالتالي زيادة الوعي المجتمعي بالاحتياجات الخاصة لمقدمي الرعاية الطبيعيين. هذا الكتاب هو محاولة لخلق مساحة للحوار المفتوح والصادق حول واقع رعاية أحد الأقارب المرضى، مما يعزز المزيد من الفهم والتعاطف بين أولئك الذين لم يختبروا ذلك بشكل مباشر. يمكن أن يكون وسيلة لإعطاء معنى لتجربتهم الخاصة أو للإشادة بالشخص المريض الذي قاموا برعايته.

هذا الكتاب ليس مجرد سرد توثيقي، بل هو أداة للتغيير تهدف إلى تحويل التجارب الفردية إلى معرفة جماعية، والصعوبات الشخصية إلى دروس إنسانية، والمعاناة الخفية إلى مصدر للدعم والتعلم.

خاتمة

باختصار، ينبع تأليف هذا الكتاب عن تجارب مقدمي الرعاية لمرضى السرطان من رغبة عميقة في زيادة الوعي والدعم والمشاركة وخلق مجتمع أكثر استنارة وتعاطفًا. يعطي هذا الكتاب صوتًا لمقدمي الرعاية غير الرسمية لمرضى السرطان، ويسلط الضوء على تجاربهم وتضحياتهم وانتصاراتهم. إنه إشادة بتفانيهم وحبهم غير المشروط، مع الدعوة للتفكير في كيفية دعم المجتمع لهم بشكل أفضل في دورهم الحيوي. في نهاية المطاف، هو احتفال بمرونة الإنسان والقوة التي تنبثق من التجربة المشتركة مع السرطان.