المحتويات
المولد والنشأة[1]
الفقيه العلامة شيخ القراءات بالمغرب الدكتور أبو محمد التهامي الراجي بن الهاشمي بن عبد السلام بن الهاشمي بن أحمد بن محمد سليل سيدي أنوين و الأخ الشقيق لمولاي عبد السلام بن مشيش، ولد بحي أغزديس بمدينة “البهاليل”، التي تبعد عن مدينة فاس بحوالي 28 كلم، وعن مدينة صفرو بحوالي 3 كلم، بتاريخ 24 مايو 1930م، في بيت تسلسل فيه العلم كابرا عن كابر، وكان أبناؤه يعرفون بعائلة “فقيه الدين”.
حفظ القرآن الكريم على يد والده وأخذ القراءات عن جدّه، التحق بالمدرسة الفلاحية الابتدائية بالبهاليل حرصا من والده على الدراسة العصرية، فلما حصل على الشهادة الابتدائية رحل إلى مدينة صفرو لمواصلة تعليمه الثانوي.
الرحلة إلى مراكش
التحق مباشرة بعد حصوله على البكالوريا بمدرسة المعلمين بمراكش، وتخرج منها معلما للغة الفرنسية موسم 1950-1951. وبهذه المدينة العريقة وجد ضالته، حيث التحق خلال سنة التكوين تلك، بحلقات تعليم القراءات فأخذ عن عدد من شيوخها، نفس الشيء سيتاح له بعد سنوات عندما انتقل للعمل بمدينة تطوان ثم مدينة أكادير، حيث حاز تكوينا عاليا في هذا المجال على يد شيوخ هاتين المدينتين، ليصبح فيما بعد شيخ القراء بالمغرب بدون منازع.
مرحلة التعليم العالي
حرص الشيخ التهامي الراجي على المزاوجة بين الوظيف والدراسة الجامعية، حيث تابع بنجاح دراسته بجامعة “السربون” لتحضير رسالة دبلوم الدراسات العليا، ثم التحق بجامعة مدريد لتحضير أطروحة دكتوراه الدولة في موضوع القراءات القرآنية، تخصص لسانيات بعنوان: “اختلاف القراء في المغرب والأندلس”، وتقع هذه الأطروحة في ثلاثة أجزاء، الجزء الأول مخصص للدراسة النظرية، والجزء الثاني حقق فيه رسالتين: “التنبيه على الجهل والخطأ والتمويه لأبي عمرو الداني”، و “بيان الخلاف والتشهير وما وقع في الحرز من الزيادات على التيسير” لابن القاضي المكناسي. أما الجزء الثالث فهو خاص بالملحقات.
الوظائف والمهام
عين معلما بالمدرسة الفلاحية بالبهاليل التي درس بها من 1951 إلى 1956، ليتفرغ بعدها بأمر من وزارة التربية الوطنية لتهييء شهادة الإجازة في الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط من 1956 إلى 1958، ثم عين أستاذا مساعدا للتعليم الثانوي بالمدرسة الثانوية بمدينة صفرو من 1958 إلى 1960، وأستاذا للتعليم الثانوي بثانوية مولاي إسماعيل بمكناس من 1960 إلى 1964، ثم خليفة نائب وزير التربية الوطنية بمكناس وتافيلالت من 1964 إلى 1966، فنائبا لوزير التربية الوطنية بأكادير من 1966 إلى 1969، ثم نائبا لوزير التربية الوطنية بتطوان وطنجة من 1969 إلى 1970، ثم مكلفا بمهمة مراقبة الأساتذة العاملين في المدارس الإقليمية لتكوين المعلمين الموجودة جنوب الدار البيضاء إلى حدود 1972، ثم أستاذا للتعليم العالي مكلفا بالقراءات القرآنية والدرس اللساني بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط من 1972 إلى 1974، ثم أستاذا للتعليم العالي بالرباط من 1974 إلى أواخر أيام حياته.
بعد الدرس الحسني الرمضاني الذي ألقاه أمام المرحوم الملك الحسن الثاني سنة 1994م والذي كان درسا مشهودا أبهر الحاضرين والمشاهدين، تمّ تعيينه أستاذ كرسي القراءات القرآنية بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء. فظل يتنقّل بين سلا والدار البيضاء لأداء هذه المهمة النبيلة على مدى سنوات، ومع تقدمه في السّن طلب الإعفاء من الملك، فردّ عليه كما يحكي المترجم نفسه: ” إثنان لا يتقاعدان: الملوك والعلماء” فواصل رحمه الله عطاءه في مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء إلى أن أقعده المرض.
أما نشاطه العلمي خارج الوطن، فقد عمل أستاذا زائرا بكل من كلية الآداب ببوردو (فرنسا) الجامعة الثالثة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بانجامينه بجمهورية تشاد، والمدرسة العليا للقراءات القرآنية بصـنـعـاء بجمهورية اليمن، فضلا عن مشاركاته في عدد من المؤتمرات والملتقيات الدولية.
ويرجع للمترجم رحمه الله الفضل في إدخال القراءات القرآنية إلى رحاب الجامعة المغربية لتصبح مادة مقررة في السلك الثاني من الإجازة في النظام القديم، وتقرر كمادة أساسية من المواد المدرسة في النظام الجديد، كما فتح وحدة للتكوين على مستوى الدراسات العليا والدكتوراه: وحدة “مذاهب القراء في الغرب الإسلامي”، التي تخرج منها عدد من الباحثين في مجال القراءات القرآنية.
آثاره العلمية
وفضلا عن التدريس والإشراف على الرسائل والأطاريح، والمساهمة في المؤتمرات والندوات العلمية داخل المغرب وخارجه، كان للدكتور الهاشمي حضور قوي في مجال التأليف والتحقيق نذكر بعضها كما يلي:
- “المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب للإمام السيوطي” (تحقيق).
- “التعريف في اختلاف الرواة عن نافع لأبي عمرو الداني” (تحقيق).
- “إضاءة الراموس”، ظهر منه حتى الآن ثلاثة أجزاء (تحقيق مشترك مع عبد السلام الفاسي).
- “توطئة لدراسة علم اللغة”.
- “بعض مظاهر التطور اللغوي”.
- “الثنائيات اللسانية”.
- “القراءات القرآنية و الوقف القرآني”.
- “القاضي عياض اللغوي من خلال حديث أم زرع”.
- “نظم وإدارة بني أمية في الأندلس من خلال المقتبس لابن حيان”.
- “الرسم الحديث” (كتاب مدرسي).
- “الرياضيات الحديثة” ( كتاب مدرسي )، وهو عمل مشترك مع مصطفى الرقى.
- “الأبواب بالأندلس”.
- “المبتكر في النحو” (كتاب مدرسي). “الكتب المدرسية بالاشتراك مع آخرين”
- “وظيفة اللغة في مجتمعنا المعاصر”.
- “كيفية تعريب السوابق و اللواحق في اللغة العربية”.
- “معجم الدلائلية: فرنسي / عربي”.
- “منهجية أئمة القراء في الغرب الإسلامي ابتداء من القرن الخامس الهجري”.
- “أسلوب التكرار في القرآن الكريم”.
وله أيضا كتب أخرى لم تطبع بعد :
- “الإضافة في القرآن الكريم”.
- “هاء الكناية في القرآن الكريم”.
- “تحقيق كتاب فيض نشر الاقتراح”.
- “الأنصاص القرآنية”.
ولمترجمنا رحمه الله مشاركات قيمة ومتميزة منشورة في مجلة “دعوة الحق” من خلال مقالات علمية عن القراءات والدراسات القرآنية بلغت ستين مقالا.
وفاته
توفي رحمه الله تعالى فجر يوم الاثنين 29 يناير 2018 بحي السلام بمدينة سلا ودفن بمقبرة سيدي بلعباس.