توطئة

يلاحِظ الباحثُ والـمُطّلِع على الاتفاقيات الـمُوطِّئة لاقْتِسام المغرب منذ 1904 ونصّ معاهدة الحماية الجائرة سنة 1912؛ أنّ هذه الأخيرة تحدَّثَت عن التفاوض مع “الحكومة الإسبانية في موضوع المصالح التي لها بالمغرب من أجْل موقِعها الجغرافي وممتلكاتها الأرضية على الشاطئ المغربي”[1] غرْب الأطلسي وشمال المتوسط. فيما يُفيد وضْعَ تندوف وإقليم شنقيط خارج حساباتها، ومعلوم أنَّ فرنسالم تَعمَد إلى ضَمِّ تندوف إلى مُستعمرتها الجزائرية إلا في أربعينات القرن الماضي، بهدف اقتصادي استراتيجي مَحض.

أما فيما يخصّ شنقيط/موريتانيا[2] فقد كانت مُستَعمَرة فرنسية ولكنّها ظلّت على صِلة بالمغرب منذ القِدَم، وقد كان المغرب حاضراً في المناطق الصحراوية التي تمتدُّ إلى النّيجر، حضوراً معنوية وماديا.

الطريق إلى احتلال الصحراء الأطلنتية

تؤكِّد الحجَج التاريخية والشرعية والبشرية خُلُوّ أرض الصحراء المغربية الكُـبْرى من أيّ وجود أجنبي مُباشِر قبْل 1884، سواءٌ أكانَ تجاريا أو مَدنيا أو عسكريا. وأنّ ما كان يَجوبُ ويَعْمُر الصّحراءَ التاريخية للمغرب هي “القبائل الصحراوية”، لأنّ الصحراء لا تَعرف الحدود الجغرافية، بل الحدود فيها بَشرية تقوم على الولاء. والقبائل المغربية التي كانت تدين بالولاء للسّلطة المركزية في المغرب ضاربةُ الجذور في أعماق الجنوب الشرقي والغربي بدون حواجز. وأشهر تلك القبائل بنو حسّان أو الحسانيون. ويُطلَق اسم قبائل (حسان ماكيل) على كافة القبائل العربية في الصّحراء، سواء مَن جاء منها مباشرة مِن المشرق مع الفاتح حسان بن النّعمان أو مَن كان في حملته إلى السنغال، أو الذين نزحوا مِن شمال المغرب باتجاه الجنوب، وذلك تمييزا لهم عن قبائل الصّحراء “البربرية” مِن أصل صنهاجي أو زناتي، والقبائل السُّود.

ولم يَكن الإقرارُ بمغربية الصّحراء جديدا؛ فقد نصّت الاتفاقات الفرنسية الإسبانية ومؤتمر الجزيرة الخضراء (1906) على ذلك. ولكن قَــبْل أن تُمـهِّدَ بنودُ الحماية الأجنبية الطريق لإسبانيا كي تنْزِل بعساكرها ونظامها الاحتلالي؛ تَـطلّبَ منها التسرُّب إلى بعض المناطق الصحراوية ما يناهز 31 سنة. لـتَشْرَع عمليا في ضَمِّ “كابْ جابي” سنة 1916، والكويرة سنة 1920، والسمارة وسيدي إفني وطرفاية والعيون سنة 1934. وعلى ضوء هذا التطور المتسارع في انتزاع الأرض من مالِكيها، استَحْدَثت إسبانيا إقليماً يحمل اسم “الصحراء الإسبانية” مَتـمّ سنة 1934.

ونَشَرت الحكومة الجمهورية مذكّرة حول الصّحراء، جاء في بندها الخامس: “إنّ الهيئات الحكومية القائمة في الصّحراء ومنطقة إفني تابعة بشكل مباشر إلى الهيئات الحكومية في تطوان وخليفة السُّلطان المغربي”[3]، في المجلة الرسمية لمنطقة الحماية الإسبانية في المغرب. وسَنتان بعد هذا التاريخ سيدْفَعُ الجمهوريون الحاكمون في إسبانيا بمقترح تبديل مناطق النُّفوذ مع اشتراكيي فرنسا في ذلك العهد، بحيث تحصُل إسبانيا على مدينة “طنجة” مقابِل تنازُلها عن وادي الذَّهب[4]. وتَكثيف حركة الاستيطان وتعزيز وَضع المُستَعمرين، وبناء مدينة “العيون” وجعْلِها قاعدة الاستعمار الإسباني بالمنطقة، والاستئثار بالمنطقة التي عَدَّتْها “إسبانيةً لا نقاشَ فيها”[5].

التيار الفرانكوي والملف الصحراوي

على الرغم من أنّ الجنرال فرانكو أكَّد غير ما مَرّة قُبيل انتصاره على الجمهوريين[6] أنّ “إسبانية التي أحَسَّت مِن أعماقها بقضايا هذا الشّعب -يقصِد الشعب المغربي-، لا تُلازِم عدم المبالاة أمام مطالبه الشّرعية، لأنها تُضيف الآن إلى أجيال الثّقافة المُشتَرَكَة وإلى روابط الدّم والتقارب؛ روابط جديدة لا يُمكن تفكيكها، وهي روابط الدّم المسفوك معاً في الدفاع عن العقيدة الروحية -يقصِد مشاركة الجنود المغاربة الذين أُرْسِلوا للقتال إلى جانبه في الحرب الأهلية-، وتَـأمَل إسبانية أن تُحقّق رغبات الشّعب المغربي النّبيلة دون أن تُخالجها مطامِع سافِلة ولا استغلال دنيء، لأنَّ هذا يخالِف روحَ شَعْبِنا ومِيزات تاريخنا. فمُنذُ فجرِ حركتنا الوطنية المجيدة، لم نَبرَح باذلين كلّ جهودنا في إعداد الطُّرق الممكنة ليسير الشعب الشقيق إلى الأمام في سبيل النجاح والنهوض، ويستعدّ لنيل رغباته الشريفة الرفيعة”[7]، والذي سيبدو من خلال الوقائع على الأرض أنه لم يُجاوِز الإنشاء، في الوقت الذي شرَعت حكومته الاستبدادية بدْءاً من سنة 1940 في تقسيم الصحراء المغربية إلى مناطق متعدّدة:

  • سيدي إفني، وهي تحت إدارة مندوب للحاكم العام الإسباني؛
  • طرفاية، وهي منطقة حماية تحت إدارة هيئة تابعة لإدارة تطوان؛
  • الساقية الحمراء، وهي تحت إدارة مندوب الحاكم العام واعتُبِرَت منطقة احتلال حُـرّ!
  • وادي الذّهب، وهي تحت إدارة مندوب الحاكم العام.

وفي الخمسينات ستنتقل إدارة فرنكو الـمتمركزة في المغرب لاستصدار مرسومٍ جديد تُقَسَّم بموجِبه الأقاليم الصحراوية إلى:

  • منطقة طرفاية، وأصبحت تُعرف باسم المنطقة الشمالية؛
  • منطقة الساقية الحمراء، وأصبحت تُعْرَف باسم المنطقة الوسطى؛
  • منطقة وادي الذَّهب، وأصبحت تُسَمّى المنطقة الجنوبية؛

أمّا سيدي إفني فسَيَصْدُر مرسوم إسباني يَقضي باعتبارها إقليما إسبانيا يوم 20 أبريل 1954!

وتَطَوّر الموقف التَّـفْـتِـيتِـي بإعلان إسبانيا في أكتوبر من العام 1958 عن ضَمِّ الصّحراء كُلِّها باعتبارها إقليما إسبانيا.

ورغْبةً في استِعادة ضِعْف ما أنفَقَته في نزاعها بالصّحراء؛ أسَّست السّلطات الإسبانية شركة (لادارو) للتنقيب عن الفوسفات. وسُرعان ما غيَّرت اسمها لــ: فَنْمِينسا خلال أعوام 1954 – 1957. وحَسَب نتائج تقارير “المعهد الصناعي الوطني الإسباني للأبحاث الجيولوجية” فإنَّ مساحة وجود الفوسفات في الصحراء الغربية زَمن الاحتلال الإسباني كانت تَزيدُ عن 1200 كيلومتر مربَّع، واحتياطها يبلُغ 10 مليار طنّ. الأمر الذي أسالَ لُعاب الاستعمار، وأضحت معه الثروات الصّحراوية تُشارِكُ في صناعة القرارات السياسية. ولاحقاً؛ استَحدَثَتْ إسبانيا شَركةً أَطْلَقَت عليها (فوسْبُوقْراع)[8]سنة 1964، برأسمال قدره 90 مليون درهم، ساهَمَت فيه مجموعة من الشركات الأوربية والأمريكية. وقَبْل هذا التاريخ والإجراء بسنوات.

السلمية والدبلوماسية تحرران الوطن

بعْدَ لأْيٍ وتواطُؤ وتحوُّل في المواقف والمواقِع؛ أعلَنت إسبانيا عَزْمها إجراء استفتاء في الصحراء الواقعة تحت نفوذها سنة 1974، فاستشاط المغربُ غضَباً، وعَدَّ الخطوة غير مشروعة ولا معقولة. وترافع بشكْل صارِم عن أقاليمه الجنوبية، بإعْداد مِلفه القانوني والشّرعي والسياسي والتقدُّم لوضعه لدى محكمة العدل الدولية عن طريق الأمم المتحِدة. طالِبا رأيا استِشارِيا تطلَّب الجواب عنه حواليْ أربعة أشهر، اضطَرّت معها إسبانيا إلى إيقاف عملية الاستفتاء أو ما يُشابِهها من الـخطوات. وفي انتظار الجواب؛ باشَر المغرب تجميع صَفّه الوطني، وتعبئه موارده وقدراته، وأعَدّ الملك الحسن الثاني بِسِرِّيَةٍ تامة لخُطوة ستكون مُفاجِئَة للرّأي العام الوطني والدّولي والإسباني على وجْه الـخصوص.

في السادس عشر من أكتوبر 1975 جاء جواب محكمة لاهاي. فاستَثْمَر المغرب شَطْر الجواب القاضي بوجودِ علائق بيعة وولاء متبادَل بين القبائل والأعيان في الصحراء والـحُكم المركزي. فأطْلَق الـمسيرة الخضراء، التي ستُشكِّل زلزالا سياسيا ومَدنيا، وستخترِق الـحدود الـوهمية بين الأقاليم الـمُحرَّرة تحت وقْع السلاح مع جيش التحرير بالجنوب والساكنة الـمناضِلة في آيت باعمران وسيدي إفني وطرفاية. وما هي إلّا أياماً؛ حتى وُقِّعت اتفاقية مُهمة وحاسمة بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا يوم 14 نوفمبر 1975.

وفي اجتماع الحكومة مساء يوم 14 نونبر 1975 تمّت المصادقة على الاتفاقية التي قَضَت بالجلاء عن الصَّحراء (وذلك على مراحل)، وإقامة إدارة مؤقَّتَة ثُلَاثِية تَستمرّ لأجَلٍ لا يَتجاوز 28 فبراير 1976، مع ضَرورة تصويت مجلس الجماعة الصّحراوية على الاتفاقية، باعتبارِه المجسِّم لرغبة وتطلُّعات السُّكَّان المحليين. كما صَوَّتَ البرلمان الإسباني مِن جانِبه على الاتفاقية المشروطة إنْ جاز التعبير. وصرّح الوزير أنطونيو كارو عقِبَ التّصويت قائلا: “إننا نسلِّمُ الإدارة، أما السّيادة فهي لم تكن لنا قَطّ”. الأمر الذي استثمر فيه الساسة الإسبان سلْبًا، وخَلَقَ جِيلاً مِن النِّزاعات التي عَمَّرَت طويلا. بحيث كان كثير من سياسييهم وعسْكَرِهِم حريصين على تسمية الاتفاق بــ: تصريح مبادئ. في حين؛ كان وراء التّوصل إلى ذلك الاتفاق جُهد شاق ولقاءات مُكَثَّفة بين الطّرفين، وتَطلّب الأمر بَسْطَه على أنظار البرلمان الإسباني مِن أجل حذْف الصَّحراء مِن لائحة المحافَظَات التابعة للتّراب الإسباني في مرحلة. وفي مرحلة أخرى تصويت (الكورتيس) على مناقشة الاتفاقية. ورغم وجود وفْد جزائري سياسي وعسكري رابَطَ في العاصمة الإسبانية أياما لإغراء القادة الإسبان بِكَوْنِ أَضْمَن الصَّفقات ما تَمَّ مع الجزائر كمخاطَب؛ إلا أنَّ الحكومة الإسبانية بَدَا لَهَا أنْ تُسَرِّعَ بمسلْسَل التَّخَلُّص مِن الملف العويص مَعَ المخاطَب الشّرعي والسياسي والقانوني في القضية، ألا وهُو المغرب.

وبذلك حَـقَّق النِّضالُ الدِّبلوماسيُّ والسِّلْمي مَطْلَبا عزيزا على المغاربة، وأعادَ بموجِب نجاح المسيرة الـخضراء واتفاقية مَدْريد كُل تراب الساقية الـحمراء وعاصِمَتها العيون.

من الالْتِباسات إلى الـمراجَعات

على الرُّغم مِن أنّ “البند الثاني من بيان السابع من أبريل 1956 يتضمّن تصريحَ الحكومة الإسبانية حيث تتعهّد بالـحفاظ على سيادة المغرب ووحدته، واتّخاذ جميع الإجراءات من أجل ضمان ذلك”[9]. إلّا أنّ ورَثة ما بعْد عهْد فرانكو وحتى أولئك الذين بَـشَّروا بعهْد إسباني جديد داخليا وخارِجا؛ لم يتوانَـوْا عن ممارسة الـمماطَلة بشأن ملف الصحراء الغربية وتَبِعات ما بعْد تسليم الساقية الحمراء واقتسام وادي الذهب بين الإدارتين المغربية والموريتانية. من ذلك على سبيل المثال؛ أنَّ حكومة أضولفو سواريث -زعيم حزب اتحاد الوسط الديمقراطي ورئيس أول حكومة إسبانية زَمن الانتقال الديمقراطي- لَـمْ تُبَلِّغ نَصَّ الاتفاقية المذكورة إلى هيئة الأمم المتّحدة إلا يوم 19 يناير 1976، في حين تَقَدَّمَ بها المغرب إلى نفس الهيئة يوم 9 دجنبر 1975. وأيضا علاقاتها الـمشبوهة مع جبهة البوليساريو وتوافُقاتها في كثير مِن القضايا مع الـحُكْم العسكري في الجزائر، وسماحُ الحكومة لتنظيم مظاهَرات في الشّارع العام بمدينة برشلونة، صغيرة الحجم، كان موضوعها “التضامن مع الشّعب الصحراوي” في مطالَباته بتقرير الـمصير. فَعَرَف المغاربة حكومة سواريز “كمجموعة مِن الـكَذَبة وهُوّاة قَلْب الحقائق”[10] حسب عبارة السفير والوزير والكاتب المختص في الشأن الإسباني العربي المساري.

وبذهاب حكومة اتحاد حزب الوسط الديمقراطي، وتنامي نزعات عودة الفرانكاويين بتدبيرهم لذلكم الانقلاب العسكري الفاشل. وصولاً إلى نجاح الحزب الاشتراكي الإسباني وفوزه بالأغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية لسنة 1982؛ تَـخَوَّفَ المغربُ مِن الاشتراكيين ومِن استمرار نهْج الالتِباسات إزاء ملف الوحدة الترابية. إلا أنَّ أوَّلَ زيارةٍ لزعيم الاشتراكيين بصِفَتِه الحكومية كانت للمغرب، ونهج بَعدَ ذلك سياسةً اتّسَمَت بِقَدْرٍ عالٍ مِن الواقِعية والبراغماتية. ولم يتوانَ فليبي غونزاليث سنة 1985 في إغلاق تمثيليات البوليساريو في إسبانيا عندما هاجَم كوماندو تابع للانفصاليين قوارِبَ صَيْدٍ إسبانية في المياه الصحراوية أسفَرَت عن سُقوط قَتلى. وظَــلَّت السياسة الخارجية[11] الاشتراكية إزاء القضية الوطنية للمغرب ثابتة طيلة 14 سنةً من حُكم الاشتراكيين.

وَصَار الحزب الشّعبي الإسباني على مِنوال سَلَفِه في اتخاذ مواقف الحياد النسبي إزاء القضية، إلا أنَّه في أواخر سنة 1999، وباستقبال حكومة الشَّعبيين زعيمَ البوليساريو محمد عبد العزيز غضِبَ المغرب.

المجتمع المدني الإسباني من مساندة الانفصال إلى دعم الـحكم الذاتي

لم يَكن المجتمع المدني الإسباني في منأى عن هذه القضية وعن نِزاع الصّحراء الـمُفتَعل ما بعْد اتفاقية مَدريد. كما لم تَكن مؤسسات الإعلام خارجة عن نطاق التجييش والتّحشيد أحيانا ضدّ المغرب ووحدته الترابية. في هذا السياق؛ نذكُر أنّ الباحث الحسين مجدوبي أحصى وجودَ أزيد من 450 جمعية مدنية إسبانية مسانِدة للبوليساريو خلال 25 سنة[12] التالية على المسيرة الخضراء. وأنّ أزيد مِن 250 مدينة وقرية استَحْدَثَت نظام التَّــوأمة مع المخيَّمَات التي كان يُسيطر عليها البوليساريو في تندوف. ولم تتوقف عن مدّ الجبهة بمختلف أنواع المساعَدَات وتنظيم حملات دعائية لها، وإنتاج أفلام وثائقية وسينمائية وإنشاء مواقع إلكترونية لفائدة أطروحتها الانفصالية. وبَقِيَت كثير مِن الجهات الرسمية وعلى رأسها البرلمانات الجهوية تُناكف المغرب في صحرائه، وتُعرقل جهود الأمم المتّحدة ومبادراتها للسّلام في المنطقة.

غير أنّ جِدية المغرب في بسْطِ مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة الوطنية منذ 2007. ومُبادراته الدبلوماسية والسياسية مع الاتحاد الأوربي ودول أمريكا اللاتينية. وشراكاتُه الـمتقدّمة مع إسبانيا في سنوات 2022–2024 دَفَعَ مجموعةً مِن الطّبقة السياسية والـمدنية الإسبانية إلى الاقتناع بِضَرورة اعتماد حكم ذاتي موسَّع في الأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربيةِ بَعْدَما تأكّدت لديها مخاطر انفصال المنطقة ووقوعها في أيدي حركة انفصالية مُسَلّحة ستهدّد في المدى القريب المصالح الإسبانية في جزر الكناري[13]. وبَعدما تبيّنَت مِن نوايا أمريكا الدخول للمنطقة للاستثمار في الثروات الطبيعية الغنية، فضلاً لما لمدينة الداخلة من موقع استراتيجي وبحري حسّاس.

ومِن جملة المراجعات والمواقف الإيجابية من قضية النزاع الصحراوي ما عبّر وزير الثقافة والتعليم الإسباني خيرونيمو سافيدرا، ومدير جريدة “لاراثون” الأستاذ لويس ماريا أنسون، والنائب البرلماني الإسباني بالبرلمان الأوربي عن الحزب الاشتراكي رايمون أوبيول الذي شَغَل منصب رئيس اللجنة البرلمانية الأوربية لدُول المغرب العربي، ومدير المخابرات الإسبانية وسفير مدريد في الرباط خورخي ديسكيار[14] الذي رفع تقريرا لحكومة خوسي ماريا أثنار نصحها فيه بضرورة تبنّي ودعم خيار “الحل الثالث”، ووزير الخارجية الإسباني جوزيف بيكي الذي دَعا إلى دعْم الحكومة مبادرة الحكم الذاتي في الصّحراء التي اقترحتها المملكة المغربية فيما اعتبر تقدّما دبلوماسيا ورسميا من طرف مدريد إزاء الرباط، وأخيرا رئيس الحكومة الإسبانية وزعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي فتَح آفاق علائق قوية مع المغرب، اقتصاديا وسياسيا واستثماريا، وعَزّز من موقِف إسبانيا باعترافها بمغربية الصّحراء.

المراجع
[1] جريدة السبيل المغربية: "نص معاهدة الحماية الفرنسية"، منشور بتاريخ 30 مارس 2017.
[2] انظر: (ضيف) شوقي: "عصْر الدول والإمارات، الجزائر، المغرب الأقصى، موريتانيا، السودان"، منشورات دار المعارف، الطبعة الأولى، القاهرة، 1995، ص: 553.
[3] انظر: "المجلة الرسمية لمنطقة الحماية الإسبانية في المغرب"، عدد 24، الصادر في تطوان بتاريخ 31 غشت 1934.
[4] هذا الـمُعطى التاريخي ذَكَرَته ذكرته صحيفة إل صول ELSOL الإسبانية في عددها الصّادر في 2 غشت 1933.
[5] (دي لارامندي) ميغيل هرناندو: "السِّياسة الخارجية للمغرب"،ترجمة عبد العالي بروكي، منشورات الزّمن، طبعة 2005،ص: 302
[6] (بويقران) محمد: "المغرب والجمهورية الثانية في إسبانيا 1931 – 1936"، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الطبعة الأولى 2013.
[7] جريدة الحرية، السنة 2، العدد 44، صادرة في تطوان،يوم 16 فبراير 1939، أرشيف المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، قسم الجرائد الدولية.
[8] (بييكانيا) رومان لوبيز: "قضية الصحراء المغربية نظرة جيوسياسية"، ترجمة عبد الخالق نجمي، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مطبعة أصكوم، القنيطرة، الطبعة الأولى 2023، ص: 135.
[9] (بوهادي) أبو بكر: "مناطق الاستعمار الإسباني في المغرب ما بين الحماية والاستقلال"، ضمن أعمال كتاب جماعي "المغرب والزمن الراهن؛ معطيات ومقاربات"، تقديم محمد القبلي، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، طبعة 2013، ص: 170.
[10] (المساري) محمد العربي:"إسبانيا الأخرى"،تقديم حسن أوريد، منشورات دار الأمان، طبعة 2015، ص: 61
[11] Moran) Fernando : Para unaPoliticaExtenion de Espàna).
[12] انظر: (مجدوبي) الحسين: "ما وراء مضيق جبل طارق؛ الانتقال الديمقراطي والعلاقات المغربية الإسبانية"، مطبعة الخليج العربي – تطوان، الطبعة الأولى 2002.
[13] (بييكانيا) رومان لوبيز: "قضية الصحراء المغربية نظرة جيوسياسية"، مرجع سابق، ص: 19
[14] خورخي ديسكيار: حوار"إذا عطِس المغربُ تُصابُ إسبانيا بالزّكام"، حاوره يونس المسعودي، مجلة زمان، النسخة العربية، العدد 69، يوليوز 2019.