المحتويات
النسب والنشأة[1]
العلامة المحدث اللغوي الأديب الشاعر الرحالة الشيخ الدكتور أبو شكيب محمد التقي المعروف بـ محمد تقي الدين بن عبد القادر بن الطيب بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد النور بن عبد القادر بن هلال بن محمد بن هلال بن إدريس ، بن غالب بن محمد المكي بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن علي بن عبد القوي بن عبد الرحمن بن إدريس بن إسماعيل بن سليمان بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي وفاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولد بقرية ” الفرخ” سنة 1311 هـ/1893م، وتسمى أيضا بـ “الفيضة القديمة” على بضعة أميال من الريصاني، وهي من بوادي مدينة سجلماسة المعروفة اليوم بتافيلالت الواقعة جنوب شرق المملكة المغربية. وقد ترعرع في أسرة علم و فقه، فقد كان والده وجده من فقهاء تلك البلاد.
قرأ القرآن على والده وحفظه وهو ابن اثنتي عشرة سنة ثم جوده على الشيخ المقرئ احمد بن صالح ثم لازم الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي فبدأ بحفظ مختصر خليل وقرأ عليه علوم اللغة العربية والفقه المالكي إلى أن أصبح الشيخ ينيبه عنه في غيابه.
الرحلة في طلب العلم
وبعد وفاة شيخه سنة 1919م، توجه لطلب العلم على علماء مدينة وجدة، فتتلمذ بها مدة على يد القاضي أحمد السكيرج، وخاض في علوم شتى كاللغة والنحو والأدب والفقه والتفسير. وفي عام 1340 هـ/1921م توجه إلى فاس وتتلمذ على يد علمائها، من أمثال الشيخ الفاطمي الشراوي، والشيخ محمد بن العربي العلوي وحصل على شهادة من جامع القرويين.
غادر تقي الدين وهو في السادسة والعشرين من عمره بلد المغرب متوجهًا إلى مصر، وكان ذلك سنة 1922، وكانت غايته طلب علم الحديث، ققصد جامع الأزهر، ولكنه لم يمكث فيه كثيرا، حيث لم يجد بغيته فيه، فانقطع عنه والتحق بحلقة الشيخ رشيد رضا وتلامذته، حيث تفتق ذهن تقي الدين، وهو يستمع ويشارك في المناقشات الحادة التي كانت تجري في مجالس الشيخ رشيد رضا، وكانت سببا في نضجه الفكري، وتحوله عن التقليد إلى استعمال الفكر وطلب الأدلة العقلية، وعن التقديس المبالغ فيه للعلماء الأعلام والتسليم بكل ما سرد عنهم، إلى البحث الاستقلالي والترجيح. وبعد أن حج توجه إلى الهند لينال بغيته من علم الحديث فالتقى علماء أجلاء هناك فأفاد واستفاد؛ ومن أجلّ العلماء الذين التقى بهم هناك المحدث العلامة الشيخ عبدالرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري صاحب “تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي” و أخذ عنه من علم الحديث وأجازه، وقد قرّظه بقصيدة يُهيب فيها بطلاب العلم إلى التمسك بالحديث والاستفادة من الشرح المذكور، وقد طبعت تلك القصيدة في الجزء الرابع من الطبعة الهندية ؛ كما أقام عند الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني نزيل الهند آنذاك وقرأ عليه أطرافا من الكتب الستة و أجازه أيضا. ومن الهند توجه إلى “الزبير” (البصرة) في العراق، حيث التقى العالم الموريتاني السلفي المحقق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير، وهو غير العلامة المفسر صاحب “أضواء البيان” و استفاد من علمه، و مكث بالعراق نحو ثلاث سنين ثم سافر إلى السعودية مرورا بمصر حيث أعطاه السيد محمد رشيد رضا توصية وتعريفاً إلى الملك عبدالعزيز آل سعود قال فيها: “إن محمدا تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه”، فبقي في ضيافة الملك عبد العزيز بضعة أشهر إلى أن عين مراقبا للتدريس في المسجد النبوي وبقي بالمدينة سنتين ثم نقل إلى المسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي بمكة وأقام بها سنة واحدة. وبعدها جاءته رسائل من إندونيسيا ومن الهند تطلبه للتدريس بمدارسها، فرجح قبول دعوة الشيخ سليمان الندوي رجاء أن يحصل على دراسة جامعية في الهند، وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في كلية ندوة العلماء في مدينة “لكنهو” بالهند حيث بقي ثلاث سنوات تعلم فيها اللغة الإنجليزية ولم تتيسر له الدراسة الجامعية بها. وأصدر باقتراح من الشيخ سليمان الندوي وبمساعدة تلميذه الطالب مسعود عالم الندوي مجلة “الضياء”. ثم عاد إلى الزبير “البصرة” وأقام بها ثلاث سنين معلما بمدرسة “النجاة الأهلية” المذكورة آنفا.
وبعد ذلك سافر إلى جنيف بسويسرا وأقام عند صديقه أمير البيان شكيب أرسلان، وكان يريد الدراسة في إحدى جامعات بريطانيا فلم يتيسر له ذلك، فكتب الأمير شكيب رسالة إلى أحد أصدقائه بوزارة الخارجية الألمانية يقول فيها : “عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله، وهو يريد أن يدرس في إحدى الجامعـات، فعسى أن تجدوا له مكانا لتدريس الأدب العربي براتب يستعين به على الدراسة”، وسرعان ما جاء الجواب بالقبول، حيث سافر الشيخ الهلالي إلى ألمانيا وعين محاضراً في جامعة “بون” وشرع يتعلم اللغة الألمانية، حيث حصل على دبلومها بعد عام، ثم صار طالباً بالجامعة مع كونه محاضراً فيها، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها، وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة برلين طالباً ومحاضراً ومشرفاً على الإذاعة العربية، وفي سنة 1940م قدم رسالة الدكتوراه في موضوع: “ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها”، وقد وافقت لجنة المناقشة بالإجماع على منحه شهادة الدكتوراه في الأدب العربي. وأثناء الحرب العالمية الثانية سافر الشيخ إلى المغرب، وفي سنة 1947م سافر إلى العراق من جديد وقام بالتدريس في كلية “الملكة عالية” ببغداد إلى أن قام الانقلاب العسكري في العراق فغادرها إلى المغرب سنة 1959م. وشرع أثناء إقامته بالمغرب في الدعوة إلى توحيد الله ونبذ الشرك واتباع نهج خير القرون. وفي هذه السنة (سنة 1959م) عين مدرسا بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم بفرعها بفاس، وفي سنة 1968م تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك للعمل أستاذاً بالجامعة منتدباً من المغرب فقبل الشيخ الهلالي وبقي يعمل بها إلى سنة 1974م حيث ترك الجامعة وعاد إلى مدينة مكناس بالمغرب للتفرغ للدعوة إلى الله، فصار يلقي الدروس بالمساجد ويجول أنحاء المغرب ينشر دعوة السلف الصالح. وكان من المواظبين على الكتابة في مجلة (الفتح) لمحب الدين الخطيب، ومجلة (المنار) لمحمد رشيد رضا رحم الله الجميع.
ومن أبرز أعماله ترجمة صحيح البخاري إلى الإنجليزية، كما ترجم المجمع للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية بتعاون مع محمد محسن خان.
شيوخه وأساتذته
من شيوخه رحمه الله:
- الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي
- الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري
- الشيخ محمد العربي العلوي
- الشيخ الفاطمي الشرادي
- الشيخ أحمد سكيرج
- الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني
- الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (غير صاحب “أضواء البيان”)
- الشيخ رشيد رضا
- الشيخ محمد بن إبراهيم
- بعض علماء القرويين
- بعض علماء الأزهر
مؤلفاته وآثاره العلمية
مؤلفات الشيخ تقي الدين الهلالي -رحمه الله- كثيرة جدا وجمعها ليس بالأمر الهين لأنها ألفت في أزمنة مختلفة وبقاع شتى، ومنها:
- الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري [المجلد الأول فقط]
- الإلهام والإنعام في تفسير الأنعام
- مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل
- الهدية الهادية للطائفة التجانية
- القاضي العدل في حكم البناء على القبور
- العلم المأثور والعلم المشهور واللواء المنشور في بدع القبور
- آل البيت ما لهم وما عليهم
- حاشية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
- حاشية على كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب
- الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق
- دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين
- البراهين الإنجيلية على أن عيسى داخل في العبودية وبريء من الألوهية
- فكاك الأسير العاني المكبول بالكبل التيجاني
- فضل الكبير المتعالي (ديوان شعر)
- أسماء الله الحسنى (قصيدة)
- الصبح السافر في حكم صلاة المسافر
- العقود الدرية في منع تحديد الذرية
- الثقافة التي نحتاج إليها (مقال)
- تعليم الإناث وتربيتهن (مقال)
- ما وقع في القرآن بغير لغة العرب (مقال)
- أخلاق الشباب المسلم (مقال)
- من وحي الأندلس (قصيدة)
وفاته
توفي رحمه الله يوم الإثنين 25 شوال 1407هـ الموافق لـ 22 يونيو 1987م بمدينة الدار البيضاء، وشيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم علماء ومثقفون وسياسيون.