كتاب “أصول المغاربة” – منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي، 2016- لصاحبه الأستاذ مولاي التقي العلوي عبارة عن تجميع لمقالات سبق للأستاذ أن نشرها في الفترة بين سنة 1972م وسنة 1985م، وقد كان ينشرها في تلك الفترة في مجلة البحث العلمي، التي يصدرها المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط. وقد تكلف بإعداد وإخراج هذه المقالات على شكل كتاب الأستاذ علال ركوك والأستاذة حفيظة الهاني. وقد قاما بجمع دراسات الأستاذ مولاي التقي العلوي حول أصول المغاربة ، فصائلهم – معتقداتهم – عاداتهم ولهجاتهم…في مؤلف واحد يستجيب لضوابط العمل والبحث الأكاديمي، وساهما بتحقيقها عبر استغلال مراجع ومصادر تاريخية متعددة اعتمدها الكاتب، مع الإستعانة بمراجع أخرى تتضمن معلومات ومعطيات لها صلة بالموضوع (الكتاب ص4).
وينتمي كتاب “أصول المغاربة” إلى صنف المؤلفات التي تبحث في علم وتاريخ الأنساب، ويحاول الكاتب عبره تقديم مادة بحثية حول بعض الجوانب الإثنية للمغاربة، وهي المادة التي ستعزز هذه المجال من البحث الأكاديمي وتسمح بتراكم المعارف والأبحاث حوله من خلال إتاحتها للباحثين والمؤرخين والمهتمين بتاريخ الأنساب.
أما المؤلف صاحب الكتاب؛ فهو العلامة مولاي التقي بن محمد بن محمد بن الحسن المولود بقرية تزنقت بمدغرة سنة 1328ه/1909م. وقد تلقى في صغره صنوفا من العلوم والمعارف المختلفة، بدأها بحفظ القرآن الكريم وأتبعها بالآجرومية والمرشد المعين والألفية وغيرها، وكان ذلك على يد ثلة من الفقهاء والعلماء. وبعد ذلك (في سنة 1931م) التحق بجامعة القرويين بفاس ليعمق معارفه فيما سبق ثم يضيف إليها معارف جديدة، خصوصا علوم اللغة العربية والتاريخ والحديث وعلوم القرآن. وقد تخرج من الجامعة بشاهدة العالمية سنة 1940م. وفي سنة 1942م عاد إلى جامعة القرويين أستاذا في التاريخ والجغرافيا، وهي المهمة التي أبعد منها لأسباب سياسية سنة 1953م، قبل أن يعاد إليها سنة 1955م. توفي رحمه سنة 1415ه/1995.
وقد جاء الكتاب في شكله النهائي متضمنا، بعد التقديم وترجمة المؤلف، لعدة أقسام، قدم لها مولاي التقي العلوي بمقدمة عامة حول أصول المغاربة – القسم العربي، تحدث فيه الكاتب حول العنصر العربي في عهد الفتوحات والتواجد العربي خلال هذه الفترة في منطقة شمال أفريقيا. أما القسم “البربري” من هذه المقدمة العامة فقد خصصه الكاتب للحديث عن نسب “البربر” وتاريخ أصولهم منذ بداية الإسلام، كما قدم دراسات في هذا المجال أنجزها مغاربة ومشارقة، ثم استعرض الكاتب “نظرية” تقسيم “البربر” إلى بتر وبرانس، لينتقل إلى للحديث بتفصيل حول تجمعات هؤلاء وفروعهم ومسارهم عبر الزمن والتاريخ، كما تحدث عن الأنساب “البربرية” وقيمتها.
بعد هذه المقدمة العامة، انتقل الكاتب إلى مرحلة التفصيل في أصول المغاربة “بربرهم” وعربهم وكذا التجمعات البشرية المختلطة. واستهل ذلك بالحديث عن الأصول “البربرية” للمغاربة والذي خصص له الحيز الأكبر من الكتاب. فشرع بتقديم الإتحاديات والفرق القبلية “البربرية”: كإتحاديات أيت عطا، و أيت يالفمان، وأيت يدراسن، وزيان، وأيت سخمان، وإتحادية زمور، وأيت بوكماز وصنهاجة زمور وغيرها كثير. كما أورد الكاتب معطيات متعددة ومفصلة حول التجمعات الصنهاجية سواء في الجنوب أو الشمال، وصنهاجة ورغة وسريف. كما قدم معطيات ومعلومات مفصلة حول تجمعات البرانس من هسكورة وجزولة ولمطة. وبعد ذلك انتقل المؤلف للحديث وتقديم تجمعات المصامدة خصوصا مصامدة الجنوب. وفي قسم آخر من أقسام “البربر” خصصه الكاتب لغمارة وحلفائها، وكتامة وأوربة وهوارة. كما عرج على نفزاوة وغساسة (إغساسن) ومرنيسة ولواتة ومدغرة وكومية ومديونة ومكناسة ومطماطة وغيرها، دون أن ينسى الكاتب الحديث عن قبائل زناتة ونماذج من التجمعات المختلطة.
أما القسم الخاص بالعنصر العربي، فقد خصصه الكاتب للحديث عن الهيلاليين بالمغربين الأدنى والأقصى، من خلال الحديث عن مختلف أفواجهم التي دخلت المنطقة ومختلف فروعهم وبطونهم؛ كرياح وزغبة وأثبج وعدي وربيعة، وكذا المناطق التي استوطنوها. كما تحدث عن أفواج بنو معقل ومناطق انتشارهم وزحفهم، وكذا تجمعات بنو سليم ومناطق استقراهم. وفي هذا القسم تحدث الكاتب أيضا عن إحصائيات عن الزحف الهيلالي على المنطقة، واجتهد في البحث عن أسباب انهيار المقاومة الصنهاجية لهؤلاء. وقد ختم الكاتب مؤلفه ببعض المعطيات الخاصة بدخول الهيلاليين ألى المغرب الاقصى لأول مرة ومراحل ذلك، وفروعهم التي دخلت خاصة إلى المغرب الاقصى (المغرب حاليا) وخاصة فروع الأثبج وجشم ورياح وزغبة، معززا ذلك بمعلومات حول المناطق التي استوطنوها.