المحتويات
المولد والنشأة[1]
الأستاذ الفقيه، الوطني المناضل، العلامة المشارك، النحوي الأديب، أحد أعلام الدين، وقمة من قمم الوطنية الصادقة، وأحد دعاة الإصلاح والسلفية، أبو الشتاء (بوشتى) ابن السيد الحاج عبد الله بن قدور الحياني الجامعي. ولد حوالي عام 1322 هـ/ 1905م بدوار الزيتونة جبل الحلوي بأولاد جامع ناحية مدينة فاس. وعندما وصل سن التمييز التحق بالكتّاب وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم، وقرأ منه أحد عشر سلكة مع إتقان رسمه وقواعد كتابته.
طلبه العلم
بعد انتهائه من الدراسة القرآنية الأولية التحق بجامع القرويين حوالي 1336هـ/ 1919م، فقرأ على عدد من مشايخها الأعلام منهم: الفقيه أبو العباس أحمد بن الجيلالي الأمغاري، والفقيه مولاي عبد الله الفضيلي، والفقيه إدريس المراكشي، والفقيه المهدي الوزاني الحسني، والفقيه ابن رشيد العراقي الحسيني، والفقيه محمد بن عبد القادر بناني، والفقيه الراضي السناني، والفقيه عبد الرحمان ابن القرشي، والفاطمي الشرادي، والحسن مزور، والحسين العراقي وغيرهم كثير، حيث قرأ عليهم أنواعا من العلوم والمعارف مثل مختصر الشيخ خليل والسلم في المنطق وجمع الجوامع والألفية في علم العربية وأرجوزة الاستعارة للشيخ الطيب ابن كيران والحكم العطائية وتحفة الحكام ودروسا من صحيح الإمام البخاري ودروسا من الشاطبية في علم القراءات القرآنية…… حتى إذا أنشئ النظام الدراسي بالقرويين، انتظم في السنة الأولى من القسم النهائي الأدبي، فدرس به من جديد على ثلة من العلماء أمثال: الفقيه مولاي علي الدرقاوي، والفقيه أحمد الشامي الخزرجي، والفقيه إدريس الوزاني اليملحي، والأستاذ محمد علال الفاسي وعبد العزيز العمراوي.
جهاده العلمي
آمن مترجمنا بالتعليم الحر، وكان واحدا من القائمين عليه، وعمل مديرا لمدرسة رحبة القيس بفاس، ثم أستاذا بمدرسة سيدي بناني الحرة، وبالمدرسة الناصرية الحرة بزاوية سيدي أحمد بن ناصر والتي كان يديرها الوطني المعروف الفقيه محمد غازي. وفي مدينة وجدة قاد رفقة عبد السلام معركة التعليم العربي الاسلامي. ثم انتقل إلى مدينة القنيطرة واستوطن بها عام 1354هـ/1937م، وأنشأ بها مدرسة “التقدم العربية الحرة” وقام بإدارتها، وبقي على نشاطه التعليمي والوطني إلى أن نفاه الفرنسيون فتوجه إلى مدينة الدار البيضاء واشتغل بالتعليم الحر معلما بمدرسة “النجاح”، ثم أستاذا بقسمها الثانوي. وبعد حصول المغرب على الاستقلال، استمر في ميدان التعليم الحر، فعمل مديرا لثانوية “مولاي إدريس الأزهر”، ثم أستاذا ومديرا لثانوية “ليرميطاج” التي بقي فيها إلى أن أحيل على التقاعد. فضلا عن قيامه بدروس تطوعية بجامع “الشوك” بـ “بين المدن” في مختلف العلوم.
جهاده الوطني
انخرط المترجم مبكرا في العمل الوطني، وكانت له مواقف معارضة لسياسة المستعمر الفرنسي وطنيا ومحليا فكانت حريته ثمنا لهذه المواقف، حيث تعرض للاعتقال سنتي 1928 و1929 والنفي من فاس إلى منطقة الحياينة، حتى إذا عاد إلى فاس سنة 1930 بادر من جديد إلى تكوين خلية من طلبة القرويين وخريجيها الذين سيشاركون في مقاومة الظهير البربري يوم 16 مايو من نفس السنة، إذ ظل يلقي دروسه سرا على طلابه في منزل صديقه الأستاذ الهاشمي الفيلالي. كما كان من متزعمي حركة إصلاح التعليم بالقرويين والتي استصدرت ظهير 31 مارس 1933 المتعلق بإعادة هيكلة هذا النظام التعليمي بمختلف أسلاكه. وواصل كفاحه السياسي والتعليمي، فاعتقل مرات عديدة وسجن بفاس والقنيطرة والريش وعين علي مومن قرب سطات فسجن اغبيلة بالدار البيضاء. كما نال شرف التوقيع على “وثيقة المطالبة بالاستقلال” في 11 يناير 1944م.
وفاته
لبى مترجمنا نداء ربه بالدار البيضاء يوم الأحد 9 جمادى الثانية عام 1410هـ/7 يناير سنة 1990م، وبعد صلاة الظهر والصلاة عليه، ألحد بمقبرة الشهداء بنفس المدينة. حلاه رفيق دربه أبو بكر القادري فقال: ” كان السي بوشتى سلفيا بالمعنى العميق للسلفية، كانت سلفيته التزاما حقيقيا من اتباع للمنهج الإسلامي في الحياة لا من الناحية الفكرية والعقائدية فحسب، ولكن من حيث الممارسة والتطبيق العمليان” وقال عن إخلاصه وتواضعه: ” لم تجذب الحياة الدنيا السي بوشتى الجامعي… فقد عرضت عليه الإدارة الاستعمارية منصب العدالة، مثل ما كان يتعاطاه غيره من المتخرجين من القرويين، فرفض هذا العرض بإباء، واعتبره مجرد إغراء سيعوقه عن أداء واجبه الوطني والعلمي”.