رغم أن ظاهرة الرق واستعباد البشر لم تعد موجودة كما كانت في السابق، يعود المغربي محمد الناجي للحفر في الموضوع مستعرضا حياة العبيد في كتابه “جند وخدم وسراري..الرق في المغرب”. الكتاب الذي نقترحه اليوم ترجمهُ محمد الغرايب؛ ويعتبر حسب مختصين من أهم المراجع العربية والإسلامية التي قاربت موضوع الرق من داخل البيئة الإسلامية.
لا تتوفر كثير من الدراسات حول موضوع الرق، لكن المؤلف وجد ضالته في المدونات الفقهية التي تركها الفقهاء المغاربة. هكذا يعترف بهذا الفضل لفتاوى أولئك الفقهاء مُنوِّها بأنه قد ارتوى غاية الارتواء “من معين الفتاوى الفقهية التي قدمت من العون ما لا يقدر بثمن”.
وبينما تناول الفقهاء المغاربة في فتاويهم عددا مهما من النوازل المتعلقة بالعبيد، يذكر الناجي أن “العبودية لم تكن ممارسة جديدة أدخلها الإسلام إلى المغرب الأقصى وإلى بلاد المغرب عامة بل إن وجودها فيه قديم ويعود إلى زمن الاحتلال الروماني”.
إذا كان الموضوع يناسب اهتمامك فسيسمح لك الكتاب بإلقاء نظرة عن زوايا الحياة اليومية للعبيد بالمغرب الأقصى، مثل أحوالهم في التجارة والجنس والفرار والعتق والخطف وهبة النفس.
كما يمكنك الوقوف على طريقة معاملة العبيد من قِبَل أسيادهم، ما بين اللطافة والغلظة. هذه الأخيرة التي دفعت أحد الأسياد، من ذوي الأحاسيس الفظة، إلى وصف أمَتَه بقوله “إنها تدخل عليَّ المتعة قَدْرَ ما تدخله امرأتان وزيادة، ومن الربح ما يفوق ربح أربع بقرات وزيادة، أولِّدُهَا صبيا كل تسع سنوات، وعندما يبلغ ربيعه الرابع أو الخامس أحمله إلى المدينة وأبيعه بأغلى ثمن”.
لكن نهاية الاستعباد -كما يشير الكتاب- لا تكون سليمة كل مرة؛ فقد يدفع اليأس بصاحبه الى نهايات دموية كما فعل عبدان بسيدهما عندما قتلاه ضربا بالفؤوس، أو كما فعل عبد كان قد اغتال أحد أعيان “أولاد زيان” قرب مدينة الدار البيضاء“.
من القضايا التي يعالجها الكتاب مسألة العبيد والإسلام إذ يشير إلى أن الإسلام “إذا كان قد أبقى على الرق فإنه على العكس من ذلك لطَّفَ من هول مؤسسته ودعا المؤمنين بإلحاح إلى عتق عبيدهم”. إنه لم يقض بشكل نهائي على الرق، لكن الشريعة الاسلامية التي رفعت العتق إلى مستوى العمل المبرور، ساهمت في توسيع مجال العتاقة وتحرير العبيد.