توطئة

عرف المغرب خلال بداية الألفية الأولى من القرن الواحد والعشرين حملة علمانية شرسة على أعلام السنة من فقهاء المالكية وأئمة الحديث والصحابة، حيث اتجهوا بسهامهم الطائشة ومعاولهم المفلولة للنيل من أبي هريرة والبخاري وابن عبد البر والقرطبي بعد الهزيمة النكراء التي منوا بـها في قضية “خطة إدماج المرأة في التنمية”. وكان لجريدة “الأحداث المغربية” اليسارية كبر الدعاية لهذا الباطل  من خلال مقالات من القلب إلى القلب، والبحث عن النصف الآخر، والإعلانات الساقطة للاتصال بالسحرة والمشعوذين، وإشهار أرقام الاتصال بنوادي العهر والفجور، باسم الدردشة واكتساب الأصدقاء الجدد.

فمنذ توطدت دعائم الإسلام، وشرقت فتوحاته وغربت، مقوضة صروح الكفر والوثنية، وهادمة عروش البغي والطغيان، يئس أعداؤه من مجابهته يومئذ، فانتقلوا للكيد والتآمر في السر وشمروا عن ساعد الجد وبذلوا كل جهودهم في اختلاق المطاعن والافتراء المبطن. وظهروا بشتى المظاهر، واندسوا في كل الصفوف وتفننوا في الكيد، وتواصوا به واستمر ذلك إلى الآن، وإن خف أواره في بعض الأحيان، فذلك لاستجماع القوى وانتظار الفرص. وتجلى هذا البلاء أكبر ما تجلى في التشيع والرفض. (مقدمة الكتاب للعلامة محمد بن الأمين بوخبزة الحسني، ص: 5)

وكتاب “التشيع والعلمانية بالمغرب والهجمة على السنة النبوية” للدكتور الحسن العلمي والدكتور توفيق الغلبزوري محاولة جادة للرد على افتراءات سليلة البيطار وصنوها الضال الطاعن في أبي هريرة. ويقع الكتاب في 146 صفحة، وقد صدر عن منشورات معهد الغرب الإسلامي-القنيطرة (المغرب)، الطبعة الأولى في يوليوز 2002م، عن طوب بريس.

مضامين الكتاب

يتضمن هذا الكتاب رسالتين في الدفاع عن السنة النبوية، الأولى بعنوان: كشف الأستار عن مخازي العلمانية خديجة البيطار. وخلص فيه المؤلف إلى أن ما تدعيه البيطار من علم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تسورت به هذا المقام في التطاول على أمير المؤمنين في الحديث، وطبيب علله في القديم والحديث إنما هو تخريف وتحريف لنصوص السنة، وضرب للصحيح منها بالضعيف والموضوع، وعجن للأسانيد، وسوء فهم للمتون، وضيق عطن وضحالة علم مع سوء النية.

والرسالة الثانية بعنوان: الجهلة الأقزام يطاولون أئمة الإسلام، كشف فيها المؤلف كثيرًا من الشبهات التي تطاول فيها بعض العلمانيين على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونقلتها.

إنه لم يكن مستبعدا ولا مستنكرا أن يظهر بين الحين والحين في الدول الإسلامية بعد اندحار الاستعمار المسلح، واستفحال الاستعمار الثقافي، وهو أخطر وأفتك، أفراد ممن أفرزتهم مدارسهم، وربوهم على أعينهم، وخلفوهم أوصياء على قومهم ودينهم ولغتهم. فكانوا شر خلف لشر سلف. لم يكتفوا بما ورثوا عن أسيادهم من زور وجهل، بل زادوا كفرا ونفاقا، وانفردوا بألوان من الزيف والبهتان، لم يسبقوا إليها. (مقدمة الكتاب، ص: 6\7)

وقد ابتلي المغرب ببعض هؤلاء الذين درسوا بالأزهر وخلطوا الزيدية واستجازوا علماءهم وتلقوا عن أعلام الروافض واستجازوهم.. ثم عاد بعضهم إلى المغرب بعد أن تشبع بهذا الفكر المريض يحمل مآتم الكتب الشيعية.

وقد ورث نابتة الشيعة والعلمانيين هذا السخف، وخرجوا إلى الاستهانة بالبخاري وصحيحه، والتصريح بوجود الكذب والباطل فيه، وهذا شيء لا عهد لنا به حسب العلامة محمد بن الأمين بوخبزة الحسني، حتى سمعناه ممن تولى كبر زرع بذرة التشيع والرفض بالمغرب، فعليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم الدين.

ولا غرو بعد هذا أن ينتشر التشيع والرفض في هذا البلد، وتفتح مكتبات في بعض مدن المغرب خاصة باستيراد كتب الروافض وبيعها دون سواها. فإلى أهل الحل والعقد و العلماء العاملين، والدعاة الصادقين، أن ينتبهوا لهذا الخطر الداهم، والظلام القادم، ويتداركوا الأمة وهم مسؤولون عنها، قبل أن يستفحل الداء، ويعز الدواء. (مقدمة الكتاب، ص 7\8)

خلاصة

اجتهد الكتاب في إبراز تهافت أدلة هؤلاء الطاعنين على السنة النبوية وأعلامها، وبطلان سخافاتهم القديمة الحديثة، وبوار ما عملته أيديهم، مما لم يقلل من الأمة شيئا غبر عصور الإسلام الطويلة. وإن هذه الطعون التي تتعرض لها الأمة في دينها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم لن تزيد المسلمين إلا صلابة ورسوخا، ويقظة ويقينا بهذا الدين الذي كتب الله له الحفظ والصون، وجعل بينه وبين أعداء الملة أسدادا أن تناله أيديهم بسوء .وذلك بما هيأ له في كل عصر وزمان من أئمة يرفعون أعلام السنة ويقمعون البدعة، ويحجرون رؤوسها في المقامع كلما أطلت من جحورها المظلمة.

ولن يرث الذين سلوا سيوفهم على الأمة الإسلامية في هذه السنين العجاف، والأيام العصيبة من أعداء السنة، وسدنة المكر العالمي الجديد، وعبيده المطيعين، سوى النكد وسوء الذكر على كل لسان، إلى أن يمجوهم الله، أو يتوبوا، والله من ورائهم محيط. (خاتمة الكتاب، ص: 146)