المحتويات
مقدمة
بخَطْوٍ أكيدٍ ورُوح جديد، يُواصل المنتخب الوطني المغربي مَسيرته صوب نهائيات كأس العالم الـمقامة بإمارة قَطر الشقيقة، ويتواصل معه الـحلم المغربي والإفريقي والعربي بالتتويج لأول مرة بالكأس، وتشرأبُّ الأعناق وتُناطح الآمال الجوزاء مُردِّدة خَلف المدرِّب اللامع “وليد الركراكي“، “سير سير نحو النصر والتغيير”.
لقد اجتاز المنتخب الوطني محطّات العبور بكفاءة ومهارة وشُحنة هائلة من عواطف الانتصار، مسنوداً بجماهير غفيرة من المحيط إلى الخليج، دَعماً ودُعاءً ومناصَرةً وانضماماً إلى قافلة “الحُلم” و”الحالمين”، وبِقدر ما شَدَّت هذه الانتصارات المتواليات أنظار الصحافة الدولية والإفريقية والعربية والمحلِّلين والرياضيين والنجوم السابقين، بقدر ما حَـفَّزت طاقة الإبداع الأدبي والشِّعري في الزّجّالين والشعراء المغاربة والمشارقة، فأتَـوا ببديع البيان ويانع المدح والثّناء على أداء المنتخب المغربي، وشجاعة عناصره في التصدِّي والانتصار على أعتى الفُرق العالمية.
وإذ ننتظر بشوق وطَمعٍ مشروعٍ اجتيازَ نصف النهائي بإقصاء المنتخب الفرنسي؛ أحببنا تخليد جانب من النبوغ الشِّعري الذي صاحَب تجربة تنظيم مونديال 2022 بإمارة قَطر، وذاك الذي انخرطَ بِلغة صادقة وبعواطف الانتماء والوحدة في مدح المنتخب الوطني المغربي، باستحضار مقتطفات من بعض القصائد، لجماليتها وقيمتها وأهميتها في دعم مسيرة الحلم المغربي صوب معانَقة اللَّقب.
في مديح العبور.. قصائد عربية ومغاربية
ما إنْ ظَفر المنتخب الوطني المغربي ببطاقة العبور من دور المجموعات، منفرداً بصدارة المجموعة السادسة؛ حتى انهالت التهاني والتبريكات على العناصر الوطنية والمغرب، شعباً وملِكا، وخَصَّ الشُّعراء المغاربة والعرب المغربَ بقصائد مدحية تُسجِّد عُمق الروابط بين الأوطان من الخليج إلى المحيط.
ومن صِنْف ما نُشِر من قصائد في مدح المغرب والمنتخب؛ قول الشاعر الإماراتي مانع بن سعيد العتيبة:
أسودُ الأطلسِ الأبطال فازوا
وكلّ الحب والتقدير حـــــــــازوا
وهذه الرّاية الحمـــراء تعلـــــــــــــو
لها في عَيْــــن رائـــــــيها امْــتــيـــــــازُ
فهذا النّصر أطْربَـــنا جمـــــــــــــيعاً
وثـــــــــارَ بنا لمغربنـــا اعْـــــــــــــــــــــتزازُ
ويَكْـــفي أنْ يُــغنّـــي كلّ حُــــــــر
أسود الأطلس الأبطال فازوا[1]
ومِن العراق، أبدع الشاعر عبد الناصر العكيدي[2] في تهنئته الجميلة لملحمة أسود الأطلس، نقتطف منها قوله:
قِف بالثُّمامةِ واملأ ساحَها زَجَلَا ** وحَيِّ زيّاش ذاك الفـــارسَ البَطَـــــــلا
واهزُج بصوتكَ بالأشعارِ سِفْرَهُمُ ** مِن الرّبـــــاطِ إلى بَــــغداد مُـــرتَــــــجِــــلَا
واكتُب على الرّيح تاريخاً يُسجِّلهُ ** أُسودُ أطْلسَ في الدّوحاءِ مكتملاَ[3]
ولأنّ عائدَ العمل يَقف خلفه جهدٌ جهيد واستماتةٌ وتخطيط، فقد ركَّز الشاعر محمد بن علي إيهوم التناني على مدْح النتائج باعتبارها ثَمرة العمل الدؤوب، فقال:
- وبِـــه رأيتُ أســـــودَ مغرِبنا ارتَقَـــــــوا
فَجَنَوا هناكَ بِجِدِّهم أحْلى الثَّـمَرْ
- كانوا جُنوداً في الوَغـــى فَــــرأيتُهُـــــــــم
كيفَ استَطاعوا دَحْرَ جيشٍ يُعتَبَرْ
- ورأيتُ سَجْدَتَهم بها حـينَ احْتَفــــى
بجمالها الشَّعبُ الـمُشَجِّــعُ وافتَخَــرْ[4]
وأهْدى الشيخ أبو الهدى اليعقوبي قصيدة مُطوَّلة للمنتخب الوطني، نقتطف منه إشادته البادخة في قالب شعري بليغ:
- فريق المغرب امتلَـــكَ الفَــــخارَا
وحازَ الـمجدَ في قَطَرٍ جِهــارَا
- بنَصْرٍ بَـــعدَ نَصْرٍ في كُــــــــــــــراتٍ
بها قد أذْهَــل الدّنيا انـبِهـــــــــارَا
- نجـــومٌ لامِعـــــــــــــــــون لهم مِــــراسٌ
مشاهيرٌ وقَــد جـــــــاؤوا كِـــــــباراَ
- إذا زَأروا سمعتَ لهم هَـــــــــديراً
وإنْ لَعِبـــوا تَرى لهــــمُ اقـــــتِدارَا
- فإنْ هَجَموا فكَالرِّيحِ اهتياجاً
وإنْ رَجعوا فكالسيلِ انْحداراَ
- ولَم يَحْسِب خُصومهم حِساباَ
لَهم فتَفاجئوا وغَدَوا حَيـــــارى[5]
وفي قصيدته الفريدة “العقد الأنفس لأسود الأطلس” المنشورة يوم 9 دجنبر 2022، والتي جاءت على مألوف المغاربة في إتقان المنظومات الشعرية، كَتَب الشاعر محمد الدّشيري يقول:
تحيةَ التقدير للمنتَخبِ ** المغربيِّ مُعتادِ صُنْعِ العَجَبِ
يقودُهم نحو العُلا وَليدُ ** مَن رأيـــــهُ ورَمــــــــــــــــــــــيه سَديدُ
بفوزهم تصدَّروا المجموعةْ ** فأصْبَحَت رُتَبُهم مَرفوعةْ
دِفاعُهم كأنّه سُدودُ ** كُلُّ هــجومٍ عنــــــــــــــــدَهُ مَسدودُ
وفي الانتصارات الأولى ضمن المجموعة الحديدية عبّر الشاعر بما لا مزيد عليه من عبارات الفخر والمدح والمباهاة، يقول عن المنتخب الوطني المغربي:
أذاقَ ثَعالِبَ البِلجيكِ حَرْبًا ** ضَروساً كابَدوا فيها تَبَاراَ
وأخْرَجَهم بإخفاقٍ وحُزْنٍ ** وأوْرَثَهم مَدى الأيام عــــــــــــــارَا
ودوَّخَ لاعِبِي الكرواتِ بَدْءً ** فلَمْ يُطِقِ الـفريقُ له اصْـطِبارَا
ولم يَجدوا إلى المرمى سَبيلاً ** وقَدْ ضَبَط المغارِبةُ الـحصاراَ
وحَقَّقَ بالتّعادُلِ أيَّ نَصْرٍ ** جَنى فيما جَرى منه الثِّــماراَ
وسَلْ كَنَدَا تُجِـبْكَ فَلَم تُفِدْهَا ** أمامَ أُسودِنا خِطَطٌ تُوارَى
أعَدَّوا ما أعَـــدّوا ثمَّ جاءوا ** غِــضاباً يُظْهِرون لــــــــــــــــــنا ازْوِراراَ
فمَـــــالَ عليهُم الأبطالُ مَيْـــــــــــــلاً ** بَعزْمٍ كادَ يَـنْفَجرُ انفـــــــجارَا
وعلى هذا المنوال نسَج الفنان والشاعر الصويري نوفل السعيدي[6] قصيدته الهُمامة في الوله بمفاخر مغرب الكرامة من ملعب الثُّمامة، ومما جاء فيها:
يا مغرب الحبّ يا أنفاس سُنبلةٍ
تَهُزُّها الريح مِن جَدٍّ إلى ولــــــــــــدِ
هذي بلادي أريني بعضَ همّتِها
حتّى أُنَزِّلَ ما في الروحِ مِن حُلُمِ
ألقيتُ شِعْريَ في ذكراكَ مَلْحَمةً
وأصدقُ الشعر مكتوبٌ بلا قَلَمِ[7]
الإثخان في الإسبان والإيغال في عرين البرتغال
استأثرت واقعتا الإسبان والبُرتقيز (البرتغال) بنصيب وافر مِن الغزل والإطراء الشِّعري، وتبارى المدّاحون يصفون حجم التأثير الكبير لفوز المنتخب المغربي على المرشَّحَـيْـن الأوفر حظا للفوز باللقب، فقال الشاعر عبد الرحمن احميداني:
ألا حَيُّــــوا صَناديدَ الرّجالِ ** قَـد هَزموا جنودَ البُرتــــــــــــــــــــغالِ
وَأحْيَوا جِذوةَ الآمالِ فينا ** لنَكْسبَ ما نراهُ من الـمُحالِ
وأبدع في أقْصَر عبارة الشاعر محمد الدّشيري واصفا الهزيمة:
كَتيبةُ الإسبانِ رامَت هَزْمَهُ ** فأخْفَقَت لَمّا اسْتبانَت عَزْمهُ
أخْزاهُـــم البَطل وهْــــــوُ بُونُو ** ذاكَ الذي عَرينَــنا يَـصـــــــــــــــــــــونُ[8]
ومن فلسطين بَعث الشاعر محمد رباح يوم 12 دجنبر 2022 ببيتين أثيرين يُبلِّغهما صحافة البرتغال وساستها ومنتخبها قائلاً:
قل للبُرتغالِ بأنني أسَدُ الفَلا ** لمْ أخْشَ يوماً أو أهابَ لِقاهَا
فأنا الذي شَقَّ السماءَ بعَزْمِه ** وأنا الذي يومَ اللِّقا رَبــــــــــــــــــاهَا
وعن واقعة هَزْم منتخِب لاروخا (إسبانيا)، كتَب الشاعر نفسه ساخراً:
اليومَ عادَت ذكرياتُ حُروبِنا ** وتلاعَــبَ الـعُــــرْبانُ بالإســبانِ[9]
أما الشاعر البليغ الصادق الرّنبوق[10] فصدح ساخراً من نجم منتخب البرتغال إثْر بكاءه متحسِّراً على انتصار لم يحقِّقه كالرجال على نظيره المغربي، فكتب من أعالي طَنجة المغربية قصيدته الأبية:
- أَبْكَيْتُمُ فَرَسَ الرِّهَـــــــانِ عَلَى الْمَــــــــــــلاَ
أَسْقَيْتُمُـــوهُ مِنَ الْهَزِيمَةِ حَــــــــــــــــــــــنْظَـــــــــــلاَ
- يَا بُؤْسَ (رُونَلْدُو) بفِعْـــلِ أُسُودِكُــــمْ
لمْ يَسْتَطِعْ، مِثْلَ الْعِيَالِ، تَحَــمُّــــــــــــــــلَا
- مَا كَانَ يَنْفَعُهُ الصَّفِيرُ لِـ (يُوسُـــفٍ)
بِالنَّصْرِ عَـــــادَ مِنَ الْعُلُوِّ مُكَلَّـــــــــــــــــــــلاَ
- أَحَسِبْتَ (بُونُو) كَالَّذِينَ عَهِدْتَهُمْ
يَتَهَافَتُـــــــــــونَ إِذَا رَأَوْكَ مُهَـــــــــــــــــــــــــرْوِلاَ؟
ومن سوريا المكلومة، تفضّل الشاعر الـمُجيد أحمد إبراهيم السيد بصياغة قصيدتين قيّمتين أقتطع منهما ما له صلة بفوز المغرب على جارَيه الإيبيريين:
حيَّيتُ منتَخباً من الآسادِ ** قد ذكَّرونا طارقَ بن زيادِ
إذْ نازَلوا إيبيريا في مَلْعَبٍ ** سَحَقوا جَناحَيْها برَكْلِ سَدادِ
قد حاوَل الجارانِ لكن فاتَهم ** بونو لهمْ سَدٌّ من البُولادِ[11]
في امتداح المهارات الفردية.. نجوم المغرب تحت مجهر النبوغ الشّعري
أبانت عناصر المنتخب الوطني المغربي عن كفاءة عالية وروح قتالية وانضباط تكتيكي وتجاوُب كبير مع توجيهات المدرِّب ونصائح الطاقم التقني، وأعْطت النموذج في تدبير المقابلات الصعبة منذ دور المجموعات وصولاً إلى نصف النهائي، وبرز الظهير البارع والمدافع الشامخ والهدّاف المحترف والمراوِغ الفنّان وضابط الإيقاع بوسط الميدان، ومنفِّذ الركلات الحرّة بمهارة؛ فكان هذا وذاك مما فتح شهية الشعر لامتداح النبوغ الفردي للاعبين المغاربة، فجاءت قصائد على قدْر الجمال الكروي، نستحضر في هذا السياق قَول الشاعر واصفاً كل بعض اللاعبين:
وامْدح (حكيمي) وقَدِّر بِرَّ والدةٍ // فُؤادُها حَوله للهِ مبتَـــهِلَا
واذكُر مآثِر (للرِّكراكِ) قائدَهُمْ // كيفَ القيادة تُذكي نارها شُعَلَا
كذا (المرابطُ) بالإعزازِ نَذكُرُه // والفألُ فيكَ أيا (بوفالُ) محتفِلَا
وارْفَع لــ(ياسينَ بونو) ألْفَ قــــبَّعةٍ // سِتارُه لعرينِ الأُسْدِ مُنسَدِلاَ
ويُثني الشاعر محمد الدّيسي على آخَرين قائلا:
رَبَّاهُ من أسدٍ قد ذاذَ مَرماهُ ** ياسينُ شُهرتهُ نــــــــــــــــــــــــــارٌ على العَلَمِ
(نصيرُ) (سايِسُ) في صفِّ الدِّفاعِ معاً ** و(أكْردٌ) معهم رغم الألَمِ
على اليمين (حكيمي) لا وُصوفَ لهُ ** قَد جاوَز الوَصْفَ في شعري وفي قَلَمي
(مُرابطٌ) بَطَلٌ سَيْفٌ بمِـعْصَمهِ ** (سَليمُ) سانَدَهُ عِزٌّ أبو الهِمم
(سُفيانُ) قادَ هُجوماً لا حدودَ لهُ ** (زَيَّاشُ) يَصنع مِن شيءٍ ومِن عَدَمِ
و(يُوسفُ) النجم مَن ضاع الخصومُ بهِ ** تُطْربك أهدافه بالرأس والقَــدَمِ
وخَصَّ شاعر المليون، نوفل السعيدي الصويري لاعبَ خطّ الوسط المتميّز سفيان امرابط بقصيدة مُفرَدة، يمتدح فيها مهاراته وأدواره المشرِّفة في الدفاع عن عرين الأسود:
- باسمِ الرّجولةِ باســــــمِ المغربِ الهـــــــــرَمِ
حلَفتُ باسمكَ سُفياناً على الأمــــــمِ
- دافعتَ عن بَلد الشُّجعانِ يا أسَدًا
أُسْمِعْتُها في صُراخ الأرض قبل فَمِي
- إنّ الزّمـــــــــانَ هنا خـــــــــــــــــــارت عَزائمهُ
لـمّا بَدوتَ عــــــــــظيمَ النّفس والشِّيَمِ
- فَدَيْتَ بالأمنياتِ الغاليات هــــــــــوىً
شَعــبا يُرى في جـــبال اللهِ والقِــــــــــــممِ
- بعضُ اسمك اليوم منقوشٌ بأمسِهم
المرابطون أسودَ البحـــــــــــــــــــــــر والأكــمِ
وفي منظومته الجميلة على الطريقة التقليدية للعلماء المغاربة والـحُفّاظ بالكتاتيب القرآنية؛ أبْدَع الكاتب والشاعر محمد الدّشيري في وصْف نجوم المنتخب الوطني المغربي قائلاً:
(أشْرَفُ) مَن شرَّفَ كُلَّ مَغربي *** زياشُ مَن يأتي بكل عَجَبِ
(أمْرَبْطُ) ذاك المُقاتِل العنيدُ *** و(صابِريُّ) الـمُشاكِسُ الشَّديدُ
(أكْرَد) فارسُ الدِّفاع الـمقتدِرْ *** إقدامُه عندَ اللِّقاء مُــشتَهِرْ
ثمَّ (النُّصَيْرِيُّ) الفتى القَوِيُّ *** أهدافهُ يَبقى لها دَوِيُّ
لا أتْرُكُ الخصومَ في ارْتياحِ *** هذا شِعارُ نَجْمنا (أُوناحِي)
(بوفالُ) مَن يُرْقص قلب الملعَبِ *** فيُرْبكُ الخَصْمَ بسِحْر اللَّعِبِ
مُقاوم السَّرِيةِ (الـمـزراوي) *** (أملاحُ) مِلح النُّخبة البيضاوي
ولستُ أنسى التُّحْفَةَ (الزّلزولي) *** وذلك اسمٌ واضحُ المدلولِ
واللاعِبُ الموهوبُ (حَمْدُ اللهِ) *** (عَطِيةُ الله) به نُبــاهِي
(بانونُ) مَن أداؤُه مَرضيُّ *** ثمَّ (اليَـميقُ) الماهرُ الذَّكِيُّ
(بُوخْلالُ) مَنْ قَد أزْعجَ البلجيكَ إذْ *** فَريقُهم بقَذْفةٍ منه نُـبِذْ
وكُلُّ مَن هُم في الاحتياطِ *** جميعهم في قِـــمّة النّــشاطِ[12]
لم يكن لهذه الكفاءات الكروية أنْ تكون في مُستوى الحدث الكُروي العالمي لولا إشرافُ وتدبير المدرِّب المقتدر وليد الركراكي، الذي يتّجه لتنصيبِ نفسه النجم الأوّل للمنتخب المغربي والمدرِّب الذي لا يعلو على اسمه اسم في بطولة كأس العالم لسنة 2022. والرجل بما له من حُظوة ومحبة في أنفس اللاعبين والمشجّعين والشعب المغربي، وبما يُبين عنه من دهاء وذكاء في إدارة مُبارياته ضد كبار أوربا وأمريكا الشمالية؛ فقد كان محَطّ تقدير الشعراء المغاربة والعرب، وحلّاه البعض بأوصاف وعبارات تَليقُ بجهده وتميّزه ونتائجه. منها قول الشاعر محمد الريسي في قصيدته التي صاغها على وزن بحر البسيط تحت عنوان “قِمّة الأسود”:
وليدُ قائدنا والكأسُ غايتنــــا *** حُلْــــــمُ نُحققِّه نعـــــلو على الأمــــــمِ
يا مَغْرِبا وَلَدت أبطالُه صَدَقَتْ *** حَيَّتك كلُّ جموعِ العُرْب والعَجَمِ
فيما حَلّاه الشاعر زكرياء بوسحاب في قصيدته المنشورة بتاريخ 12 دجنبر 2022 بقوله:
- وليدُ هنــا في السّاح منتفــــــــــــــــــــضٌ
خِصاله عدد النّجمات والنَّفَسِ - وإنه الوطنيُّ الذي انْـــــــطلَـــــــــــــــقتْ
كتائبه فوقَ بِساطٍ مِن القُدُسِ[13]
وقال فيه الشاعر أبو الهدى اليَـعقوبي:
وقادَهُــــــم مُدرِّبهـــــــــــــــــم بحَزمٍ *** فأبْدَع في قيادتهِ ابتـكـــــــــاراَ
بَنى بسَواعِد الأبطال مَجْداً *** طَريفاً لم يَكُن أبداً مُــعَارَا
الإطراء على منظومة القيم ورمزيات التلاحم الاجتماعي
نَقلت وسائل الإعلام وقُصاصات الجرائد الإلكترونية أنباءً وأخباراً خاصةّ بكل لاعبي الفريق الوطني المغربي تقريباً، وكانت إشاراتهم عند كل انتصار، وتعانُقهم وأجواؤهم الأخوية وتلاحمهم الاجتماعي وسجودهم الشهير المتكرِّر عقِب كل مباراة يَفوزون بها، وتعلُّقهم بأمّهاتهم، وتَقاسمهم مع الجمهور لحظاتِ مودَّةٍ ورحمة مع أُسرهم وأبنائهم وذَويهم؛ مَحطَّ تقدير وانبهار، تناقلتها الأخبار واعتنت بها الأشعار، فمدحتها وأكْبَرت حُضورها في دوحة العرب، وركّزت بعض القصائد على أخلاق اللاعبين وقِيم الأسرة ومشاعر البهجة برفع علم فلسطين المنصورة بالله، فقال بعضهم:
لهم مِن دينهم نَسَبٌ أصيلٌ ** وفي أخلاقِهم كانـــوا خِيــــاراَ
وعبَّر الشاعر الطّنجي الصادق الرنبوق قائلاً:
- للهِ أَخْلاَقُ الرِّجَالِ إِذَا سَمَـتْ
وَالْخُلْقُ فِيكُمْ يَا أُسُودُ تَرَجَّلاَ
- بِرٌّ بِوَالِـــدَةٍ وَسَجْــــدَةُ شَاكِــــــــرٍ
وَعَزِيمَةٌ تَدْعُــــو الْعَزِيــــــــزَ تَوَكُّلاَ
- وَتَوَثُّبٌ يَسْمُو وَصَفْوُ سَرِيرَةٍ
وَإِرَادَةٌ لاَ تَنْثَــــنِي دُونَ الْعُـــــلاَ
- وَتَوَاضُعُ الْكُبَرَاءِ لَيْسَ بِرَاحِلٍ
حَتَّى يُبَوِّئَ حَامِلِيهِ الْمَنْـــــــزِلاَ
وفي قصيدة صُغرى نَظمها يوم فاتح دجنبر الجاري، عبَّر مُقدِّراً ما رأى من قِيم:
- دُعَاءُ الْأُمَّهَاتِ عَلَى رِضَــــاءٍ
أَشَدُّ مِنَ الْعَسَاكِرِ فِي الْبُنُودِ
- وَسَجْــدَةُ أُسْدِنَا إِذْلاَلُ قَــــوْمٍ
يُسَعِّرُ حُمْقَهُمْ رَمْزُ السُّجُــودِ[14]
وللزَّجل نصيب.. إسهامات بصيغةِ المؤنّث
بعد تأهُّل المنتخب للربع النهائي من كأس العالم، نَظمت الشاعرة والزجّالة امباركة لعروصي قصيدة زجلية بالعامية المغربية تضمّنت عبارات الدعم والمؤازرة لأسود الأطلس، ومما جاء فيها:
العِزّ والنصر لولاد بلادي فالبر والبحر
خمس وخْميس عليهم والله حاضيهمْ
هذه دعوة الرضى بها تلقى الذّهب والفضّة
أسود الأطلس شرفتونا وْخليتوا الخصوم مغْبونة
مجموعة متوازنة متخلّقة ومتواضْعة
سِير سير سير يلقَاك التيسير
كلمة “سير سير” هي مفتاح كل عسير
العالم كلوا واقف يشوف ويتمتّع بعروض فنية
ممزوجة بأهازيج وهتافات قُحّة مغربية
بكلمة سير سير خلِّي لْعدُو يْــحِيرْ
زغرتوا يا المغربيات أُو صلِّيواْ على النّبي
راكم عطيتونا أسود رفعوا رايتنا وعلّاو شَانَّا بْلا حْدُودْ
كُلْشي يْسوّل “شكون هذوا شكون”؟
هَذوا يا سْيادي المغاربة؛
أولاد السِّلم والسلام وهُم أسود هَاذْ الكُون[15]
فيما تَقدّمت الشاعرة لطيفة تقني ابنة مدينة بركان بقصيدة نونية[16] ذكّرتنا بملحمة عمرو بن كلثوم، نقتطف منها قَولها:
- أسودُ الأطلسِ الشمّاخِ فــــازوا
وصارَ الحُلم من فَورٍ يَقيَنـــــــــنــــا
- قِفوا لأُســــــود مغرِبنا وُقـــــــــــــوفـــــا
فقَد أبْلَوا وجَــــــــــدّوا جاهِــــديـــنا
- أسودَ الأطلسِ الشمّاخِ زيدُوا
فقد صارَ الحماسُ بنا رَهــــــينا
خاتمة.. في الاستبشار بمزيد من الانتصار ورفع الكأس في قطر
مع اقترابِ المنتخب الوطني من نهائي كأس العام، يزداد الحماس لتقديم الأفضل، وتتطلع الجماهير لفرصة العُمر، تتويج المنتخب المغربي بالكأس العالمية، وتتصاعدُ وتائر الاستبشار بمزيدٍ من الانتصار، يُعبِّر عنها المدوّنون وناشطو وسائل التواصل الاجتماعي والمغاربة من مختلف الأعمار ومغاربة العالم والأشقاء الأفارقة والعرب والمسلمون، وفي المتن منهم؛ الشعراء، الذين لم يَفتئوا يُذكِّرون باستثنائية الإنجاز التاريخي للمنتخب وفرصته التاريخية في معانقة الـحُلم، ومما طالَعناه من قصائد، أُورِدُ قَول الشاعر محمد بن زنداك الدّشيري في منظومته الآنفة الذِّكر:
وفُرصَة اليومِ أجَلُّ فُرصهْ ** وحِصّة الأسودِ أعلى حِصهْ
فَلْتَمْنَحونا أفضَلَ النّتائجِ ** حتى تَطُولَ مُدَّةُ الـمباهِــــــــجِ
ففَضْلُكم على الشّبابِ والشيوخِ ** سوفَ يكون في القلوبِ ذا رُسوخِ[17]
ويُصرُّ الشاعر محمد الفاطمي الدّبلي بكل وثوق قائلاً:
سنَهزم باستِماتتنا الغُروراَ ** ونكتُب في الفنون لنا سُطـــــــورَا
سنُظْهِرُ مغرِبًا وطَنا جديداً ** به الأحلامُ أخْرَسَتِ العُصورَا
ويَحضّ الشيخ والشاعر أبو الهدى اليعقوبي عناصر المنتخب المغربي بقوله:
فَسيروا يا أسودُ فمَن سِواكُم ** لها كُفْءٌ إذا الإعصارُ مَارَا
فسِيرُوا وارْفَعوا الرّاياتِ حُمْرًا ** تُرَفْرِفُ حيثما الإعلامُ سارَا
فكأسُ العالم الكُبرى أطَلَّتْ ** مُنادِيةً فلا تُطِلِ انْـتِظــــــــــــــــارَا
تُغازِلكم وَوَجْهُ السَّعْدِ أبْدَى ** لَكم مِن ثَغْرِها اليومَ افْــتِرَاراَ
فما أحلاهُ مِن نَصْر وفوزٍ ** لحُلْمِ الكأسِ في يَدنا اسْتَـــــــثارَا
المراجع
[1] القصيدة أطول مما ذكرناه، انظر : https://arabic.rt.com/[2] نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 3 دجنبر 2022
[3] إلى أن يقول: لنْ يَنْسَ ما حَييَ الكرواتُ صَوْلتهم ** والحظّ ساء لدى البلجيك إذْ نَزَلَا
[4] منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 5 دجنبر 2022.
[5] أبو الهدى اليعقوبي في صفحته الرسمية بموقع فيبسوك.
[6] منشورة على الصفحة الشخصية للشاعر نوفل السعيدي بتاريخ 10 دجنبر 2022.
[7] نشر الشاعر قصيدته على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك بتاريخ 10 دجنبر 2022.
[8] بتاريخ 9 دجنبر 2022.
[9] نشر البيتَ في صفحته الشخصية بموقع فيسبوك يوم 7 دجنبر 2022.
[10] نشر الشاعر الصادق الرنبوق قصيدته الجميلة يوم 15 جمادى الأولى 1444، الموافق لــ 10 دجنبر 2022.
[11] منشورة بتاريخ 10 دجنبر 2022.
[12] نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 9 دجنبر الجاري.
[13] https://islamanar.com/support-our-national-team/
[14] طنجة، الخميس 6 جمادى الأولى 1444هـ الموافق لـ 1 دجنبر 2022
[15] منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 6 دجنبر 2022.
[16] نشرتها بتاريخ 6 دجنبر 2022 وجاءت في 18 بيتاً.
[17] منشورة بتاريخ 9 دجنبر 2022.