المحتويات
المولد والنشأة[1]
الفقيه النبيه، الناسك المتصوف، الشيخ الشريف الإدريسي الحسني محمد بن الطيب البوعزاوي أصلا ونسبا وطريقة، الشاوي منزلا ومقاما. ولد في بيت علم وفضل، حوالي 1268ه/1269ه موافق 1850م/1851م، بفرقة أولاد أشبانة/البهالة بأمزاب، نشأ يتيما إذ توفي والده الطيب ولما يتجاوز العاشرة من عمره.
والده هو الفقيه الصوفي الورع مولاي الطيب كان من أهل العلم والمعارف، مشهود له بالخير والفضل والصلاح، وكان أهل الشاوية قاطبة يفزعون إليه عند النوائب، أخذ عن ثلة من علماء فاس منهم قاضي الجماعة عبد الهادي العلوي، والفقيه العلامة المرنيسي والفقيه المدرس سيدي محمد بنسودة وغيرهم.
تعليمه الأولي والعالي
أخذ مترجمنا مبادئ القراءة والكتابة عن والده، ثم حفظ القرآن واستظهر عددا من المتون في الزاوية. ولما اشتد عوده، قدم على الفقيه مولاي التهامي الجبلي الوزاني أصلا، المزمزي دارا ومنشأ، ولازمه بمدينة سطات، وقرأ عليه، وكانت والدة مترجمنا وشيخه مولاي التهامي الوازاني لا يفتران يشجعانه على الاستمرار رغم معارضة بعض أعمامه.
ارتحل شيخنا إلى مدينة فاس في شهر شعبان عام 1294هـ/1877م، وكرع من معين جامع القرويين، وأخذ عن عدد من مشايخها الأعلام، فقرأ عنهم علوم النحو واللغة والتوحيد والحديث والسير وعلوم القرآن والفلك والحساب، ولم يدم مقامه هناك طويلا، حيث لم يتجاوز السنة ليعود إلى بلاد أمزاب حيث كانت تنتظره مهام كبرى.
في هذه الأثناء، تعاطى الشيخ البوعزاوي لمهام كتابية مخزنية، حيث اشتغل كاتبا عند القائد الحاج أحمد العريفي، ولعل قبوله بذلك يبرره مستوى الصداقة التي كانت بين الرجلين، علما أن القايد العريفي خريج القرويين وكان على حظ من العلم والمعرفة. وقد مكنت هذه الوظيفة الشيخ البوعزاوي من ربط علاقات وطيدة مع عدد من رجالات المخزن.
اتخاذ طريق التصوف وتأسيس الزاوية
كانت منطقة الشاوية تعاني من توالي الحركات المخزنية العقابية، فافتقرت إلى الاستقرار، وعاشت اضطرابا أثر على النشأة الأولى لزاويته بالمنطقة، وكانت النتيجة أن تعرضت محاولته الأولى للفشل، مما اضطره إلى الانتقال إلى “أولاد سعيد” وهناك أسس زاويته من جديد، وطاب له المقام شيخا مربيا ومدرسا، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، يلقن أتباعه الأوراد ويرشدهم بالمواعظ، فطار صيته، وانتشر إشعاعه في النواحي المجاورة للشاوية، بل تعدتها إلى الحوز ومراكش وسلا وقبائل أخرى عديدة.
جهاده ضد المستعمر الفرنسي
لمترجمنا تاريخ حافل بالبطولات والجهاد ضد المحتل الفرنسي أثناء احتلاله الدار البيضاء وأحوازها في العشر الأولى من القرن العشرين، حيث حشد مريديه وأتباعه، وجمع تحت لوائه عددا من أبطال قبائل الشاوية أمثال القائد العربي ولد الحاج الحفيان، والقائد محمد بن عريب، والقائد محمد بن المعطي الجميلي الشاوي، وعبد القادر بن الحاج بوعزة، والحاج محمد بن الحسين، ومحمد بن بوشعيب، ومحمد ولد الحاج عامر، ومحمد بن الحوزية وغيرهم ممن يشهد لهم بالشجاعة والإقدام.
حلاه صاحب “الإعلام” بقوله: “.. كان الشيخ متقشفا في لباسه وفي فراش داره وطعامه، لا يلبس الكساء، ويقتصر على لبس الجلابة، جاعلا رداءه على كتفه…”. وقال عنه الباحث الفرنسي E.MEGE في دراسته المفصلة حول قبيلة أمزاب: “إن الشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي كان خارق الذكاء وله تكوين علمي فائق”.
آثاره العلمية
خلف الشيخ البوعزاوي عددا من الرسائل منها:
- “المريد في منهل أهل التجريد”.
- “النحو المطلوب في شمائل النبي المحبوب”.
- “الإنتصار بالله في قول لا إله إلا الله” وهي رد على الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني شيخ الطريقة الكتانية.
- “الدروع الواقية في الابتهالات الراقية”.
وقد توفي مترجمنا –رحمة الله عليه- بمراكش وبها دفن سنة 1332هـ/1914م.