المسار التاريخي لتقنين الصحافة في المغرب

صدر أول قانون للصحافة بالمغرب في 15 نونبر 1958 بمقتضى ظهير شريف رقم 1.58.378 بشأن قانون الصحافة موقع من قبل حكومة أحمد بلافريج، وهو قانون صدر قبل صدور أول دستور للملكة وقبل وجود البرلمان، يتضمن ثمانين فصلا مقسمة إلى خمسة أبواب، ليمتد مسار التغيير والتعديل والتصويب في محطات سنوات 1959، 1960، 1962 ثم تعديل 10 أبريل 1973[1].

واستمرت التعديلات حتى سنة 1974 وبقيت على حالها حتى عام 2002 ليتغير اسمه إلى قانون الصحافة والنشر يحمل رقم 77.00 الصادر في 03 أكتوبر 2002، المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.58.378 الصادر في 15 نونبر 1958.

وفي سنة 2007 تم تقديم مشروع جديد للصحافة والنشر إلى الأمانة العامة للحكومة غير أن مسطرة المصادقة عليه لم تتم بالشكل المطلوب، ليتم التسريع بها مباشرة بعد إقرار دستور 2011 وما تضمنه من توسيع مجال الحريات وتشجيع التنظيم الذاتي والديمقراطي والمستقل لمهنة الصحافة، وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، حيث تم في يناير 2012 فتح حوار مع المهنيين من قبل الحكومة، وتم توسيع المشاورات لتحيين مسودة 2007 وفق مستجدات دستور 2011 [2].

وتقرر في أكتوبر 2012 تعيين اللجنة العلمية للحوار والتشاور حول مشروع مدونة الصحافة والنّشر برئاسة محمد العربي المساري، والتي أنهت عملها بعد أكثر من سنة من الاشتغال وذلك في سنة 2013، وخلصت اللجنة إلى نتائج تم تضمينُها في ثلاثة مشاريع قانونية تحت اسم “مدونة الصحافة والنشر”، والتي تضم: القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، والقانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون رقم 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة.

وفي 23 دجنبر 2015 تمت المصادقة من قبل مجلس الحكومة على مشروع قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، ليتم إحالته من قبل الحكومة على مجلس النواب يوم 04 فبراير 2016، لتتم المصادقة النهائية عليه من طرف المجلس بالإجماع يوم 26 يوليوز 2016 ليصدر في الجريدة الرسمية يوم 15 غشت 2016. ويرتكز قانون الصحافة والنشر الذي ينظم قطاع الصحافة بالمغرب على ثلاثة قوانين أساسية، وهي: مدونة الصحافة والنشر وقانون المجلس الوطني للصحافة ثم النظام الأساسي للصحافيين المهنيين.

مدونة الصحافة والنشر

يحدد قانون رقم 88.13 للصحافة والنشر، الذي يحتوي على 126 مادة، القواعد المتعلقة بممارسة حرية الصحافة والنشر والطباعة مع مراعاة أحكام قانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري وعلى الخصوص شروط ممارسة الصحافة حقوق الصحافيات والصحافيين والمؤسسات الصحفية وضمانات ممارسة الصحافة ولاسيما مبدأي الحرية والتعددية اللذان يكفلهما الدستور والالتزامات الواجب مراعاتها من قبلهم[3].

ويحدد القانون القواعد المنظمة لأنشطة الطباعة والتوزيع والإشهار المرتبطة بالصحافة والنشر، وكذا القواعد المتعلقة بالحماية الخاصة لبعض الحقوق واختصاص، وتحديد المحاكم والمساطر المتبعة أمامها إضافة إلى القواعد المتعلقة بأخلاقيات المهنة[4].

المجلس الوطني للصحافة

يحدد قانون رقم 90.13 المجلس الوطني للصحافة على أنه هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويشمل نطاق اختصاصها الصحفيين المهنيين والمؤسسات الصحفية، ويعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف مهنة الصحافة وعلى تقيد الصحافيين المهنيين والمؤسسات الصحفية بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها والسهر بوجه خاص على ضمان حق المواطن في إعلام متعدد وحر وصادق[5].

وحسب ما ورد في القانون المؤطر للمجلس فإن من مهامه أيضا ضمان الحق لكل صحفي في الإعلام أو التعليق أو النشر مع احترام مبادئ وأخلاقيات المهنة، والعمل على تطوير حرية الصحافة والنّشر والارتقاء بهذا القطاع، وكذا تطوير الحكامة الذاتية لقطاع الصحافة والنشر بكيفية مستقلة وعلى أُسس ديمقراطية.

وتحدد المادة الثانية من القانون المهام المنوطة بالمجلس في التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر،ووضع نظامه الداخلي الذي يصادق عليه بنص تنظيمي، مع وضع ميثاق أخلاقيات المهنة يدخل حيز التطبيق بعد مصادقة المجلس عليه ونشره بالجريدة الرسمية والسهر على تنفيذه.

ويعمل المجلس حسب نفس المادة على وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها، والسّهر على ضمان احترام المهنيين لها، ومنح بطاقة الصحافة المهنية مع ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار.

ويشتغل المجلس كذلك على تتبع احترام حرية الصحافة، والنّظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحافيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية، وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها.

ويشتغل المجلس على إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، وكذا في جميع القضايا المعروضة عليه من لدن الإدارة، مع اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيله وتحديثه، وإعداد الدراسات المرتبطة بقطاع الصحافة والنشر.

ويساهم المجلس في تنظيم التكوين المستمر لفائدة الصحفيين وغيرهم من المستخدمين العاملين في قطاع الصحافة والنشر، وإقامة علاقات تعاون وشراكة مع الهيئات الوطنية أو الدولية التي لها نفس الأهداف قصد تبادل الخبرات والتجارب في ميدان الصحافة والنشر.

النظام الأساسي للصحافيين المهنيين

أما القانون الثالث، فيتعلق بالقانون رقم 89.13[6] الذي يحدد تعريفات تهم معاني الصّحافي المهني المحترف، والصحافي الحر، والصحافي المتدرب والصحافي الشرفي (الباب الأول، المواد: 1-2-3)، ويتحدث عن أحكام خاصة بعمل الصحافي المهني (الباب الأول، المواد 4-5)، وكذلك ما يتعلق ببطاقة الصحافة المهنية من خلال (الباب الأول، المواد من 6 إلى 25،)، فيما خصص الباب الثاني للصحافي المهني المُعتمد،وذلك من المادة 26 إلى المادة 29.

المراجع
[1] سعيد أهمان، قوانين الاعلام بالمغرب: من مدونة الصحافة للنشر إلى أخلاقيات المهنة، أكادير سيرفيس، ط: 1، ص6.
[2] سعيد أهمان، قوانين الاعلام بالمغرب: من مدونة الصحافة للنشر إلى أخلاقيات المهنة، مرجع سابق، ص 7.
[3] قانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، نشر بالجريدة الرسمية عدد 6491، 11 ذو القعدة 1437 (15 غشت 2016) ص: 5987-5966.
[4] قانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، نشر بالجريدة الرسمية عدد 6491، مرجع سابق، (أحكام عامة).
[5] قانون رقم 90.13 القاضي باحداث المجلس الوطني للصحافة، نشر بالجريدة الرسمية، عدد 6454، 7 أبريل 2016، ص 2961-2969.
[6]- القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، نشر بالجريدة الرسمية، عدد 6466، 19 ماي 2016، ص 3849-3853.