تقديم كتاب “معالم من التراث الثقافي لمدينة مراكش”

توطئة

مراكش؛ المدينة الساحرة، وتعتبر واحدة من أبرز المدن السياحية في العالم. تشتهر مراكش بمزيجها الفريد من الثقافة والتاريخ والجمال الطبيعي، حيث تضم العديد من المعالم السياحية البارزة مثل ساحة جامع الفناء، والمدينة القديمة المحاطة بأسوارها الرائعة، وجنان ماجوريل الخضراء، ومركباتها الأثرية مثل: قصر الباهية وقصر البديع. تشتهر المدينة أيضًا بأسواقها الرائعة، حيث يمكن للزوار استكشاف مجموعة متنوعة من المنتجات المحلية والحرف اليدوية، بالإضافة إلى ذلك، تتميز مراكش بطهيها اللذيذ والمتنوع، وتقدم مجموعة متنوعة من الأطباق المغربية التقليدية.

إن التعريف بمعالم من التراث الثقافي لمدينة مراكش، إحدى انشغالات الباحث محمد فخر الدين الذي استهواه عبق وجمال مراكش وسحرها، واهتمامه بالتراث الشعبي وتحسيس الناشئة بأهمية التراث بشكل عام والتراث اللامادي للمدينة الحمراء.

والكتاب “معالم من التراث الثقافي لمدينة مراكش” يحاول بشكل تبسيطي عرض معالم تراث الحمراء سواء من خلال التعريف ببعض من تاريخ مراكش ومآثرها وأسوارها وأبوابها حدائقها ومساجدها وأوليائها وساحاتها. وكذلك الحديث عن الحكايات التي تداولتها الألسن سواء ما كان يروي في الساحة أو ما كان يروى داخل البيوت خاصة من طرف راويات مبدعات…

تقديم الكاتب

الباحث المغربي الدكتور محمد فخر الدين القاسمي، أحد المتخصصين والمهتمين الخبراء  بالجانب التربوي للتراث اللامادي، فقد كان منسقا لخلية البحث التربوي والتربية على التراث التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش من 2004 إلى 2009، التي اشتغلت على التعريف بالتراث المحلى وتحسيس المتعلمين بقيمته داخل المؤسسات التعليمية مع الأخذ بعين الاعتبار غنى الجهة بالتراث الثقافي والطبيعي ضمن منظور تربوي شامل يعتبر الاهتمام بالتراث سبيلا من سبل تحقيق جودة التعليم وتنميته في تربته الحقيقية وتقريبه من المتعلمين. وهو حاصل على دبلوم من كلية علوم التربية تخصص منهجية تدريس اللغة، ودبلوم الدراسات العليا في السيرة الشعبية العربية في موضوع: “سيف بن ذي يزن”، ودكتوراه الدولة في الحكاية الشعبية المغربية في موضوع: “البنية السردية والمتخيل. ومن مؤلفاته: “الريح الشتوية لمبارك ربيع اللغة والسرد و المتخيل (1998 م)، “أوراق لعبد الله العروي بين السيرة والسيرة الذاتية” (1999م)، “دفاعا عن الحكاية الشعبية” (2002م)، “ديوان في الشعر الشعبي” (2002م)، “موسوعة الحكاية الشعبية” (2005م)، “الحكاية الشعبية في دكالة” (2009 م)، “معالم من التراث الثقافي لمدينة مراكش” (2011م)، “سيرنا الشعبية العربية” (2013م)، “سلسلة حكايات من التراث الشعبي المغربي لأطفال المرحلة العمرية 9 سنوات” (2007م)، “سلسلة حكايات من التراث الشعبي المغربي لأطفال المرحلة العمرية 6 سنوات” (2013م)، “سلسلة  قصص الأطفال أجيال ابتداء من 4 سنوات” (2013م)، “الحكاية الشعبية المغربية؛ بنيات السرد و المتخيل” (2014م)، “دراسة في خراريف الامارات” (2014م)، “المتخيل في الحكاية الشعبية” (2014م)،” الأمثال الشعبية المغربية” (2016م).

وبتاريخ 15 يونيو 2023م تمت مناقشة، ب”المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث” أول دكتوراه في علوم الآثار والتراث، شعبة الأنثروبولوجيا والتراث غير المادي والتي تقدم بها الباحث محمد فخر الدين.

اشتغل محمد فخر الدين في عدة وظائف: كأستاذ في التعليم الثانوي – وأستاذ مكون في مدرسة تكوين أساتذة التعليم الابتدائي. ويشتغل منسقا للبحث التربوي والتربية على التراث بأكاديمية مراكش آسفي، وعضو المجلس الإداري لمركز التنمية لجهة مراكش آسفي، وهو ايضا أستاذ جامعي ومدرس بمركز المهن للتربية والتكوين بمراكش،و رئيس جمعية القواسم للتنمية والثقافة بالجديدة.

مضامين الكتاب

إن الحكايات الشعبية ومواد التراث والتاريخ التي أفرزها التاريخ الثقافي للشعب المغربي تقدم مادة غنية حري بالمؤسسات العلمية والمعرفية خاصة في المدن التاريخية والتراثية والعلمية أن تهتم بها أكثر، وأن تفرد لها شعبا وكراسي علمية وفرق بحث في ضمن مقاربة جديدة متسلحة بعلوم كالتاريخ والأنثروبولوجيا وعلم النفس وعلم الجمال وعلوم اللغة والأدب الشعبي والتواصل…

ويظهر في هذا الكتاب إدراك مؤلفه لأهمية الحكاية كوسيلة تربوية وكجزء من التراث اللامادي الذي يمكن المحافظة عليه وتوظيفه في التواصل مع أجيال المقبلة لنقل قيم الحداثة وحقوق الإنسان والإنصاف لأنها أقرب إلى نقوس المتعلمين.

فمراكش بالنسبة للمؤلف بلد الحكاية والتراث، فهناك حيث تحط الحكايات رحالها بين النخيل كما تحط في أزقة المدينة الضيقة على أقوام الصناع التقليديين. فلا تقف الحكاية عند الممارسة الكلامية بل تتلقفها الأشياء المصنوعة، فكل شيء يٌعرض على ضفاف الدكاكين الصغيرة يحكي حكايته الخاصة ليتجمع هذا الحكي عبر أبواب أسواق – السمارين – ليلتقي هذا الحكي جميعا بحكي ساحة جامع الفنا حيث يتداول الرواة الشعبيون حكاياتهم البهيجة الخيال وهم يتلقفون مخيلة الزائرين ليسبحوا بهم في هذه العوالم المليئة بسذاجة الطفولة والبطولة حيث يصير حق الحلم حقا طبيعيا وعفويا… هنا وهناك تنتشر الحكاية وتتناسل لتعبر عن هذه المدينة الجميلة، تكاد تخرج بين الدروب بألوان شخصياتها المتعددة ومهنهم المختلفة لتنقل شيئا واحدا هو هذا العالم الساحر الذي هو عالم الحكاية… عالم مليء بالحلم حيث كان يمتح الأطفال – مراكشيتهم – من هذا الكلام الجميل والتحيات العابرة والعبارات المجازية…

يتضمن الكتاب قسمان:

• القسم الأول: يعرف بأهمية التربية على التراث بشكل عام والحكاية في تعريف الناشئة بأهمية تراثهم، قيمة الحكاية كجزء من التراث الشفهي اللامادي، الحكاية وثقافة الطفل، الحكاية وتنمية قيم السلوك المدني.
• القسم ثاني: يعرض بشكل تبسيطي لنشأة مدينة مراكش وبعض مآثرها التاريخية ويتوقف عند ذاكرة الساحة، وبعض من تاريخ مدينة مراكش، وأسوار مدينة مراكش وأبوابها، وحدائق المدينة، ومساجدها وأسواقها

كما تناول في الكتاب  بعض الحكايات الشعبية التي جمعت في مدينة مراكش في فترات متفاوتة، والتي يمكن توظيفها في أوراش التحسيس بأهمية التراث الشفهي والحكاية في ساحة المؤسسات التعليمية ك: حكايات من ساحة جامع الفنا، الصلاة على النبي، حكاية محمد البدوي، حكاية رزق السماجا، حكاية المعلم الحداد، حكاية المعلم الكفايتي والسلطان، حكايات ولد السلطان واختو. إضافة على حكايات شعبية من سرد نساء مراكش ك: ذياب، الرجل العاقر، سيدي محمد الشريف، زرقة مرقة، سميمع الندى، سكين الهند، الجازية بن منصور، الفاهمة، ولد السلطان وختو، شارف و عارف، القنديل، الطير المغني، حمان بن عمر، مش اغنين، البنت وخوتها الطلبة.

خاتمة

هذا الكتاب احتفاء ببعض من تراث مراكش، ذلك التراث الذي أنشأ نساء ورجالا و أمتعت حكايات ساحته أطفالا وأغنت المخيلة الجماعية للمراكشيين والمراكشيات. وهذا التراث الثقافي يحتاج الآن إلى من يحسس الناشئة بقيمته ويحميه من الضياع الذي يتهدده باعتباره جزءا من التراث الثقافي الوطني والإنساني. إن هذا التراث هو أثمن من كل الكنوز لذلك تحتاج الى الحفاظ عليه وادراجه في مناهجنا التعليمية… لأن أطفالنا من حقهم أن يمتحوا من حليب الحكايات ومن دفئها، وأن يجدوا في عوالمها طريقهم، و في كلماتها لغتهم، مما يساعدهم على النضج وتمثل القيم وإدراك العالم المحيط بهم إدراكا صحيحا… إن هذه الحكايات غنية بسرودها وما تتضمنه من قيم وأخلاق جميلة برموزها وأخيلتها، ممتعة بعوالمها وما تختزنه من حنين وذكريات الأزمنة والأمكنة.