المحتويات
بين يدي التقديم
يزخر القرآن الكريم بالحديث عن أهل التقوى والإيمان، وسماهم بمسمّيات عديدة، فهم تارة (المؤمنون)، وقد خصهم بسورة كاملة بهذا الاسم من 119 آية، ذكر فيها عشر صفات، ستًّا في مطلعها، وأربعاً في منتصفها.
وهم (عباد الرحمن) كما في أواخر سورة الفرقان الآيات 63-77، قدّمهم بصفات مرتّبة بلغت إحدى عشرة صفة، هي بمتابة علامات على الطريق، وصوى هداية لكل راغب في أن يسلك مسلكهم وينتهج منهجهم.
وهم (الذين اتقوا) أو (المتقون) كما في سورة آل عمران الآيات (15-17) و(133-136). وعددها على التوالي ثمان صفات ثم ست صفات.
وبالرغم من الاختلاف الحاصل بين هذه التسميات الثلاث على مستوى اللفظ، وذلك تبعا لجذر كل كلمة على حدة، إلا أنه يمكن القول أنها تنتمي إلى حقل دلالي واحد، تتقارب جميعا في المعنى، وتتقاطع في الدلالة. وقد توقف عدد من الدارسين والمفسرين والعلماء عند هذه الصفات، واستقصوا ورودها في القرآن الكريم، وتدّبروا معانيها وسياقاتها، ورتبوها ترتيبا يقرّب فهمها، ويساعد على تمثلها من أجل الفوز بأجر الاتصاف بها. فكانت في معانيها كتب نذكر منها: من صفات المؤمنين في القرآن الكريم للشيخ أحمد فتح الله الجامي – تذكير المسلمين بصفات المؤمنين لعبد الله بن جار الله – صفات المؤمنين في القرآن الكريم لصالح بن غانم السدلان – البلاغة القرآنية في آيات صفات المؤمنين لهند بنت جميل صالح نايتة. وأخيرا: صفات المؤمنين في القرآن الكريم للدكتور محمد أمحزون موضوع هذا التقديم.
تقديم الكاتب
الأستاذ الدكتور محمد أمحزون، أستاذ التاريخ الإسلامي الوسيط بكلية الآداب جامعة المولى إسماعيل. حصل على البكالوريوس من جامعة الملك سعود سنة 1401هـ ـ 1981م .وعلى الماجستير من نفس الجامعة سنة 1404هـ ـ 1984م. وعلى الدكتوراه من جامعة محمد الأول بوجدة بالمغرب سنة 1409هـ ـ 1989م. عمل أستاذاً زائراً في جامعة الإمارات العربية بمدينة العين سنة 1997م. وأستاذاً زائراً في جامعة الشارقة سنة 1999م.
له مؤلفات عدة: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثيــن (مجلدان) ط3، 1998م – المدينة المنورة في رحلة العياشي (دراسة وتحقيق)، 1998م – أعلام النصر المبين في المفاضلة بين أهل صفين (دراسة وتحقيق)، 1998م – تاريخ العلاقات الشيوعية الصهيونية، 1995م – منهج دراسة التاريـــخ الإسلامـــي، 1996 – تاريخ بلدة خنيفرة (تحقيـــق)، 1986م – منهج النبي ﷺ من خلال السيرة الصحيحة، 2002م – حقيقة الإيمان، القاهرة: 2006م – أبحاث في الدعوة والتاريخ والاجتماع، 2008م – العولمة بين منظورين، 2008م – النهضة بين الحداثة والتحديث: قراءة في تاريخ اليابان ومصر الحديث، 2008م – الفرق الباطنية: المنهاج والتاريخ، 2008م – السنن الاجتماعية في القرآن الكريم وعملها في الأمم والدول (3 أجزاء) 2009م.
وفي مجال الدراسات القرآنية نذكر: تدبر القرآن الدلالات والمقاصد – المصطلحات في القرآن الكريم المعاني والدلالات – صفات المؤمنين في القرآن الكريم.
فضلا عن عدد من المقالات المنشورة في مجلة البيان الصادرة عن المنتدى الإسلامي بلندن. ومشاركته في العديد من الندوات والأبحاث العلمية والإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
تقديم الكتاب
صدر كتاب “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” في طبعته الأولى عن دار ابن كثير في سفر واحد من 263 صفحة، وهو من مقدمة وخمسة فصول. في المقدمة بيّن الكاتب مفهومي الإيمان والعمل الصالح، واعتبرهما رصيد المؤمنين، وخير زادهم ليوم الدين. ثم عرض المجالات الخمسة التي سيحدد فيها صفات المؤمنين وهي: مجال العقيدة، مجال العبادات، مجال المعاملات، مجال أعمال القلوب ومجال الأخلاق، وخص كل مجال بفصل.
- الفصل الأول: (صفات المؤمنين في مجال العقيدة) وفيه ستة عشر مبحثا، تعقب من خلالها الكاتب الصفات الواردة في حقهم في القرآن الكريم، نذكر منها: إسلام الوجه لله تعالى – الإيمان باليوم الآخر – الإيمان بأركان الإيمان – إفراد الله تعالى بالولاء – ترك الشرك – ترك أصول المفاسد والتمسك بأصول المصالح.
- الفصل الثاني: (صفات المؤمنين في مجال العبادات) وفيه تسعة عشر مبحثا خصها للصفات ذات الصلة بهذا المجال، ومنها على سبيل المثال: المحافظة على الصلاة في وقتها – إيتاء الزكاة – صيم الفرض والتطوع – أداء مناسك الحج – إتباع النبي ﷺ – قيام الليل…
- الفصل الثالث: (صفات المؤمنين في مجال المعاملات) وهو من تسعة عشر مبحثا، وهو أطول الفصول، ذكر فيه الكاتب صفات من قبيل: العدل في القول – صلة ما أمر الله به أن يوصل – بر الوالدين – مخالقة الناس بخلق حسن – أداء الأمانات – الوفاء بالعقود – الإنفاق بكثرة في سبيل الله… وقد خص هذا الفصل بفقرة لكل صفة تحت عنوان (ومجمل القول) يعيد فيها تقديم الصفة باختصار شديد.
- الفصل الرابع: (صفات المؤمنين في مجال أعمال القلوب) مهد له بمفهوم القلب وأعمال القلوب وأهميتها القصوى، ثم فصل في الحديث عن صفات هذا المجال ومما ذكر: الصدق – الإخلاص – اليقين – اليقين – الرضا – المحبة. ثم ختم الفصل بخلاصة.
- الفصل الخامس: (صفات المؤمنين في مجال الأخلاق) وفيه ستة مباحث وتحت كل مبحث عناوين تفصيلية أو فرعية، ومن الصفات التي أوردها الكاتب في هذا الفصل: العناية بالخصال الحميدة – التعاون على البر – الصدق في النية والقول والعمل – الكلام مع الناس بحسن الأدب – خلق الوفاء والعفة – خلق العفو والصفح.
أما الخاتمة فذكّر فيها بالغاية من خلق الإنسان، وأن الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم إنما «جاءت بهدف بناء الإنسان الصالح للوصول به إلى أعلى درجات الكمال البشري» وأن التغيير الإيجابي في المجتمعات الإسلامية ينبغي أن يكون على المنهاج الذي سار عليه الرسل والأنبياء..
على سبيل الختم
إن القرآن الكريم كتاب هداية، ومنهج حياة، فيه ما يحتاج إليه البشر في عقائدهم وأخلاقهم وعباداتهم ومعاملاتهم: المدنية، والجنائية… وهو معجزة مستمرة في العالمين ما بقي الليل والنهار، وسيبقى تعامل العلماء والمفسرين والمربين مع درره وجواهره تعاملا لا يلغي بعضه بعضا، بل يسنده ويقويه، لأنه لا يذهب بذهاب الأيام، ولا تنقضي عجائبه وأسراره.
وما كتاب “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” إلا لبنة في صرح الدراسات والأبحاث ذات الصلة بهذا الكتاب المعجز، الذي لا عدّ لفضائله، وعلومه ومباحثه وفوائده، وجواهره التي يقيض الله تعالى لها كل حين من يظهر ما كان خافيا منها، فهو كما قال الشاعر:
يزيدك وجهه حسنا *** إذا ما زدته نظرا